لفتني مشهد في العمل الدرامي السوري"ذكريات الزمن القادم"، تبدو فيه إحدى شخصيات المسلسل حاسرة الرأس، وسط شارع مزدحم حتى الاختناق بنساء محجبات. ما جعلني أطرح سؤالاً حول هذه الدراما التي وصلت الى أبعد حد من التماهي مع الواقع في أعمال عدة مثل"أبناء القهر"و"عصر الجنون"و"قتل الربيع"، فيما لا تزال بعيدة جداً من الواقع من ناحية تظهير نسبة المحجبات في مجتمع كالمجتمع السوري تشكل المحجبات الغالبية العظمى من تركيبته، فيما تغيب في شكل كامل عن مسلسلاته التي من المفترض انها تنقل الصورة الحقيقية. قد يكون العذر الأقرب الى المنطق، بالنسبة الى المؤلفين والمخرجين، هو أنهم لا يريدون الدخول في متاهة يصعب الخروج منها. فإذا كانت المحجبة في المسلسل هي إحدى الشخصيات السيئة سيُتهمون بتشويه صورة الحجاب، واذا تعمدوا وضعها في قالب الشخصية المثالية سيبدو الأمر أشبه بالمجاملة، والابتعاد عن الواقع كما يتم تصوير القبطي في الدراما المصرية كشخصية مثالية معصومة عن الخطأ بغية عدم إثارة المشكلات مع الأقباط. إلا ان الحقيقة ان المحجبات والأقباط فيهم الصالح والطالح. المسلسل المذكور،"ذكريات الزمن القادم"، يبدو للوهلة الأولى أفضل من غيره في هذه الناحية. إذ ان احدى شخصياته هي فتاة محجبة تؤدي دورها الممثلة سلافة معمار، ولكن لنتابع ما سيحصل مع هذه الشخصية": فهي شقيقة لشاب من عبدة الشيطان، يأتي الى بيروت ليمارس طقوس عبادته الشاذة فبيروت - للأسف - لا تزال في نظر كثير من الأخوة المصريين والسوريين مرتعاً للانحراف الأخلاقي، ليتضح لنا في نهاية المسلسل ان والدهما مشغول دائماً بعمله، في دولة الإمارات، في جمع المال لهما ولزوجته التي لا همّ لها سوى لعب الورق مع"شلة"من صديقاتها. وليتضح لنا، وكما يريد المخرج أن يفهمنا، ان الحجاب، كعبادة الشيطان عذراً عن التشبيه، كلاهما إسراف في المغالاة والتطرف، ناتج من سوء في التربية ومن إهمال من الوالدين! فهل يتم إدخال الحجاب في الدراما العربية مستقبلاً؟ وهل يتم تصحيح صورة المحجبة كشخصية ليس من الضروري أن تكون مثالية، ولكن من غير ان تكون قليلة التربية؟ لبنان - مهدي محمد علي زلزلي