اظهرت وثيقة كشف عنها اخيراً وحصل عليها الاميركيون في العراق ان اتصالات بين عملاء للاستخبارات العراقية واسامة بن لادن، عندما كان في السودان منتصف التسعينات، كانت ضمن مسعى واسع من بغداد للتعاون مع منظمات معارضة للعائلة الحاكمة في السعودية. ووصف مسؤولون اميركيون الوثيقة بأنها تقرير داخلي أعدّه جهاز الاستخبارات العراقي يحلل امكان التعاون مع جماعات معارضة سعودية، بما فيها تنظيم بن لادن، قبل تأسيس "القاعدة". وتقول الوثيقة ان العراق استعد لبث دعاية مناهضة للسعودية، لكن طلباً من بن لادن لبدء عمليات مشتركة ضد القوات الاجنبية في السعودية لم يلق رداً. ولا يوجد اي مؤشر آخر الى تعاون بين الطرفين. وكانت اللجنة المستقلة للتحقيق في اعتداءات 11 ايلول سبتمبر تناولت الاسبوع الماضي الاتصالات المعروفة بين العراق و"القاعدة"، التي اشار اليها البيت الابيض، وتوصلت الى ان الاتصالات لم تظهر "علاقة تعاون" بين العراق و"القاعدة". وردّت ادارة الرئيس جورج بوش بأن هناك ادلة كثيرة على وجود صلات. وسلّمت الوثيقة الجديدة، التي يبدو انه لم يجر تداولها إلاّ منذ نيسان ابريل الماضي، الى "نيويورك تايمز" قبل اسابيع، وقبل نشر تقرير اللجنة. ودققت الصحيفة مع مسؤولين في القوات المسلحة والاستخبارات والحكومة الاميركية وبغداد للتأكد من ان الحكومة اعتبرتها جديرة بالتصديق. وأكد الاميركيون انهم حصلوا على الوثيقة من "المؤتمر الوطني العراقي" كجزء من وثائق استولى عليها بعد سقوط حكم صدام حسين العام الماضي. وحصلت وكالة الاستخبارات ووزارة الدفاع الاميركية على وثائق ومعلومات اخرى مقابل مبالغ كانت تدفع حتى وقت قريب الى "المؤتمر الوطني" قبل ان يفقد وزعيمه احمد الجلبي حظوتهما لدى واشنطن. وخضعت ترجمة لهذه الوثيقة الى فحص مجموعة عمل في البنتاغون ضمت محللين من هيئة اركان القوات المسلحة ووكالة استخبارات الدفاع ووحدة استخباراتية مشتركة اختصّت بقضايا مكافحة الارهاب. وتوصلت الوحدة الاستخباراتية الى ان الوثيقة "تبدو اصيلة"، وانها "تؤيد وتعرض بتفصيل ما تضمنته تقارير سابقة" عن اتصالات بين الاستخبارات العراقية وبن لادن في السودان، حسب التحليل الذي اجرته الوحدة. وليس معروفاً ما اذا كان بعض افراد هذه الوحدة لديه آراء مغايرة في دقة الوثيقة التي تتحدث عن فترة تسبق الضربات الارهابية المثيرة التي استهدفت الاميركيين ونسبت مسؤوليتها الى "القاعدة": تفجير سفارتين اميركيتين في شرق افريقيا في 1998، والضربة الموجهة الى المدمرة "كول" في مياه اليمن عام 2000، واعتداءات 11 ايلول. وجاء في الوثيقة، التي تقول "جرى اتصال من جانبنا" ببن لادن، ان الاخير كان يتحفظ سابقاً عن لقاء أي عميل عراقي، لكنه وافق على لقائه في السودان، ومنحت "موافقة رئاسية" لجهاز الامن العراقي للمضي قدماً في اللقاء. طلب بن لادن في اللقاء ان يعاود الى العراق بث خطب لرجل دين مناهض للسعودية. وحظي هذا الطلب، حسب الوثيقة، بموافقة بغداد. وطلب ايضاً "عمليات مشتركة ضد قوات اجنبية" متمركزة في السعودية. ولم تتضمن الوثيقة اي اشارة الى رد القيادة العراقية على هذا الطلب، ولا توجد اي اشارة الى مناقشات في اعتداءات ضد الولاياتالمتحدة او استخدام اسلحة غير تقليدية. وبعد رحيل بن لادن من السودان بدأ مسؤولو الاستخبارات العراقية "يفتشون عن قنوات اخرى يديرون عبرها العلاقة، في ضوء مكان وجوده الحالي". ولاحظ اعضاء في وحدة استخبارات البنتاغون ان الوثيقة لا تصف اي تحالف رسمي توصل اليه الطرفان. وتقدم الوثيقة ادلة على اتصالات بن لادن والاستخبارات العراقية تماثل تلك التي وصفها تقرير اللجنة المستقلة حول اعتداءات 11 ايلول الذي نشر الاسبوع الماضي. وجاء في التقرير ان "بن لادن استكشف ايضاً امكان التعاون مع العراق اثناء وجوده في السودان، على رغم معارضته نظام صدام حسين العلماني". واضاف التقرير ان الحكومة السودانية "هيّأت لاتصالات بين العراق والقاعدة"، وان "مسؤولاً كبيراً في الاستخبارات العراقية اجرى حسب تقارير ثلاث زيارات للسودان، ليلتقي اخيراً بن لادن في 1994. ويقال ان بن لادن طلب مكاناً لاقامة مراكز تدريب، بالاضافة الى مساعدة في شراء اسلحة، لكن العراق لم يرد ابداً".