تصفية حسابات… توجيه أصابع اتهام وتصريحات لاذعة. هذه هي الأجواء السائدة في مقر أجهزة الاستخبارات الاميركية، غير الراغبة في دفع ثمن احتدام الجدل حول تضخيم محتمل لإدارة الرئيس جورج بوش للتهديد العراقي. وأوضح الرئيس السابق لمكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي فينسنت كانيسترانو الذي لم يقطع كل اتصال بالوكالة، ان "الجواسيس" والمحللين الاستخباراتيين يعتبرون أنهم أدوا واجباتهم على أكمل وجه. وبعد سبعة أسابيع على سقوط بغداد لم يُعثر بعد على أسلحة الدمار الشامل في العراق. وتنشط التعليقات في الكواليس، خصوصاً في وكالة الاستخبارات المركزية، حول الطريقة التي حوّرت بها إدارة بوش لأغراض سياسية معلومات الأجهزة الاستخباراتية، المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل في العراق، ووجود علاقات بين بغداد وتنظيم "القاعدة". وصرح كانيسترانو إلى وكالة "فرانس برس" بأن "الشعور العام لدى محللي وكالة الاستخبارات، هو أن المعلومات التي قدمتها سي آي اي والاستخبارات العسكرية لم تؤخذ كلياً في الاعتبار، لأن البنتاغون وأصحاب القرار السياسي، بما في ذلك مكتب نائب الرئيس ديك تشيني، رفضوا تلقي الرسالة". وأضاف المسؤول السابق: "ما كانوا يريدون سماعه هو رسالة حازمة تدعمها سياسة مقررة مسبقاً". وفي مقال نشر في مجلة "ذي نيويوركر" منتصف ايار مايو، قال سايمور هورش، الصحافي المعروف بأهمية مصادره داخل أجهزة الاستخبارات الاميركية، إن مكتباً استخباراتياً صغيراً في البنتاغون هو مكتب الخطط الخاصة، لعب دوراً محورياً في تحديد إدارة بوش دوافع تحركاتها ضد العراق. وقد يكون المكتب، الذي انشأه نائب وزير الدفاع الاميركي بول ولفوفيتز في اعقاب اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، نجح في اقناع البيت الابيض بأن أجهزة الاستخبارات لا تدرك خطورة التهديد العراقي. وذكر سايمور هورش ان مكتب الخطط الخاصة توصل الى استنتاجاته، مستنداً إلى شهادات عراقيين في المنفى جمعها رئيس "المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي، حول التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل والعلاقات بين صدام وتنظيم "القاعدة" بزعامة اسامة بن لادن. وأكد المدير السابق لوكالة الاستخبارات جيمس وولسي أن أهمية كبرى اعطيت للعراقيين الفارين، مشيراً إلى أن "قسماً من أقوالهم لم يكن صحيحاً ولا تحبذ الوكالة اللجوء اليهم، لكن البنتاغون أولاهم أهمية أكبر، وسنرى من كان على حق". ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول في الوكالة، ان موظفين رفعوا إلى وسيط في وكالة الاستخبارات ثلاث شكاوى داخلية، تزعم احتمال تلاعب إدارة بوش بمعلومات استخباراتية. وقال راي ماك غوفرن، وهو محلل سابق في الوكالة، للصحيفة ان العاملين فيها "محبطون"، حتى ان عدداً من "الجواسيس" السابقين شكل مجموعة للدفاع عن سمعة الأجهزة الاستخباراتية! وفي مذكرة وجهت الشهر الماضي الى الرئيس بوش، نشرت هذا الاسبوع على شبكة الانترنت، حذروا من "فشل ذريع في المجالين السياسي والاستخباراتي"، مطالبين بتحقيق حول هذه القضية، وبإرسال مفتشين دوليين الى العراق. ودافع مدير "سي آي اي" جورج تينيت السبت عن صدقية وكالته، قائلاً: "اجراءاتنا كانت نزيهة من البداية حتى النهاية"، فيما أكد عضو في الاستخبارات العسكرية لصحيفة "واشنطن بوست" أنه أخذ علماً بكل التقارير السرية حول العراق، وخلص الى ان "الشعب الاميركي خُدع".