الصواريخ التي يطلقها فلسطينيون من قطاع غزة على مستوطنة سيدروت الاسرائيلية غير دقيقة ونادرا ما تسفر عن سقوط قتلى أو جرحى لكنها تشير من ناحية الى تزايد الصعوبات التي يواجهها المقاتلون الفلسطينيون لضرب اسرائيل بوسائل فعالة بعد مرور أربع سنوات على بدء انتفاضتهم ضد الاحتلال الاسرائيلي. وتوجه كذلك رسالة مفادها أن اسرائيل لا يحدوها الامل في تحقيق نصر شامل وتثير التساؤلات بشأن فك الارتباط الذي يأمل رئيس الوزراء ارييل شارون في تحقيقه بخطة للانسحاب من قطاع غزة المحتل مع الابقاء على قطاعات كبيرة من أراضي الضفة الغربية تحت الاحتلال وقالت مايا اوريلو 31 عاما من سكان سيدروت والتي فزعت عندما سقط صاروخ وهي تتسوق اسمع الهدير فيرتجف جسمي. لا يمكنني العيش بهذا الشكل. والطفلة المسكينة انها تبكي كثيرا. وقالت جارتها روثي ليفي 54 عاما ننام خائفين. حتى صوت عربة القمامة بات يفزع الجميع. وسيدروت مستوطنة تشبه في فقرها قطاع غزة الذي يبعد عنها كيلومترين فقط أكثر ما تشبه الاحياء الصاخبة في تل أبيب. لكن الصواريخ تتطور باطراد في ورش العمل في غزة فتحلق لمسافات أبعد وتحمل رؤوسا حربية أكبر وتثير مخاوف الاسرائيليين من أن مدنهم قد تصبح أهدافا سواء من غزة أو من الضفة الغربية. وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حركة المقاومة الاسلامية حماس التي كانت الجماعة الفلسطينية الرائدة في استخدام الصواريخ حالة الخوف والفزع التي يعيشها الناس في المستوطنات الاسرائيلية وخاصة سيدروت تثبت قيمة صواريخ القسام. ولم يصب سوى صاروخ واحد من مئات الصواريخ التي اطلقت على اسرائيل أحدا حيث قتل طفلا في الثالثة من عمره ورجلا في سيدروت في أواخر يونيو في حين قتل 16 اسرائيليا في هجومين متزامنين اعلنت حماس مسؤوليتها عنهما الشهر الماضي. لكن رغم ان غارات الجيش المستمرة وقتل زعماء النشطاء والجدار الذي يجري بناؤه داخل الضفة الغربية والذي يعتبره الفلسطينيون وسيلة لاغتصاب المزيد من الاراضي قد زاد من صعوبة اطلاق الصواريخ الا أن منع اطلاق الصواريخ من منصات متحركة ثبت أنه أكثر صعوبة. وقتل 20 فلسطينيا على الاقل أثناء حصار استمر خمسة أسابيع لاحدى مناطق اطلاق الصواريخ الرئيسية في غزة بعد أول صاروخ قاتل يسقط في سيدروت. لكن الحصار وهجمات بطائرات هليكوبتر على ورش أعمال معدنية قال الجيش انها تصنع الصواريخ لم يوقف الاطلاق غير انه دفع بعض المستوطنين في غزة للتشكيك في حكمة اطلاق النار عليهم اذا كان ذلك سيولد رد فعل من هذا النوع. وأسفرت غارة أخرى في أوائل سبتمبر الجاري عن مقتل ثمانية فلسطينيين على الاقل. واستمر اطلاق الصواريخ. وليست الصواريخ المكونة من أنبوب من الصلب ويجري تشغيلها بخليط من السماد والسكر صعبة الصنع. ويمكن نقلها لموقع واطلاقها من على حامل ثلاثي القوائم في بضع دقائق. وقال الون بن دافيد المحلل في مجموعة جينز انفورميشن ليس هناك سبيل عسكري فعال للتعامل مع ذلك. تعلمنا ذلك من سنوات الحرب في لبنان. لتوقفه يتعين أن تسيطر على الارض. وأضاف المشكلة مع صواريخ القسام في غزة هي أنها تهدد باستدراج اسرائيل الى غزة. والعودة لغزة هو عكس ما يقول شارون انه يريده اذ يتحدث عن الانسحاب الكامل من اراضي القطاع التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وأجزاء صغيرة من أراضي الضفة الغربية. وفي حين يرى أغلب الاسرائيليين أن الابقاء على غزة يكلف الكثير من الارواح والمال لحماية نحو ثمانية الاف مستوطن يقيمون وسط 3ر1 مليون فلسطيني الا أن خطر اطلاق الصواريخ المستمر عزز موقف اليمينيين المتشددين المعارضين للانسحاب. ويخشى العديد من سكان سيدروت الان كذلك من الانسحاب. وقالت ليفي اليوم الوضع ليس جيدا حتى مع وجود الجنود داخل غزة. ومازال بعض المحللين السياسيين يرون أن الوضع قد يتحسن بعد الانسحاب من غزة خاصة اذا استعادت السلطة الفلسطينية المتهالكة نفوذها وسيطرت على المنطقة بشكل منظم. ويفترضون ان هجمات الصواريخ الراهنة تتعلق فقط برغبة النشطاء في اعتبار الانسحاب من غزة نصرا لهم مشيرين الى ان ضربات الصواريخ من لبنان بلغت أدنى مستوياتها منذ انسحاب القوات من الجنوب قبل أربع سنوات. واشارت بعض الفصائل الفلسطينية كذلك الى انها مستعدة لتطبيق هدنة طويلة الامد ربما تستمر سنوات في الهجمات من غزة اذا انسحبت اسرائيل بالكامل. ويشعر الاسرائيليون بالقلق من أنه ايا كان ما سيحدث في غزة فان اطلاق الصواريخ قد ينتشر كذلك في الضفة الغربية حيث تعني خطط شارون تفكيك اربع فقط من 120 مستوطنة والتي أغضبت الفلسطينيين الذين يرون حلمهم في اقامة دولة يتبدد. وتقترب الضفة الغربية من خلال صواريخ القسام التي يبلغ مداها حاليا عشرة كيلومترات من معظم المنطقة الساحلية المكتظة بالسكان كما انها مليئة بالمستوطنات التي تشكل اهدافا أقرب. وقالت القوات الاسرائيلية انها صادرت صاروخين يجري تصنيعهما في مدينة نابلس بالضفة الغربية في الفترة الاخيرة مما دفع بعض ضباط الجيش الى وصف صواريخ القسام بانها تشكل تهديدا استراتيجيا. ورغم أن هذا يبدو مبالغا فيه من جانب القوة الوحيدة في الشرق الاوسط التي يفترض انها تملك قدرات نووية الا ان درس سيدروت يظهر أنه حتى الصواريخ البدائية الصنع قد تتسبب في صراع لا ينتهي. وقال مصدر أمني اسرائيلي بارز ليس هناك حل سحري... لست متفائلا. شارك في التغطية نضال المغربي في غزة.