إستراتيجي مصري ل«عكاظ»: اقتحامات «بن غفير» للأقصى رسالة رفض لجهود السلام    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة خطية من رئيس روسيا الاتحادية    «الإحصاء»: إيرادات «غير الربحي» بلغت 54.4 مليار ريال ل 2023    اختتام اعمال الدورة 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في البحرين    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    السعودية وكأس العالم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    حلاوةُ ولاةِ الأمر    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الصادرات غير النفطية للمملكة ترتفع بنسبة 12.7 % في أكتوبر    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غسان مسعود ل«ثقافة اليوم»: الفن تجارة الأحلام.. ومن يدعي الثقافة لا يرفض الأعمال البدوية!
يكشف عن اسم عرضه المسرحي القادم ويعد لفيلم عالمي جديد
نشر في الرياض يوم 14 - 10 - 2010

يصمتُ طويلا، إلا أنه يختار بحكمةٍ، لمن ومتى وكيف يتحدث. في هذا الحديث، نتنزه في حدائق غسان مسعود الثلاثة؛ ندخلُ عوالم النجم السوري؛ نخوض معه نقاشا في صلب الحركة الدرامية السورية والعربية؛ دون أن نتخلى عن حقنا في معرفة جديدهِ في المسرح والسينما؛ حيث يكشف لأول مرة عن عنوان مشروعه المسرحي الجديد؛ ويعد "ثقافة اليوم" بأن تُعلن عن مشاركته القادمة في السينما العالمية. معلقاً في هذا الحوار على من انتقدَ خوضهُ تجاربَ في الدراما البدوية وهوالمجسدُ - هذا الموسم - بطولة مسلسل (أبواب الغيم). وحول محاور تمس مباشرةً "صلاح الدين الهوليودي" بدأنا الحديث مع غسان؛ على فنجاني قهوةٍ من قلب مدينة الياسمين.. دمشق:
صدفة مدبرة!
* هل هي صدفة أن ألتقيك في مقهى شكسبير وأنت الممثل المسرحي الذي قدمت أعمالا كثيرة من التراث المسرحي العالمي؟
- لا بالطبع. أنا انتمائي الأول والأخير هوالمسرح. وتاريخي الحقيقي هوفي المسرح، سواء في التدريس أوالتمثيل أوالإخراج أوالكتابة. أنا رجل مسرح بالدرجة الأولى وتاريخي فيه، وكلما عداه .. زيارات لأماكن أخرى في الدراما؛ وبالتالي لك أن تتخيل علاقتي بالمسرح. أما هل هي صدفة أن نلتقي في مقهى شكسبير..؟ أبدا ليست صدفة، لأني كنت ولا أزال أنتمي إلى هذه الرمزية، فنيا والتي تعني ما تعنيه على مستوى الفن والدراما والمسرح عموما.
أيضا، بعد انتمائي لدمشق، تاريخيا وحضاريا وإنسانيا وثقافيا ووجدانيا؛ داخل دمشق يكون انتمائي لمقهى شكسبير، انتماء روحيا ونفسيا؛ لأن شكسبير يمثل لي ما يمثل.
لا أستطيع بيع هويتي لابتكار هوية جديدة في هوليود!
عندما فتحت عيني على دنيا الفن كان أول ما رأيت وتعاملت ، مع شكسبير وأمثاله من تشيخوف ومليير وصولا إلى رسيين وكرنيه. كل رموز المسرح العالمي الكبار؛ بدأت حياتي المهنية معهم ولا أزال مرتبطا معهم.
* ولكن أنت منذ زمن لم تقدم مسرحا؟
- ليس منذ زمن بعيد، في دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008، قدمت مسرحية لتينيسي وليامز في دار الأوبرا السورية بعنوان "عربة ترام اسمها الرغبة". ولكن مع ذلك، قد أوافقك الرأي أنني مقل.
* ما أقصده، أنه كان لديك مشروع مسرحي؟
- ولا يزال، بين يدي. هذا هو المشروع وأكتب فيه حاليا (يفتح ملف أوراقه ويقرأ العنوان المكتوب بخط يده)؛ اسم المسرحية (جبران يرى والزرقاء تروي).
* هل سيكون من إخراجك أو التمثيل..؟
- سيكون من إخراجي وتأليفي ولن أمثل فيه. عندما أخرج لا أمثل.
الدراما السورية ولاّدة.. ولكن أخشى من كسل المخرجين!
مقدمات صعود الدراما السورية
* مادمنا في المسرح..المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، دشن عام 1977. كيف تأسس هذا المكان وأثر على الحياة المسرحية في سورية وصولا إلى ما نشهده اليوم من تطور في الدراما التلفزيونية؟
- المعهد المسرحي أحدث انقلابا حقيقيا. وأهمية المعهد، أن أصبح ثمة كيانٌ أكاديمي، يخرج أجيالا جديدة على أيدي مدرسين منهم من درس في الغرب ومنهم من درس في الشرق، ذلك الزمان. ونحن نقول ان في مدرسة فن التمثيل هنالك مدرستين أساسيتين في العالم: المدرسة الشرقية والغربية، أي عندما تمتلك ناصية المعرفة بمدرستين كبريين في فن الأداء؛ فأنت أمام خيار رائع لتقترح أداءً سوريا صرفا.
وهذا ما صار متعارفا عليه فيما بعد، بالمدرسة السورية في فن التمثيل، التي استطاعت أن تفرض الدراما السورية على مستوى الوطن العربي بشكل عام؛ قبل المعهد المسرحي لم يكن للدراما السورية أي حضور على المستوى العربي، كانت فقط على المستوى المحلي ولم تكُ لتستطيع أن تنافس الدرامات الأخرى.
* تحدثت حول المدرسة السورية في المسرح، ما هي ملامحها وما يميزها عن المدارس الأخرى؟
- عندما نقول عن دراما أو أدب ونحدد وطنه أو منشأه؛ أعني بذلك، أن الدراما بالمعنى الوطني، هي نتاج وطني، نتاج ابن هذه البيئة أو تلك. لذا ما حصل من تلاقح ٍ ثقافي وفني (غرب ، شرق) على الأرض السورية، جعل الفنان السوري يتعلم حسنات هذه التجربة وتلك ويهملُ سيئاتها ويضيف إليها، خاصيته البيئية الثقافية السورية؛ بمعنى أن الأداء السوري يكون من خلال، أن الشخصية السورية تقدم بموضوعية وبتفاصيلها وبخصوصية الثقافة السورية وتقول: هذا سوري وهذا سعودي وذاك مصري وآخر خليجي.. وهكذا. وهذا ما عنيته في أن السوريين يمثلون هكذا.
هم يقدمون «كاريكاتير» وهذا فهمٌ غبي لصناعة الشخصية!
* هذا على مستوى الشخصية ضمن بيئة معينة ولكن أنا أقصد على مستوى تقنية الممثل؟
- على مستوى تقنية الممثل لجأنا إلى ما يمكن أن نستخلصه من عبر ومن تجارب الآخرين الجيدة، لجهة فن الأداء العفوي وليس المفخم. السوريون قدموا أداءً.. لا أتحدث عن هذا الموسم أو ذاك عندي ملاحظات لا أريد ذكرها؛ استطاع السوريون مطلع التسعينيات والعشر الأول من الألفية الثالثة، أن يقدموا ذلك الأداء التلقائي الغريزي العفوي، ضمن شروط تقنية تساوي، تساوي تلك الشروط التقنية التي تحدث في العالم إلى حد ما، لا ندعي انها هي ذات التقنية لأن ذلك يحتاج إلى أن تكون تقنيات الغرب حاضرة عندنا. بشكل نسبي ومعقول استطاع السوريون أن يقدموا اقتراحاتهم التقنية بشكل يلائم هذا الأداء التلقائي العفوي البسيط واليومي. بعيدا عن التفخيم والتلحين والمبالغة التي كانت السمة الأساسية لدراما ما قبل الثمانينيات والتسعينيات. والتي كانت في الحقيقية مبالغة لا مبرر لها؛ مبالغة كانت تجعل الفن، يبدو فيه شيء من السذاجة والسطحية.
* في طريقة التمثيل لديك؛ أنت لا تلجأ لاستخدام "لازمة" معينة وإنما تشتغل على الإحساس والتعايش مع الشخصية حسب ستانسلافسكي، وهذا مخالف لما هو دارج الآن في الدراما السورية؟
- أي الكاريكاتورية.. هم يعتقدون أنهم يصنعون (كاركتر) وهناك فرق شاسع بين "الكاركتر" و"الكاريكاتير" (بين الشخصية وبين الكاريكاتير) هم يقدمون "كاريكاتير" وهذا فهمٌ غبي لصناعة الشخصية. الشخصية تندرج تحت عنوان (الكاركتر). إذا سألتهم يقولون لك هذا (كاركتر) وهم لا يعرفون معناها وحتى باللغة الانجليزية (يضحك ساخرا). فيلجؤون إلى "تذويق خارجي غبي". خذا مثلا: إذا قصصت شاربي الأيمن أعطيك شخصية وإذا جعلت شعري إلى اليمين أعطيك شخصية أخرى وإذا رفت حاجبي هذه شخصية ثالثة. ما يفعلونه هو فهم سطحي وساذج وغبي لفن الأداء. من يريد أن يرى أداءً (انسَ غسان مسعود)، مثالا على كلامي فليراقب يحيى الفخراني كيف يمثل؛ الفخراني نموذج جيد جدا للأداء، يؤدي بتلقائية وعفوية شديدة، بذات الذقن والوجه – بمعى لا يغير الرجل شيئا- كل ما هنالك أن الشخصية هذه تقتضي عواطف وأفعالا أخرى ونشاطا آخر (Activities) ولباسا معينا. هنا يذهب الممثل إلى هذه العناوين الثلاثة ولا يذهب إلى أن يجعل من وجهه مهرجا أو أن يضيف أشياء خارجية غبية، ما أنزل الله بها من سلطان.
* حسناً ولكن ما هو الفرق بين الإضافات على الشخصية وبين التقمص؟
- التقمص، هذا كلامٌ أكاديمي، أنت قلت قبل قليل (التعايش) أنا أحبذ كلمة التعايش وليس التقمص. لا يوجد شيء في العالم اسمه تقمص كلي. حتى ستانسلافسكي قال: ( لا يوجد شيء اسمه تقمص كلي) ربما التعايش مفردة أدق. التفاهم بيني وبين الشخصية والدور؛ التفاهم معه على عواطفه وأفعاله وأنشطته ولباسه ومن ثم أقدم أدائي ضمن هذه العناوين. أما كلمة التقمص فهي كلمة مبالغ فيها، حتى ستانسلافسكي صاحب هذه الكلمة لم يتبناها حتى النهاية؛ وسأعطيك مثالا: لو تقمصت الدور حتى النهاية، هذا يعني أن عطيلا سوف يقتل ديزدمونة، لأن عطيلا قتل ديزدمونة، هل يستطيع الممثل أن يقتل الممثلة التي تلعب ديزدمونة أمامه. هذا لا يجوز. إذاً لا يوجد تقمص كلي.. هذا كلام فارغ.
لست معنياً بالنقد الموجه ضد «فنجان الدم» و»أبواب الغيم»
الدراما البدوية
* مشاركتك الأخيرة في المسلسل البدوي، (أبواب الغيم) بعد (فنجان الدم)، أكدت أن ثمة شيئا معينا لدى غسان مسعود تجاه هذا النوع من الدراما. ما الدافع للاستمرار في المسلسلات البدوية، خصوصا وان الجمهور ينتظرك في دراما اجتماعية ونحن لا نزال نتذكرك جيدا في مسلسل (ذكريات الزمن القادم)؟
-انظر، كل ما هنالك، أن ذكريات الزمن القادم، عمل توفرت له شروط النجاح، المخرج والنص والشخصية الجيدة؛ فاندفعت إلى الشخصية وقدمتها بشكل جيد. فنجح العمل كله ونجحت الشخصيات كلها. اسحب هذا المثال فورا إلى مسلسل (أبواب الغيم). في هذا العمل شروط نجاح التجربة موجودة؛ مخرج متمكن جدا، صديقنا الأستاذ حاتم علي وكاتب يعرف جيدا ماذا يكتب وعمن يكتب، عدنان عودة، ويكتب تفاصيل تريك هذه الشخصية بشكل دقيق، تريك ملامحها وتدلك عليها؛ وانتاج جيد وملابس ممتازة وماكير مذهل، هذا في المحصلة؛ ماذا يبقى على الممثل كي يكون جيدا، لا شيء؛ عليه أن يكون جيدا وأن يؤدي أداءً جيدا.
غسان مسعود وعلي سعيد
* إذا أنت تعنيك شروط نجاح التجربة، أولا؟
-نعم، أو لنقل مناخ التجربة، إذا توفر مناخ للتجربة جيد، فلابد أن يكون الأداء جيدا إذا كان الممثل موهوبا. بناء عليه لا أنتقي أداءً هنا أوهناك؛ أنا أديت أكثر من مسلسل العام الماضي والذي قبله وكان "يا سِيدي" ذات الأداء. ولكن شروط التجربة كانت سيئة، عملت أدائي ولكن العملية الفنية حولي لم تلحظ هذا الأداء وتوظفه وتستثمره بشكل جيد. فالمسلسل يخسر ونخسر جميعا.
* إذاً ليس لديك أي تحفظ على أي نوع من الدراما التلفزيونية؟
-لا، تحفظي دائما على العناصر المكونة لهذه التجربة أوتلك.
المثقفون والمال الخليجي!
*ولكن ما رأيك بالنقد الموجه لكم منذ (فنجان الدم) وحتى (أبواب الغيم)؟
-(يرد بحزم وسرعة) غير معني به، لا يعنيني لأنني أنظر من يكتب أولا، وبالتالي الأمر لا يستحق أن تضع نفسك.. عفوا، من الممكن أن يظهر شخص في الشارع ويشتمني، هل أرد عليه!.
* هنالك شريحة من "المثقفين العرب" تنظر للأعمال البدوية على أنها تعيد الإنسان إلى مرحلة ما قبل الدولة والقانون.. الجهل والتخلف.. وصولا إلى من يرى فيكم أنكم تذهبون لهذه الأعمال بسبب الدعم المالي؟!
- هؤلاء ليسوا مثقفين، ونقطة آخر السطر. (يرفع سبابة يمينه، معلنا) المثقف: هو المعني بذاكرته وتاريخه وثقافته من الآن وحتى عشرة آلاف عام. وهو المرتبط بها ويظهرها هنا أوهناك، بأدواته الإبداعية إذا كان كاتبا أومخرجا أومؤلفا روائيا أومؤرخا. هكذا يكون المثقف، بهذا المعنى يكون هذا النوع من الأعمال ضروريا ضرورة قصوى كي يبرزه المثقف كعبرة ولنرى كيف كنا وأين صرنا. الثقافة لا تتجزأ يا سيدي. أما من يدعي أنه مثقف ويرفض هذه الأعمال فهو ليس مثقفا، عليه أن يعيد النظر بكلمة ثقافة.
* هل تتفق معي أن في الأمر نوعا من ثقافة استشراقية، في ذهن "المثقف" الذي يعيد انتاج وتوجيه النظرة الاستشراقية تجاه التاريخ والإنسان العربي؟
- هذا مصاب بعقدة التبعية، ولديه عقدة نقص تجاه الآخر القوي، نعود إلى ابن خلدون و" نظرية تبعية الضعيف للقوي". أنا لا أشعر بتبعية تجاه القوي (يتوقف لطلب فنجاني قهوة سادة مجددا ، ويواصل) لأنني كغسان مسعود، لا أشعر أني ضعيف ولا أشعر أني معجبٌ لدرجة الشعور بالنقص أمام الآخر القوي؛ أشعر بضعف الأمة، نعم. ولكن هذا ليس مسؤولية فرد.
* ولاحظت أيضا أن انعكاس رفض هؤلاء للأعمال البدوية أدى إلى تجاهل تجربة مسلسل (ابواب الغيم) إعلاميا، لماذا؟
- سؤال أوجهه لهؤلاء الناس: "المثقفون زيادة عن اللزوم" فليعلمونا بارك الله فيهم؛ ما هي في المقابل المسلسلات التي تحمسوا لها والتي يعتبرون أن لها علاقة بالثقافة؟
* الاهتمام في الدراما السورية هذا العام تركز حول ثلاثة أعمال "تقريبا" (تخت شرقي) و(وراء الشمس) و(ما ملكت أيمانكم)؟
- انظر، هنالك فرق بين الاهتمام الشعبي، وغيره.
* نسمع أيضا، نقدا متصاعدا، ضد الإنتاج الخليجي إلى درجة أن أحد الكتاب طالب بإنقاذ الدراما السورية من المال الخليجي.. أنت كيف تنظر لهذه الشراكة بين الطرفين؟
- أعطيك مثالا: لماذا يكون أبرز عنوان في مؤتمرات القمة العربية هو تفعيل العمل العربي المشترك. ولماذا عندما نفعل إحدى هذه الفعاليات الاقتصادية، لماذا يظهر الاعتراض؟. هذا جواب لمن يريد أن يفهم، سيفهم. بناء عليه، أين العيب في أن يكون هنالك نشاط اقتصادي في الدراما، لدى السوريين كوادر فنية ولدى الخليج المال. لماذا لا تأتي الأموال وتستثمر في الفن في سوريا. لماذا مسموح أن يستثمر في الفنادق والمطاعم والبترول ولا نستثمر في الفن.
* هم يقولون ان المنتج والمال الخليجي فرض شروطا معينة أضرت بالعملية الدرامية السورية؟
- إن الشروط الموضوعة من قبل المحطات الخليجية هي ذات الشروط الموضوعة من قبل المحطات العربية كاملة. إن الرقيب العربي ربما كان واحدا. لا يزاود علينا أحد. لأن الرِقابات متفاهمة. ودعني أقول لك: جميعنا نراقب ربما بعين واحدة وإن اختلفت التفاصيل من بلد إلى آخر. لا يدخل علينا أحد من أبواب يظن أنها غائبة عن أذهاننا.
* سألت أحدهم هل الأفضل أن يستثمر هذا المال الخليجي في سوريا ومصر أم في هوليوود وثانيا، هذا المال قادم من الخليجي العربي وليس من إسرائيل!!؟
- كان بإمكانك أن تسأل سؤالا آخر، ألا تطلب مستثمرا عربيا أن يستثمر هنا، وهذا فندق (الفور سيزن) أليس هذا استثمارا، قدر ب"100" مليون دولار، لماذا لا يستثمر "100" مليون دولار في الفن!. أين العيب.
غسان مسعود متحدثاً مع الزميل علي سعيد
الحنين ل"رايات الحق"
* هنالك من يرى في الأعمال التاريخية حالة مرضية "نستالجيا" (عقدة الحنين للماضي) في الذهنية العربية، ما تعليقك وأنت الذي شاركت هذا العام في مسلسل "رايات الحق"؟
- إذا فليغلقوا أبواب هوليود. في الفن ليس لك أن تتحدث هكذا. الأعمال الكبرى التي دخلت التاريخ في هوليود والتي هي ضوء الفن هي أعمال تاريخية وعندما تعتز هوليود بأعمالها فانها تقدم الأعمال التاريخية وليس سواها كنموذج للفن، فهل تستطيع أن تقول على مستوى سورية أو السعودية أو سواها؛ على مستوى الوطن العربي على أنها "نستالجيا". ويا سيدي "نستالجيا" أوليس الفن لعباً بالخيال والذاكرة والوجدان والأحلام وجوهر الفن قائم على الحكايات، ربما هذه الحكاية لا أساس لها في الواقع ولكنها تصلح أن تكون فيلما أو مسلسلا، ويكون فيها عبر ما، فما بالك وأنت تتحدث عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلان وفلان وفلان وكيف أسسوا لهذا الدين العظيم الذي أصبح أتباعه ملياراً و400 مليون؛ هل هذا هين!. وبرأيك الشخصي وبرأي من يقرأ هذا اللقاء، هل خطبة شيخ شبه جاهل وغرائزي وأحيانا يكون طائفيا ومذهبيا أهم من مسلسل يصل إلى كل الناس بلغة محترمة وموضوعية وفيها دعوة لجمع كلمة الأمة وبلغة تعمم فكر الإسلام النبيل. أيهما أهم، الخطبة أم المسلسل، ليعذروني نحن أيضا نعرف كيف هي خدمة ديننا.
انتفاضة الدراما المصرية
* يلاحظ الكثيرون أن الدراما المصرية هذا الموسم قامت بإعادة النظر والتصحيح في أسلوبها ومنتجها من خلال مجموعة أعمال متطورة على مستوى الصورة وغيره؟.
- هذا صحيح، في بعض الأعمال.
تود أن أسميهم لك؟
لا داعي، أعرفهم.
*أنت كيف تنظر للمسألة؟
- أعتقد أن المصريين هذا الموسم قدموا اقتراحات جديدة وجيدة جدا، وهنالك لا يقل عن خمسة أعمال، قدم فيها المصريون اقتراحا جيدا في الإخراج والتمثيل والصورة و" اللوكيشنز". وربما أن المصريين أجروا مراجعة ما، من شأنها أن تفعل حضورهم وأن تجعلهم يقفزون إلى الأمام. أظن أنهم تقدموا خطوة إلى الأمام وأظن أن علينا أن نتقدم في سوريا خطوة أخرى إلى الأمام.
*كيف تنظر للاستقطاب الهائل من قبل الدراما المصرية للمثل السوري، خصوصا وأن البعض أصبح يتوجس من مسألة سحب الطاقات الدرامية وما سوف يؤثر ذلك على الدراما السورية ككل؟
-أنظر، أنا من أحد الأشخاص الذين كان لديهم ثلاثة أعمال في مصر، لم اشتغلهم، اعتذرت عن مسلسل (سقوط الخلافة) لأسباب تتعلق بتضارب مواعيد العمل.
* إذا الاعتذار ليس موقفا؟
- لا، لماذا موقف!.
* لأن مسلسل (سقوط الخلافة) تعرض لنقد؟
- لا. أبدا.. ومن هذه الأعمال التي اعتذرت عنها مسلسل (شيخ العرب همام) لعدم اتفاقي مع الشركة المنتجة وأيضا اعتذرت عن مسلسل (ريش نعام). حسنا، هذا حدث وحدث ايضا أن بعض الزملاء نفذوا أعمالا في القاهرة؛ أين الضرر في ذلك. هنالك من يقول أنهم يسحبون رموز ونجوم الدراما السورية، وهذا غير صحيح. إن هذا الأمر يعطي سمعة أعلى للدراما السورية وهذا يمكن النجوم السوريين على الأرض أن يضاعفوا جهودهم ليكونوا في مصاف زملائهم الذين يطلبون هنا وهناك عربيا ودوليا إذا أردت. أضف إلى ذلك أن الدراما السورية ليست فقيرة وإنما غنية جدا، وهي قادرة على تصدير العشرات وأن تولد أكثر منهم. الدراما السورية دراما ولادة، تولد مخرجين وممثلين..الخ. أعتقد أن لدينا مشكلة بارزة وواضحة للعيان تتجسد في النص الدرامي. النص السوري فيه مشاكل ينبغي أن ينظر فيها.
*على أي مستوى؟
- على مستوى الكتابة واختيار الموضوعات وتقنية الكتابة وتركيب الشخصيات وبنية وتقنية الشخصية الدرامية؛ لا تزال تعاني من مشاكل. دعنا نعترف بهذه المسألة. إخراجيا أصبح لدينا مجموعة من المخرجين الشباب الجيدين؛ ولكن أخاف من كسلهم. وإن بعضهم كسول، أصابه نوع من الغرور وجعله لا يتقدم ولا خطوة إلى الأمام. والبعض الآخر اكتفى أن يكون تلميذا لأحد المخرجين الكبار واعتقد أن الإخراج ينتهي هنا فانتهى هو هنا (المخرج)!.
* وأيضا هنالك حديث عن أن بعض الممثلين السوريين أصبح يأخذ في مصر أجورا لا يحصل على ما يعادلها في سوريا؛ الأمر الذي يجعل الفنان السوري يبقى في القاهرة ولا يعود؟
- هنا ثمة إشارة استفهام كبيرة. دعني أدعي التالي: بأن المنتج المنفذ السوري يستطيع، أن يعطي النجم السوري كما يأخذ في القاهرة.
* ولكن؟
- ولكن، اسألوه. يستطيع المنتج.. قبل قليل كنا نتحدث عن أن 90% من رأس مال الانتاج الدرامي السوري هو خليجي، والمحطة الخليجية تريد هذا النجم وهذه النجمة؛ أليس كذلك، حسنا، وهذا يحدث في مصر. لماذا في القاهرة؛ المنتج المنفذ المصري يعطي الممثل المصري ذلك الأجر ولماذا المنتج السوري لا يعطي هذا الأجر وهم مرجعيتهم ذات المحطة الخليجية أحيانا!. هل لأن المحطة الخليجية تعطي وترصد ميزانية أكبر للمنتج المصري أكثر من السوري، أنا أشك؟. أعتقد ربما تساووا في الرقم. فلماذا لا يدفع المنتج السوري؟. سؤال برسم أصحابه.
صلاح الدين الهوليودي
*استبشر الجمهور العربي خيرا، عندما شاهدك بشخصية صلاح الدين في فيلم (مملكة الجنة)، لماذا توقفت مشاركاتك في السينما العالمية؟
- لم تتوقف.. انظر أنت تعرف والجمهور يعرف، ليس كل يوم هنالك صلاح الدين، لا في السينما ولا في التلفزيون في كل مكان. صلاح الدين يعبر مرة واحدة (يبتسم). وبالتالي لن يكون الشيخ القادري في فيلم (وادي الذئاب) التركي هو صلاح الدين، كتحصيل حاصل. وأيضا لن يكون دوري في فيلم (الفراشة) وهو فيلم تركي لم يره الجمهور العربي حتى الآن، وكذلك مساهمتي "الخفيفة" في فيلم (قرصان الكاريبي) لن يكون كدور (صلاح الدين). لنتفق على هذه المسألة.
* أنا أعني الحضور الهوليودي؟
- للعلم، الحضور الهوليودي كان متاحا دائما.
*أعرف أن ثمة عروضا هوليودية قدمت إليك بعد (مملكة الجنة)..؟
- نعم،" ولو! ".
* لماذا رفضت إذاً؟
- لسبب بسيط، جدا، أنا عاهدت نفسي ألا أقول لماذا لم أنفذها. نقطة على السطر؛ ودع الباقي لذكاء الجمهور. انظر لقد أخذ عليّ خصومي هذا الأمر وكأنني أزاود؛ " ما نفذتها و" يا سيدي ما عرض عليّ" لا أريد أن اشغل نفسي بهذه المماحكات الغبية والتي تصدر عن أناس أغبياء وغير موهوبين. وكما أشرت إليك، ليس كل يوم هنالك صلاح الدين ولكن نعم هنالك أدوار دائما ونعم كنت اعتذر دائما، ونعم لم استطع أن أكون داخل البيئة الهوليودية. جاءني "صلاح الدين" في مرحلة من عمري، كان عندي عائلة وأساس هنا ولديّ حضورٌ عربيٌ ومحلي (السوري)؛ فلم استطيع أن أبيع هذه الهوية كلها وأذهب لابتكر هوية جديدة في هوليود وعمري فوق الأربعين. ولا يقدم على هكذا خطوة إلا كل مجنون. وأنا لست مجنونا، كي أغامر بكل حضوري هنا كي أذهب هناك وأنتظر فرصة تشبه "صلاح الدين" أو أهم؛ أولا، تشبه صلاح الدين لن يكون، لأنه واحد، كحضور في الوجدان العربي والإسلامي ولا يصح أن أذهب لأشتغل سينما أي سينما كأن أدخل في أي فيلم يعرض عليّ، هذا لا يصح والعارفون في المهنة يعرفون أنه لا يجوز!.
* ولكن هنالك ممثلون عرب، لا يفوتون فرصة ولو بجانب ممثل إسرائيلي؟
- "صحتين على قلبهم" (يعلق متهكما) ماذا أفعل لهم، أنا لست هم وهم ليسوا أنا.
* ماهي مشاريعك القادمة، على مستوى الدراما أولا؟
- حتى الآن لا شيء ولكن هنالك كلام كثير.
* وحول السينما؟
-اتفق على نص الآن.
* سوري؟
- لا، عالمي، ولكن لن أسميه.
*لأنك لم توقع؟
- أحيانا أصل للحظة التوقيع وأتوقف. والآن لن أصرح للصحافة بأي كلمة قبل أن أصور.
* هل تعدني بأن تكون"الرياض" أول من ينشر الخبر؟
- (يجيب بحزم) وعد شرف.
* كلمة أخيرة، ربما أمنية، ربما حلمٌ تود قوله أو توثيقه من على هذه الإطلالة الشكسبيرية؟
متجليا يجيب غسان: أنا رجل أشتغل في الأحلام والفن تجارة الأحلام، في الفن تأتي بالأحلام وتجعلها كائنات حية كالفراش، كالطيور وكالحمام وتطلقها بين المجتمع وبين الناس؛ طالما أشتغل في هكذا مهنة فأنا أحلم أن أرى أمتي في مقدمة الأمم! (يصمت).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.