يبدو أن منظومة القيم الجديدة التي صاحبت ظهور الجيل الأول من ظاهرة "الفيديو كليب" بدأت تتمكن من قلوب المصريين وعقولهم، وبمعنى آخر بدأت أعراض "تقبل" المصريين للدلع "العجرمي" والإثارة "الهيفائية" والإغراء "الإليساوي" واضحة في أحاديث عامة الشعب. أحد الزملاء دخل المكتب قبل أشهر وهو ينعى الأخلاق والقيم، ذلك حين وجد نفسه في مواجهة مع "أخاصمك آه" للمرة الأولى. الزميل نفسه دخل المكتب قبل أيام سعيداً وهو يزف إلينا مدى روعة "آه ونص" والدلع البريء الذي أتقنته عجرم. ولأننا في عصر "الفمتو ثانية" فقد أضحى مربع عجرم ووهبي وإليسا وروبي من الرعيل الأول لجيل "الفيديو كليب"... بعدما أرسين قواعد هيمنة الجسد على الطرب. رفض الابتذال؟ وهذه الأيام "طفحت" نسخة معدلة من مغنيات الفيديو كليب لعل أكثرهن غرابة واحدة اسمها ليندا استضافتها إحدى القنوات الفضائية في برنامج استفزازي، وتناوب المذيع والمذيعة على عملية تحفيز المشاهدين: "سنقدم لكم مفاجأة غنائية"، "بل هي قنبلة فنية"، وحينما ظهرت القنبلة كادت تنفجر في وجه المشاهدين. ليندا بدأت حديثها بتأكيدها رفض الابتذال السائد على ساحة الفيديو كليب، وأنها تقدم فناً راقياً، وحينما طلب منها آداء أغنيتها، أمسكت بالميكروفون، وما أن فتحت فمها حتى شعر المشاهدون باهتزازات عنيفة. وبدت ليندا مزيجاً من نانسي عجرم في محاولات الدلع وشيرين في تقمص العنجهية وقوة الشكيمة. وانتهت الاهتزازات فجأة كما بدأت، ورن جرس هاتف البرنامج لتعلن المذيعة انهمار مكالمات المعجبين، وكانت المكالمة الأولى والأخيرة لسيدة أسهبت وتعمقت في إمطار ليندا بعبارات الغزل بالعربية والإنكليزية You Are So Beautiful وYou are so Cute مع الإشادة بحلاوة الصوت وأناقة الملبس وعدم الابتذال. وأمام شعور ليندا بالخجل الشديد من الإطراء سألت المذيعة ليندا عن كيفية تقديم ما يضمن جذب المشاهدين وعدم الابتذال في آن، فردت ليندا: "لن أبتذل علشان مامتي، وأنا سأسير على نهج سعاد حسني وسأنزل بالأغنية على الأرض". رصانة روبي ويبدو أن المذيعين خافا لوهلة أن تنبطح ليندا أرضاً، لكنها أوضحت أنها ستقدم الأغاني التي تصل إلى الجميع وباحترام. وعقب انتهاء البرنامج بسلام، أذيعت أغنية على قناة فضائية عربية أخرى لمطربة اسمها دارين، هذه كلماتها "أيوه.. أيوه.. هزوه، هزوه". وترحم المشاهدون على اتزان عجرم، ورصانة روبي، ورزانة إليسا، والتزام وهبي. الطريف أن دراسة ميدانية أجرتها جامعة مصرية على مئة فيديو كليب أشارت إلى احتوائها على 7573 لقطة، بينها 2056 مشهداً راقصاً، و1409 لقطات تركز على "مناطق مثيرة"، و2400 لقطة قريبة من مناطق مثيرة، و126 عناقاً. أما المدرس في كلية إعلام جامعة القاهرة الدكتور أشرف جلال فقد وجد في دراسة أخرى عن الفيديو كليب أن 77 في المئة مما يقدمه عبارة عن "جنس".