الندوات واللقاءات السينمائية التي دأب الناقد غسان عبدالخالق على تنظيمها ضمن اطار مواسم اصيلة الثقافية في المغرب، منذ سنوات، تحولت ابتداء من هذا العام الى لقاء سينمائي هو اقل قليلاً من مهرجان، وأكثر قليلاً من مجرد مناسبة لعرض الافلام. من هنا اختيار كلمة "ملتقى" لهذه التظاهرة السينمائية التي ستجمع بعض بلدان الجنوب، الى بعضها الآخر لتقدم لجمهور يأمل المنظمون ان يكون كبيراً ومهتماً حقاً بالسينما، ما يضع هذا الجمهور على تماس مع سينمات لا تتاح له دائماً الفرصة للتعرف الى أعمالها. ومنذ دورته الاولى التي تقام بين 23 و29 تموز يوليو المقبل، شاء هذا الملتقى لنفسه ان يكون استعراضياً بعض الشيء، لذلك لم يتوان عن الاعلان عن مسابقة وجوائز، وعن لجنة تحكيم عالمية تتولى الفصل بين الافلام المرشحة لتلك الجوائز. وهذه اللجنة ستكون برئاسة موريتس دي هادلن، الرئيس السابق لمهرجان البندقية، وفي عضويتها سينمائيون ومفكرون من ايران والمغرب والسنغال ومصر علي ابو شادي وآذربيجان. اما الافلام الطويلة التي ستتبارى للحصول على الجوائز فهي "زنار النار" لبهيج حجيج من لبنان الذي من المؤسف ان مهرجان السينما العربية في باريس قد تجاهله تماماً و"رؤى حالمة" لواحة الراهب من سورية، و"الزائر" لبسام الزوادي من البحرين، و"طهران في السابعة بعد الظهر" لأمير شهاب رازافيان و"من نظرة واحدة" لايهاب لمعي من مصر وهو الفيلم الروائي الاول لكاتب سيناريو الفيلم الفلسطيني "عرس رنا" و"الملائكة لا تحلق في الدار البيضاء" لمحمد أصلي من المغرب و"تطرف" للارجنتيني سانتياغو لوثاو "مارغام" للهندي راجيف راغافان، و"الجزيرة" لرستم ابدراشيف من كازاخستان، و"العروس العتمة" للصيني ويليام واي لون كووك. واضافة الى هذه الافلام في المسابقة الرسمية هناك افلام طويلة خارج المسابقة، من الصين وقرغيزيا وايران والمغرب ولبنان. كما ان هناك مسابقة للأفلام القصيرة، من بينها "وصية عشبة" من الامارات، و"ارض النساء" لجان شمعون من لبنان عن المناضلة الفلسطينية كفاح عفيفي وهو جزء من مشروع نساء رائدات الذي انتجته ماريان خوري و"أبيض" لأنطوانيت عازارية من سورية... أما التكريم - اذ سيكون هناك تكريم في كل دورة من الدورات المقبلة لفنان متميز في مجال الفن السابع - فسيكون من نصيب المخرجة المغربية فريدة بليزيد، ويتضمن عرضاً لأفلام ثلاثة لها هي "باب السما مفتوح" و"مكر النساء" و"كازابلانكا... كازابلانكا". والحال ان عرض هذه الافلام يتيح فرصة طيبة للتعرف، في شكل اجمالي ومفصل في الوقت نفسه، على عمل واحدة من رائدات الاخراج السينمائي النسوي في العالم العربي... ومن المتوقع ان توفر هذه المناسبة الفرصة للتحدث عن انجازات المرأة العربية في مجال السينما، ككاتبة ومخرجة... وهو واحد - على اية حال - من المواضيع التي يتطلع هذا اللقاء السينمائي الطموح والذي يريد ان يكون متواضعاً وتجديدياً في الوقت نفسه، الى الاهتمام بها اكثر وأكثر في دوراته المقبلة... وهذا على الاقل ما يؤكده غسان عبدالخالق الذي يستعيد بهذا اللقاء المغربي، مبادرات سينمائية كان خاضها قبل نحو ربع قرن حين اسس في باريس، اول مهرجان من نوعه للسينما العربية خارج البلدان العربية، وهو المهرجان نفسه الذي اعتبر دائماً الأب الشرعي لمهرجان السينما العربية في معهد العالم العربي. ويقول عبدالخالق اليوم أو "مغامرته" المغربية الجديدة، يمكنها ان تكون في بساطتها نموذجاً لنشاطات عرض سينمائية تقام في شتى الاصقاع العربية، لتعيد الى العرض السينمائي العربي بعض بساطته الخلاقة، وتعيد الى الجمهور العربي علاقة بالسينما الجيدة، تكاد تغيب لولا بعض المهرجانات التي تقام هنا وهناك القاهرة، قرطاج، دمشق... وتتنافس في ما بينها عاماً بعد عام للحصول على الجيد من بين العدد القليل من الافلام المنتجة في العالم العربي، ويضيف ان استضافته افلام "جنوبية" اخرى - من خارج العالم العربي - ترمي الى التشديد على ذلك الالتحام بين سينمائيي الأمم التي تفقد عاماً بعد عام القدرة على المنافسة في الساحة السينمائية التجارية، فباتت اكثر وأكثر في حاجة الى التنافس في مثل هذه اللقاءات.