تلقى الرئيس الاميركي جورج بوش أخيراً تقريراً استخبارياً رسم صورة قاتمة للوضع الأمني في العراق خلال الفترة الممتدة الى نهاية العام المقبل. وقدم التقرير ثلاثة سيناريوات اسوأها تدهور الأوضاع نحو حرب أهلية، وأحسنها استمرار حال التوتر وعدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي. وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس نقلا عن مسؤولين أميركيين بأن التقرير، الذي يجمل خلاصة ما توصلت إليه أجهزة استخبارات عدة، ويحمل عنوان "تقويم الاستخبارات الوطنية"، توقع ثلاثة احتمالات للوضع في العراق تراوح بين "استقرار نسبي حرج، وتشرذم سياسي يصل الى احتمال نشوب حرب أهلية". وقال مسؤول اميركي طلب عدم ذكر اسمه ان التقرير، المؤلف من 50 صفحة، "لا يحتوي على الكثير من التفاؤل". وتتناقض خلاصة التقرير المتشائم مع النبرة المتفائلة التي يتمسك بها الرئيس الاميركي في حملته الانتخابية عندما يتحدث عن العراق، علما أن التقرير صدر مع نهاية شهر تموز يوليو الماضي، أي قبل ان يشهد العراق تدهوراً ملحوظاً في الاوضاع الأمنية خلال الشهر الماضي، والذي شهد وصول خسائر القوات الاميركية في العراق الى أكثر من 1000 جندي وإصابة 7 آلاف جندي آخر. وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي جورج تينيت أمر بإجراء تقويم للوضع في العراق بناء على طلب الرئيس قبل ان يقدم استقالته وسط انتقادات للوكالة بالفشل في تقديراتها بشأن الحرب في العراق قبل اندلاعها في آذار مارس الماضي وبعده. وتعرض التقرير الاستخباري السابق، الذي صدر في تشرين الثاني نوفمبر 2002، لانتقادات شديدة بسبب تأكيده امتلاك العراق اسلحة دمار شامل على رغم عدم تمكن فرق التفتيش من العثور عليها بعد غزو العراق. ويشرف على التقارير الاستخبارية هذه "مجلس الاستخبارات الوطني"، الذي يعمل على تجميع تقويمات الاجهزة الاستخبارية المختلفة قبل تقديمها الى الرئيس. وفي تعليقه على التقرير، قال سكوت ماكليلان، الناطق باسم البيت الابيض، ان "كثيرين أبدوا تشاؤماً إزاء الوضع في العراق على مدى الفترة الماضية. إلا ان القيادة العراقية، والشعب العراقي، اثبتا خطأ تلك التقديرات بسبب التصميم على تحقيق مستقبل حر ومستقر للعراق". ولوحظ ان لهجة بوش الايجابية إزاء الوضع في العراق لم تتغير بعد قراءته التقرير، على رغم اعترافه بوجود مصاعب. كيري والانتخابات العراقية ووجه المرشح الرئاسي الديموقراطي جون كيري انتقادات للتقويم الايجابي الذي اعطته الادارة الجمهورية للوضع العراقي، مشككا في فرص اجراء انتخابات عامة بحلول نهاية كانون الثاني يناير المقبل، بحسب ما هو مقرر. وقال كيري إنه "من الصعب ان نرى اليوم امكان الاقتراع في أماكن مثل الفلوجة والرمادي والنجف ومواقع اخرى بمعزل عن فرض الامن والاستقرار". واتهم بوش بعدم مصارحة الاميركيين حول حقيقة الوضع هناك. وجاء الاعلان عن التقرير الاستخباري غداة اتخاذ قرار بتحويل 3.5 بليون دولار من مخصصات إعادة إعمار العراق لتعزيز الاجهزة الامنية العراقية وخلق وظائف جديدة للعراقيين بسبب تعثر الوضع الامني. وقال الناطق بإسم مجلس الامن القومي شون مكورمك ان التقرير يظهر ان مستقبل العراق "سيعتمد على عدد من العوامل بما في ذلك مدى تقدم الوضع الاقتصادي وفاعلية القيادة السياسية العراقية والوضع الامني". واشار الى ان التوقعات بنشوب حرب أهلية كانت موجودة ومنتشرة خلال الفترة الماضية، "إلا ان العراقيين اثبتوا خطأ التوقعات". الى ذلك، قال عضو لجنة الشؤون الخارجية جوزيف بايدن ديموقراطي ان الرئيس بوش "اعتبر العراق الجبهة المركزية في الحرب على الارهاب. فإن كان ذلك صحيحاً، بحسب قوله، فإن ذلك يعني أن الحرب على الارهاب باتت في مأزق".