لا تختلف السياسة الخارجية للمرشح الديموقراطي جون كيري كثيراً عن سياسة الرئيس بوش، وهذا يعني ان السياسة الخارجية السيئة عربياً وإسلامياً للإدارة الحالية ستستمر مع فوز جورج بوش بولاية ثانية او حلول جون كيري في البيت الأبيض محله. وكان راند بيرز، مستشار كيري لشؤون الأمن القومي، قال صراحة ان المرشحين المتنافسين متفقان في 95 في المئة من اهداف السياسة الخارجية الأميركية. جون كيري صوّت في تشرين الأول اكتوبر مع الحرب على العراق، ثم قال خلال حملته لانتزاع ترشيح الحزب الديموقراطي للرئاسة انه لو كان يعرف ما يعرف الآن لربما اختلف موقفه. إلا انه عاد اخيراً فقال انه كان سيصوت للحرب حتى وهو يعرف ما يعرف الآن. ويحاول كيري تجنب الرد على اسئلة مباشرة عن الحرب في العراق، فلا يقول انها كانت خطأ، وإنما يقول ان هناك خلافاً بين الناس اصحاب النيات الحسنة ازاءها. ومستشاره جيمس روبن تراجع عن تصريح خلاصته ان كيري كان "على الأرجح" سيحارب في العراق، واعتذر قائلاً ان كلامه ليس موقف المرشح. ولعل النقطة الوحيدة التي اصر عليها كيري باستمرار هي اشراك الأممالمتحدة وحلف الناتو والحلفاء في الوضع العراقي، فسياسته تعددية في مقابل السياسة الانفرادية لإدارة بوش التي يعتبرها كيري خطرة. وبما انه لا يزال يؤيد قرار الحرب. فإن انتقاده يقتصر على ان ادارة بوش تسرعت وبالغت في خطر صدام حسين، وحولت الاهتمام عن الخطر الحقيقي، وهو إرهاب القاعدة. غير ان ما حصل قد حصل، وكيري يؤيد بقاء القوات الأميركية في العراق حتى لا يتحول الى بؤرة للإرهابيين وينشر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. راجعت سجل تصويت جون كيري في مجلس الشيوخ، ووجدت انه صوت كل مرة مع اسرائيل، وضد الفلسطينيين، وموقفه بالتالي بعيد من الاعتدال في القضايا التي تهم العرب والمسلمين. وهو قال في مقابلة مع فيليب غوروفيتش نشرتها مجلة "نيويوركر" قرب نهاية الشهر الماضي ان الإدارة اهملت الشرق الأوسط، ومارست نوعاً من فك الارتباط مع المنطقة في الشهور الأربعة عشر الأخيرة، حتى وهي ترى تدهور الأوضاع. وأضاف ان الإسرائيليين والفلسطينيين بحاجة الى مساعدة، وسأل لماذا لا يقوم وزير الخارجية كولن باول برحلات اكثر الى المنطقة باول اقل وزراء الخارجية الأميركية سفراً في العقود الأخيرة. كيري اقر وجود "علاقة خاصة" بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، ووافق إدارة بوش وآرييل شارون على انه لا يوجد شريك مفاوض لإسرائيل على الجانب الفلسطيني. وهو اضاف: "اعتقد انه يجب ان نشغل انفسنا اكثر في الموضوع، وأعتقد انه يجب ان نعمل لتحول اقتصادي. يجب ان نقوم بجهد مباشر اكبر مع السعوديين والمصريين وآخرين لإيجاد كيان تستطيع اسرائيل التعامل معه، ولوقف تأييد حماس وحزب الله وكتائب الأقصى حتى يكون هذا الكيان شرعياً. ويجب علينا لفعل ذلك ان نبدو كوسيط شريف". اكبر خلاف لنا مع جون كيري هو موقفه إزاء القدس. فهو مع بقائها موحدة وتحت سلطة اسرائيل، وهي نقطة تكفي وحدها لعدم الاتفاق مع مرشح يعد بنقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس اذا انتخب رئيساً. شخصياً، نقل السفارة لا يهمني كثيراً، فكل مرشح قبل كيري وعد بنقل السفارة ولم يفعل، وهناك قرار من القمة العربية بقطع العلاقات مع اي بلد يفتح سفارة له في القدس، فلعل نقل السفارة الأميركية يحسم الجدل العربي إزاء من هو تابع لأميركا ومن هو مستقل عنها. حملة انتخابات الرئاسة الأميركية تعني ان يزايد كل مشرح على الآخر في تأييد اسرائيل، وبعض المبالغات متوقع، إلا ان كيري مؤيد قديم لإسرائيل، وقد زاد وتيرة التأييد بما يناسب الحملة، وهو قال في مقابلة مع جريدة "هاآرتس" الشهر الماضي انه يترك للحكومة الإسرائيلية قرار التفاوض، وأسلوبه في مكافحة الإرهاب هو مواجهة الدول العربية التي تؤيده "وأنا استطيع ان أكون أكثر تأثيراً بمحاسبة السعودية والبلدان العربية الأخرى. وسأقوم بعمل افضل في خفض خطر الإرهاب على اسرائيل وبقية العالم". طبعاً لا نتوقع من مرشح في حملة انتخابية ان يعد بمقاومة ارهاب شارون وعصابة المجرمين حوله، إلا ان الموضوع يتجاوز الانتخابات، وانتقاده بناء الجدار الأمني ثم موافقته عليه في وجه قرار واضح من قضاة العالم انه غير شرعي، ومع تذكيرنا كيري بأنه جعل حجر الزاوية في سياسته الخارجية التعددية، والتعامل مع الحلفاء وطلب مساعدتهم والعمل ضمن الأسرة الدولية التي دانت اسرائيل من محكمة العدل الدولية الى الجمعية العامة للأمم المتحدة. في حزيران يونيو الماضي بعث جون كيري برسالة الى بعض قادة الطائفة اليهودية في اميركا حملت العنوان "جون كيري: تعزيز أمن اسرائيل، وتقوية العلاقة الخاصة الأميركية - الإسرائيلية". وهو وعد بعدم التفاوض مع ياسر عرفات وبتأييد حق اسرائيل في "الدفاع عن نفسها" ضد المنظمات الإرهابية. وفي حين ان كيري انتقد الجدار الأمني عندما تحدث في مؤتمر للمعهد العربي - الأميركي، فإنه قال في الرسالة "ان الجدار الأمني اجراء شرعي للدفاع عن النفس رداً على موجة الإرهاب ضد المواطنين الإسرائيليين". وأيدت الرسالة اسرائيل في كل النقاط المهمة، مثل خطة الانسحاب من طرف واحد، وحق اللاجئين في العودة الى الدولة الفلسطينية لا اسرائيل، وضم تجمعات المستوطنات الى اسرائيل عند ترسيم الحدود بين فلسطين وإسرائيل. وهو كرر بذلك مواقف جورج بوش المعروفة، ومشى معه في اعتبار ان ياسر عرفات يمثل "قيادة فاشلة"، وفي حق اسرائيل بضرب قواعد حماس والجهاد حيث وجدت. كيري هاجم في رسالته المملكة العربية السعودية، ووعد بالعمل ضد اللاسامية، خصوصاً في تصريحات بعض المسؤولين السعوديين. وكان كيري في اهم خطاب في حياته السياسية، وهو خطاب قبوله ترشيح الحزب الديموقراطي له للرئاسة في مؤتمر الحزب وعد بأن يعمل لوقف الاعتماد على النفط السعودي، ما سأكمل به غداً.