عندما احتكر نادي ليفربول في اواخر السبعينات وكل عقد الثمانينات، الدوري الانكليزي والمسابقات الاوروبية، كانت قلة تحلم بأن يأتي اليوم الذي يصبح فيه مهمشاً او ان تمر عليه 14 عاماً من دون احراز بطولة الدوري... لكن هذا حدث. ومن عشق مانشستر يونايتد في التسعينات قد لا يشعر ان الوقت حان للتسليم بفقدان السيطرة والاحتكار والاستسلام لأرسنال وتشلسي. على رغم الفوز المشجع على ليفربول الاثنين الماضي الا انه لم يحدث سابقاً ان كان الفارق بين المتصدر ومانشستر يونايتد 7 نقاط بعد مرور ست مراحل فقط، كالذي يحدث الآن... ولم تمر عليه فترة افتقد فيها غياب لاعب واحد او اكثر، كالأثر الذي تركه غياب المدافع ريو فيرديناند لثمانية اشهر، وفي مطلع الموسم المهاجم رود فان نيستلروي، فمانشستر يونايتد الاسطوري لا يعتمد على لاعب واحد او حتى اثنين وانما على ترابط خطوط فريق متكامل، لكن هذا الانهيار لم يبدأ عشية ليلة وضحاها وإنما جراء تجمع شهور وسنين. فمنذ الفوز بثلاثيته الشهيرة الدوري المحلي وكأس انكلترا وكأس دوري ابطال اوروبا عام 1999، فإن الفريق، كمجموعة لاعبين وليس الاساسيين منهم فقط، فقد بريقه، وأصبح الجدد الذين يتعاقد معهم المدرب اليكس فيرغسون دون المستوى وهي اشارة دائماً الى انهيار اي فريق "عظيم"، فبعدما كان لديه اقوى خط وسط في العالم بقيادة روي كين وديفيد بيكهام وبول سكولز وراين غيغز، فإنه بعد رحيل بيكهام وتقدم الثلاثة الآخرين في العمر وبالتالي انخفاض وتيرة ادائهم، فشل فيرغسون في تعزيز هذا الخط ودعمه بأصحاب الكفاءة، وحتى النجم البرتغالي الصاعد كريستيانو رونالدو بحاجة الى وقت حتى يملي فراغ بيكهام، فالمبلغ الباهظ الذي كلف لضم الارجنتيني خوان فيرون ومن بعده ايرك دجيمبا والبرازيلي كليبرسون فشل في دعم صفوف الفريق، فيما ظل البحث جارياً بحثاً عن خلف للحارس الاسطوري بيتر شمايكل حتى بعد تجربة 10 حراس مرمى، خصوصاً بوقوع الحارس الاميركي تيم هاورد في اخطاء كثرت في الآونة الاخيرة. وفي الدفاع ما زال الاعتماد على ابناء النادي، الاخوان غاري وفل نيفيل وجون اوشي، وفي الهجوم وبعد رحيل الثنائي اندي كول ودوايت يورك، لم يوجد ثنائي مماثل لهما، فبرز نيستلروي من دون شريك، فديفيد بيليون ودييغو فورلان واشراك غيغز وسكولز في الهجوم، يعكس فقر خيارات فيرغسون واختياراته. ويظل الجدل قائماً حول قدرة تأقلم الثلاثي الجديد لويس ساها والان سميث وواين روني. فأخطاء المدرب كانت كثيرة في سوق انتقالات اللاعبين مثلما هو حظه العاثر بإصابات نجومه المتلاحقة، لكن ابرز الخطر هو ان الوضع اختلف عن السابق، لأن على فيرغسون كي يعود الى القمة مجدداً، التعامل مع فريقين في قمة ادائهما: ارسنال، محطم الارقام القياسية في ارض الملعب انتصارات متتالية واهداف كثيرة، وتشلسي محطم الارقام القياسية خارجها في سوق الانتقالات. الأسباب السرية ومع كل البدهيات في شأن هذا التراجع، فإن ما يدور بين اسوار النادي من همس، وما يحدث من صراعات داخلية، يبقى خارج الاطار التحليلي، ولكنه مؤثر الى حد كبير، فالخلاف الكبير بين ابرز مالكي الاسهم جون ماغنر وفيرغسون على ملكية ارباح خيل سباق الموسم الماضي، ارهق تفكير المدرب وزعزع تركيزه وجنبه القرارات الصائبة، فيما كان بروز قضية حصول ابنه جيسون فيرغسون على عمولات باهظة وغير مقنعة نظير اتعابه وكيلاً لاعمال اللاعبين عاملاً آخر في تشتيت تفكير فيرغسون الذي اضطر مرغماً لإقالة ابنه وإبعاده عن النادي قبل ان تحترق اصابعهما في التحريات التي يجريها ماغنر لمعرفة مصير الاموال المهدرة في سجل انتقالات اللاعبين. وربط البعض بين رحيل بعض اللاعبين الواعدين وضم آخرين دون المستوى وتجديد عقود مغمورين في النادي وبين المنفعة الشخصية لشركة جيسون فيرغسون وبالتالي منفعة لوالده المدرب، فهل يستعيد مانشستر يونايتد رهبته وتركيزه في الشهور المقبلة ليقول مدربه لارسنال وتشلسي: "نحن ايضاً هنا للمنافسة"!