مهدت اسرائيل عبر تصريحات مسؤوليها السياسيين والعسكريين لعمليات عسكرية انتقامية ذات وقع شديد على الفلسطينيين في قطاع غزة، في اعقاب سقوط اول قتيلين اسرائيليين في مستوطنة "سديروت" المتاخمة لحدود غزة الشمالية بصاروخ من طراز "القسام" المحلي الصنع. وحاول رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون اصابة هدفين بحجر واحد هما: الخروج من قطاع غزة بعد الحاق اكبر قدر ممكن من الدمار لاسكات احتجاجات اليمين المتطرف على خطته، واخراج جيشه من مستنقع غزة الامني الذي حصد 20 جنديا اسرائيليا في اقل من شهرين. وترأس شارون اجتماعا امنيا شارك فيه رؤساء الاجهزة العسكرية الاسرائيلية اضافة الى وزير دفاعه شاؤول موفاز للبحث في "الرد الاسرائيلي" على عملية "مفترق المطاحن" في خان يونس النوعية، وسابقة سقوط قتلى نتيجة اطلاق صاروخ "القسام" المحلي الصنع للمرة الاولى. وقالت مصادر اسرائيلية انه جرى اتخاذ "سلسلة من القرارات" في اطار الرد الاسرائيلي على عمليتي الاحد والاثنين. وفيما تكتمت اسرائيل على طبيعة الرد، اكدت مصادر عسكرية اسرائيلية ان "الرد سيكون قاسيا جدا". وقالت المصادر ل"الحياة" ان المستوى العسكري في اسرائيل ينظر "بخطورة بالغة جدا" إلى ما حدث في "سديروت"، وان الجيش الاسرائيلي لن يسكت عليه. ولمحت الى نية قوات الاحتلال اتخاذ مزيد من اجراءات العقاب الجماعي ضد المواطنين الفلسطينيين، مشيرة الى ان "التنظيمات الفلسطينية تؤثر بشكل سلبي جدا على حياة الفلسطينيين العاديين". وقال المصدر ان "حياة قادة التنظيمات الفلسطينية في خطر شديد". وعمدت الآلة الاعلامية الاسرائيلية منذ بدء حملتها العسكرية الواسعة النطاق في نابلس في الضفة الغربية الى تكرار نغمة "الضرر الذي يلحقه المسلحون الفلسطينيون بحياة الفلسطينيين"، ودعت منشورات لجيش الاحتلال وزعت في نابلس الفلسطينيين الى عدم ايواء المقاتلين الفلسطينيين" وبدا المشهد في غزة على عتبة "معركة ارادة" بين قوات الاحتلال التي تريد ان يكون خروجها مصحوباً بنصر على التنظيمات الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية التي تؤكد ان الانسحاب سينفذ على وقع عمليات المقاومة المسلحة وضربات موجعة تلحق بالجيش الاسرائيلي. وقال شارون خلال جلسة للجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست الاسرائيلية انه ينظر ب"خطورة شديدة" الى عمليتي "سديروت" و "غوش قطيف". لكنه اكد في المقابل ان خطة الانسحاب من غزة ستنفذ وفقا للجدول الزمني المحدد. وحذر من مغبة التعرض للجنود الذين سيشرفون على عملية الاخلاء، وأغرى المستوطنين الذين يبدأون عمليات الاخلاء طوعا بتعويضات مالية فورية. ونقل عن شارون قوله ان "اي مستوطن سيرفع يده على الجنود سيدفع ثمن ذلك وسنتخذ ضده اجراءات قانونية". وكرر شارون رفضه لقيام مصر بدور الوساطة في خطة فك الارتباط الاسرائيلية، مشيرا مع ذلك الى الاهتمام الذي توليه اسرائيل للدور الامني الذي ستقوم به مصر في مرحلة ما بعد الانسحاب الاسرائيلي من القطاع. واعلن رغبة اسرائيل في دور اردني مماثل في شمال الضفة حيث سيتم اخلاء اربع مستوطنات يهودية مقامه على اراضي جنين.