شهد العام 2003 انعقاد اول قمة دولية عن المعلوماتية في جنيف. وتصدرت الفجوة الرقمية اعمال القمة التي لم تستطع التوصل الى اتفاق على هذه المسالة في إبعادها كافة. وجرى الاتفاق على ترحيل ملفات الخلاف الى الجزء الثاني من القمة، المقرر عقده في تونس في نيسان من العام 2005. وبرز في القمة، كما في الاحصاءات الدولية كافة عن الفجوة الرقمية، ان الدول العربية تعيش هذه الفجوة، على رغم التفاوت في تقدم كل منها في الشأن المعلوماتي. وعن هذه المشكلة، يتحدث كتاب "الفجوة الرقمية - مواجهة ازمة ام اختلاق وهم؟" معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، الطبعة الاولى، عدد الصفحات 357 - اعداد: بنجامين كومباين. يلفت في الكتاب مقتربه النقدي المنفتح، وتحديه للمفاهيم الشائعة عن الفجوة الرقمية. فمن جهة يعرض الكتاب وقائع الفجوة الرقمية، لكنه لا يسلم بالأمور تسليماً، بل يضع أمر الفجوة الرقمية على المحك وصولاً الى الشك في وجودها اصلاً، والحديث عن بعض جوانب الاختلاف والانحياز في سياق الحديث الرائج عنها. ويعطي هذا المقترب النقدي للكتاب نكهة خاصة تميزه عن الكتابات التي تتعاطى مع الفجوة الرقمية باعتبارها مجرد مسألة بديهية. تعريف الفجوة الرقمية Digital Divide ومكوناتها وأبعادها المختلفة. يشغل الكتاب بتتبع الآثار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفجوة الرقمية. ويرصد تكوّنها، خصوصاً في فترة التسعينات من القرن العشرين، سواء على صعيد المجتمع الواحد في دولة ما، مثل الولاياتالمتحدة، ام بين الدول المختلفة. ويتتبع العوامل التي تساعد في التغلب على تلك الفجوة، والتي شرعت في التراكم منذ مطلع القرن الحالي، وبالتالي جسرها وتقليصها. يتألف الكتاب من عشرين فصلاً، اضافة الى المقدمة والخاتمة. وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات الموثقة عن الفجوة الرقمية. تبدأ الفصول بواحد يتفرس في هويات الاشخاص والهيئات التي تهتم باثارة تلك المشكلة، وهم "موثقو الفجوة الرقمية". ويعتبر الفصل تمهيداً للعمل النقدي في الكتاب كله. وتحت عنوان مثير "الوقوع من فتحات الشبكة" يقدم الكتاب دراسة تتضمن مسحاً شاملاً عن "الذين لا يملكون" في المناطق الحضرية والنائية في الولاياتالمتحدة. وعلى عكس الفصل السابق، فإن هذه الدراسة تؤكد وجود فجوة رقمية، حتى في البلد الاكثر تقدماً في العالم. وبين الصوت والصوت المضاد، يكتسب الكتاب حيوية الحوار بالسن متعددة عن موضوع واحد. وفي الفصول التالية، يقدم الكتاب دراسات عن تطور الفجوة الرقمية، عبر تفحص العلاقة بين العرق وتوافر الانترنت واستخدامها. ويمهد الامر لطرح سؤال اشكالي يتحدى ان تكون هذه الفجوة وهماً! وبعد اجراء مقارنة تاريخية بين انتشار الكومبيوتر الهاتف، تأتي دراسات عن الانتشار العالمي لخدمات الانترنت، والسياسات الدولية حيال خدمات الانترنت باعتبارها شكلاً من اشكال توزيع الثروة بين الشعوب. ويطرح الكتاب مجموعة من الاشكاليات المرتبطة ببروز ما يُسمى ب"مجتمع المعرفة الدولي واقتصاده"، مثل المساواة في عصر المعلومات، وأثر الانترنت في قوانين الاتصالات، ومعدل انتشار الكومبيوتر، ونسب الوصول الى الانترنت، والانتشار العالمي للبريد الالكتروني، مع ملاحظة الاملاءات الاجتماعية المتعددة لكل هذه المشكلات الشائكة. ويلاحظ الكتاب دور الكومبيوترات الرخيصة في تجسير الفجوة الرقمية، ويعرض لتجارب لدول عالمثالثية في التغلب على هذه المعضلة. ويختتم الكتاب باسئلة اكثر قلقاً مثل النظر الى الفجوة الرقمية كمقياس للديموقراطية، سواء داخل المجتمع الواحد ام بين دول العالم.