هدأت وتيرة الآراء والمقالات لتي تهاجم المطربات اللواتي جعلن الرقص والابتذال وسيلتهن للوصول الى الشهرة والنجومية. وبدأت حملة مضادة للدفاع عنهن، على قاعدة أن الجمهور "عايز كده"، وأن إحداهن لم تحصد النجاح بعد 7 سنوات إلا عندما اعتمدت الاغراء كسلم للمجد، وانهن ضحايا هذا المجتمع الظالم الذي يستمتع كل فرد منه بما تقدمه هذه المطربة أو تلك من عطايا وفيرة ووصلات مثيرة على الشاشة الصغيرة. ثم يعمد في اليوم التالي الى ادانتها والتشهير بها، من خلال وسيلته الإعلامية في حال كان صحافياً أو اعلامياً، أو في الشارع إذا لم يمتلك المنبر الإعلامي. ويكاد يدفعنا كاتبو هذه المقالات الى الدعوة لتنظيم تظاهرات للدفاع عن هذه الضحايا المزعومة، لولا أننا نتذكر أن الله خلق للإنسان عقلاً، وأن عليه استعماله والإفادة منه، والمسؤولية تقع عليه وحده. هذا الموضوع ذكرني بالفكرة التي تطرح في بعض المسلسلات التي تصور أحد أبطالها كرمز للشر، فيمارس السرقة والقتل والكذب والسادية على مدى أكثر من حلقة، ما يجعله يحظى بكراهية المشاهدين واحتقارهم بكل جدارة واستحقاق. وقد يمتد هذه الكره الى شخصية الممثل نفسه الذي يقوم بهذا الدور، قبل أن يتضح في الحلقة الأخيرة أنه كان ضحية تربية خاطئة دلال زائد أو قسوة زائدة من أحد والديه، أو أخيه الأكبر، أو أنه تعرض لصدمة نفسية في صغره. لا أحد منا يعيش حياة مثالية مئة في المئة. فهل نبيح المحظورات لأنفسنا من دون خوف من العقاب؟ وهل تبقى جهنم التي حدثنا عنها خالية تنتظر زوارها؟ وهل يجد شخص كصدام حسين لنفسه عذراً على ما قام به، كونه عاش طفولة معذبة وتعرض لمعاملة سيئة وقاسية من أحد أقاربه؟ لبنان - مهدي محمد علي زلزلي