تعد الانتخابات العراقية بالنسبة الى سورية حدثاً مفصلياً، إذ تخشى أن تفضي الى اقامة نظام متحالف مع الغرب أو الى تقسيم العراق، ما يزعزع استقرارها. ولا يتمحور قلق سورية الفعلي حول عمليات اقتراع العراقيين على أرضها انما على نتائج الانتخابات في العراق. يذكر أن سورية وافقت متأخرة على تنظيم انتخابات للعراقيين المقيمين على أرضها والذين يقدر عدهم بحوالي 400 ألف يحق لنصفهم المشاركة في عمليات الاقتراع. وسجل حوالي 16600 عراقي أسماءهم للمشاركة في عمليات الاقتراع التي تبدأ اليوم الجمعة في دمشق وتستمر حتى الأحد. فعلى رغم مقاطعة فئات عراقية واسعة، أعرب القادة السوريون عن رغبتهم في رؤية"كل العراقيين"يشاركون في الاقتراع، لكنهم يخشون من أن تكون نتائجها مقدمة لتقسيم العراق الذي شهدت العلاقات معه تقارباً ملحوظاً في السنوات الأخيرة لأسباب اقتصادية في المقام الأول. وتخشى دمشق في الدرجة الأولى نشوء"دولة كردية"على حدودها تشجع الميول الانفصالية لدى الأكراد في سورية. وسبق أن أدت انتفاضة كردية في شمال شرقي سورية الى سقوط عشرات القتلى في ربيع العام الماضي. وكما تخشى من بقاء القوات الأميركية في العراق، اذ ترى سورية نفسها للمرة الأولى في تاريخها مرغمة على التعامل مع وجود آلاف الجنود الأميركيين على حدودها، في حين تتهمها واشنطن بمساندة المسلحين العراقيين، الأمر الذي تنفيه. وكان الرئيس السوري بشار الأسد أكد الثلثاء الماضي من موسكو أن الوضع في العراق يشكل"تهديداً لسورية"، مشيراً خصوصاً الى"وجود القوات الأميركية"في هذا البلد. وفي تصريح أوردته وكالة الأنباء"ريا - نوفوستي"، قال الأسد أمام طلاب روس قبل لقائه الرئيس فلاديمير بوتين"إن الوضع في العراق يشكل تهديداً لسورية ليس بسبب وجود القوات الأميركية فحسب بل وأيضاً بسبب عواقب هذه الحرب". وترى أوساط سياسية أن سورية وهي حليف ايران الاستراتيجي منذ 25 عاماً، تعارض بشدة قيام عراق موال للأميركيين وان لهذه المعارضة ما يبررها، فيما يعتبر آخرون أن دمشق ترغب في العمل مع الولاياتالمتحدة لكنها لا تعرف تماماً كيف السبيل الى ذلك كما أنها تريد أن تبرهن قدرتها على أن تكون شريكاً في الشرق الأوسط الجديد. ويلخص الخبير في علم السياسة اللبناني جو بحوط المأزق السوري بقوله:"لا تريد سورية على حدودها دولة قوية غنية مركزية موالية للغرب وتربطها على الأرجح علاقات حسنة باسرائيل. كذلك لا يمكنها أن تتحمل في جوارها دولة تجسد التقسيم الطائفي الذي يواجه خطره العراق في حال تطورت الاضطرابات". ويضيف:"تخشى سورية أن تنشأ في العراق دولة قوية مركزية تحكمها غالبية شيعية أو الأكراد. وإذا ساندت بقوة ثورة السنة للحؤول دون ذلك فإن مساندتها قد تغذي الاسلاميين عندها، ما يشكل قنبلة موقتة في آخر المطاف". ويعتبر خبراء أن هم سورية الأساسي حالياً يتلخص بالمحافظة على الوضع القائم في الداخل وعلى الحدود وبالاعتراف بدورها الاقليمي عبر تحالفات عقدتها في وضع مر عليه الزمن. لكن وزيرة الخارجية الأميركية الجديدة كوندوليزا رايس قالت إن"سورية لم تصبح بعد قوة بناءة"تنبىء بأوقات صعبة.