كشفت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة"ان الرئيس محمود عباس ابو مازن بصدد تنفيذ سلسلة من الاجراءات العملية في اطار تحقيق خطة متكاملة لضبط الأمن في الشارع الفلسطيني تبدأ باعادة هيكلة المؤسسة الامنية المفككة وتفعيلها. وأكدت ان أولى هذه الخطوات تتمثل في ادخال تغييرات جذرية على مستوى رؤساء الاجهزة الامنية الفلسطينية، في مقدمها جهاز قوات الامن الوطني الذي ستسند مسؤوليته للواء نصر يوسف. واضافت ان"ابو مازن"سيطلب منه وضع خطة شاملة تمكن هذه القوات التي يزيد قوامها على 25 ألف جندي وضابط، من نشر قواتها على طول الحدود ومناطق التماس في قطاع غزة. وتعرضت قوات الامن الوطني نواة الجيش الفلسطيني منذ اندلاع الانتفاضة الى هجمات منهجية اسرائيلية تم خلالها تدمير مواقعها"الحدودية"، ما أدى الى"شلل"عمل هذه القوات وتوقفها بشكل كامل في الضفة الغربية التي اعيد احتلال مدنها العام 2002. وأكدت المصادر ان خطة اعادة تنظيم جهاز الامن الوطني تشمل توحيد فروعه التي تزيد على 20 فرعاً، في اطار واحد يتبع تراتباً هرمياً واضحاً. وأضافت ان"ابو مازن"يرى في اعادة تنظيم الاجهزة الامنية"حجر الزاوية للتوصل الى هدنة ووقف متبادل لاطلاق النار مع الجانب الاسرائيلي". ومن المقرر ان يصل"ابو مازن"الذي سيشرف شخصياً على تنفيذ الاجراءات المتوقعة، اليوم الى غزة حيث ازدادت الاوضاع الامنية تدهوراً منذ توليه رسمياً مهمات منصبه الجديد. وسيلتقي رؤساء الاجهزة الامنية، وقيادات الفصائل والحركات الفلسطينية المختلفة، بما فيها حركتا"حماس"و"الجهاد الاسلامي". وكان"ابو مازن"ترأس اجتماعاً مشتركاً للحكومة الفلسطينية ومجلس الأمن القومي الأعلى في مقر الرئاسة في مدينة رام الله نوقشت فيه التطورات الامنية الاخيرة في قطاع غزة. وأشار وزير الاتصالات الفلسطيني عزام الاحمد في ختام الاجتماع الى اتخاذ مجموعة من القرارات في ضوء خطاب الرئيس الفلسطيني الذي شدد على ضرورة وضع حد للانفلات الامني والتزام متبادل لوقف اطلاق النار. واضاف لإذاعة"صوت فلسطين"ان وقف اطلاق النار المتبادل"يتطلب حوارا فلسطينيا - فلسطينيا وقراراً اسرائيلياً بوقف الاعتداءات، بما فيها الاغتيالات والاجتياحات وسلب الارض لتوفير الظروف لانجاح الحوار والتزام القوى بهذه الهدنة بعيداً عن أي اجراءات امنية قسرية". وأوضح عزام ان"الهدنة لن تكون من طرف واحد، نحن نسعى الى هدنة متبادلة انطلاقاً من التزامات متبادلة نصت عليها خطة خريطة الطريق، وإلا لن نكون قادرين على اقناع حتى طفل فلسطيني بأن عليه ان يتوقف عن رمي الحجارة إذا واصلت اسرائيل عدوانها". أوامر لأجهزة الأمن بوقف الهجمات وكان الأحمد أكد للصحافيين اصدار أوامر مشددة"للأجهزة الأمنية للقيام بمسؤولياتها". وعندما سُئل هل يشمل ذلك منع الهجمات على اسرائيل، رد:"طبعاً". ولاقت تصريحات الأحمد صدى لها في اقوال أدلى بها الوزير بلا حقيبة قدورة فارس، الذي قال ان"ابو مازن والحكومة الفلسطينية أصدروا تعليمات واضحة للأجهزة الامنية لمنع كل انواع العنف، بما فيها الهجمات على اسرائيل". وقال انه جرى تشكيل لجنة تحقيق فلسطينية في"هجوم المنطار"الذي أسفر عن مقتل ستة اسرائيليين واستشهاد المهاجمين الثلاثة، وهم اعضاء في ألوية"الناصر صلاح الدين"و"كتائب شهداء الاقصى"فتح و"كتائب عزالدين القسام"حماس. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون اتهم أحد أجهزة الامن الفلسطينية بمساعدة منفذي العملية بعدما أعلن"قطع الاتصالات السياسية"مع"ابو مازن". ورداً على ذلك، توعدت"كتائب الاقصى"التابعة لحركة"فتح"ب"تحويل غزة الى مقبرة لجنود الاحتلال اذا نفذوا ما تطلبه منهم قيادتهم باجتياح قطاع غزة". وقال أبو قصي، أحد الناطقين باسم"الكتائب"في تصريحات:"صحيح لن تكون المعركة متكافئة، لكن نحن مستعدون لتقديم أرواحنا بينما جيش الاحتلال يخاف ان يصاب بشوكة واحدة". دمج كتائب الأقصى في الأجهزة الأمنية؟ ونفى أبو قصي صحة الانباء التي تناقلتها وسائل الاعلان عن قرار اتخذه"ابو مازن"في شأن"دمج اعضاء كتائب الاقصى في الاجهزة الامنية". وقال:"هذه سخافات. ابو مازن اكبر من ان يوجه مثل هذه العروض على الكتائب. لا نحتاج الى منصب هنا او هناك، بل نريد تحرير الارض ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني والدفاع عنه. ما تريده الكتائب استحقاقات هذا النضال وهي حرية الشعب الفلسطيني". وأكدت مصادر قريبة من الرئيس الفلسطيني ان مسألة الدمج"سابقة لأوانها"، مشيرة الى خطوات ضرورية تسبق مثل هذه الخطوة وتشمل فتح حوار معمق ومستفيض مع المقاومين الفلسطينيين. وكشفت ان الخطوة الاولى يجب ان تبدأ بالتزام اسرائيل وتوقفها عن ملاحقة اعضاء"الكتائب"بالاغتيالات والاعتقالات، ليتم بعدها التعامل مع حل مشكلتهم وتوفير حياة كريمة لهم بعيداً عن ملاحقة اسرائيل.