أسدل الستار في التاسع والعشرين من شهر يوليو الماضي على ملتقى أصيلة السينمائي الدولي الأول لسينما الجنوب، والذي كانت جائزته الأولى من نصيب الفيلم الأرجنتيني إكسترانو {الغريب} للمخرج سنتياغو لوزا التي تسلمها عوضا عنه سفير الأرجنتين لدى الرباط، والتي تبلغ قيمتها المادية20 ألف دولار بالإضافة إلى درع الملتقى الذي كان من تصميم الفنان التشكيلي المغربي ابن بلدة أصيلة محمد المليحي، والذي يقارب الموجة في شكله وفي لونه الأزرق السماوي. وفاز فيلم الشيخات للمغربي علي الصافي بجائزة أصيلة الكبرى للأفلام الوثائقية ونيل فيلم مستوى البحر لمخرجه الجورجي جورج اوفاش فيلي لالجائزة الذهبية للفيلم القصير بينما حاز على جائزة أصيلة الفضية للمخرج المغربي محمد عسلي عن شريطه الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء فيما عادت جائزة التنويه للأفلام القصيرة والمتوسطة إلى المخرج اللبناني جان شمعون عن شريطه ارض النساء وآلت جائزة السيناريو لسوكو موران عن فيلمه مارغام {العبور} للمخرج الهندي راجيف فيجايا راغافان. أما جائزة افضل ممثل فكانت من نصيب أولزاس نوسوباييف عن دوره في فيلم سكيزو لمخرجته الكازاخستانية غوكا اوماروفا بينما آلت جائزة افضل ممثلة مناصفة لريم علي عن دورها في شريط رؤى حالمة للمخرجة السورية واحة الراهب ولنازلين فاراحاني عن دورها في شريط طهران, السابعة صباحا للمخرج الإيراني أمير شهاب رادافيان. تجدر الإشارة إلى أن اللجنة التحكيمية لملتقى أصيلة الأول لسينما الجنوب شكلت من السويسري موريتس دو هاديلن رئيسا، والمغربيين محمد باكريم وسمية نعمان جسوس والمصري علي أبو شادي والسينغالي ماكيناغ ديوب والإيرانية مانيجا حكمت والروسي روستام ايفراجينبيكوف كأعضاء. تتويج فيلمين مغربيين وفاز فيلم الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء للمخرج المغربي محمد عسلي بالجائزة الفضية لملتقى أصيلة الأول لسينما جنوب جنوب فيما فاز فيلم الشيخات للمغربي علي الصافي بجائزة أصيلة الكبرى للأفلام الوثائقية. ويروي الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء الناطق باللغة العربية واللهجة الأمازيغية قصة اضطرار الأمازيغي سعيد للعمل بالدار البيضاء بالرغم من معارضة زوجته التي تلح في عودته خاصة بعد وضعها لطفل خشية أن تبتلعه المدينة العملاقة. وفعلا كان لان الكواسر والعقبان وحدها تحلق فوق الدار البيضاء. أما فيلمالشيخات فيحكي عن المغنيات الشعبيات المحبوبات والمهمشات في الآن ذاته بسبب هامش الحرية المتاح لهن بغناء مواضيع حساسة كمشاكل النساء والظلم وغيرها. وقد أنجز سيناريو الفيلم مخرجه علي الصافي وصوره إيفان بوكارا وضبط الصوت ماتيودو وأنجز المونتاج نادية دلال وأدت الأدوار الشيخات {المطربات الشعبيات} عايدة وعائشة وحفيظة الناصرية والمجموعة الشعبية أولاد بن عكيدة. أرض النساء .. لجان شمعون من الأعمال السينمائية التي شدت اهتمام جمهور ملتقى أصيلة، الفيلم اللبناني أرض النساء للمخرج جان شمعون وذلك في إطار المسابقة الرسمية لملتقى أصيلة الأول للسينما جنوب جنوب ضمن فئة الأفلام المتوسطة والقصيرة. ويحكي الفيلم قصة جيلين من نساء فلسطين الرائدات من خلال التجربة القاسية للمناضلة واللاجئة الفلسطينية كفاح عفيفي لمدة ست سنوات داخل معتقل الخيام الذي بناه الاحتلال الإسرائيلي في جنوبلبنان بعد نجاتها من مجازر صبرا وشاتيلا سنة1982 . وتحكي كفاح عفيفي عن أحلامها وطموحاتها بعد استرجاعها حريتها وتواصلها مع الأجيال الفلسطينية سبقتها كتجربة الشاعرة الرائدة فدوى طوقان والمناضلة سميحة خليل التي قاومت طوال حياتها دفاعا عن العدالة والسلام فضلا عن علاقتها مع المناضلة اللبنانية سها بشارة التي شاطرت كفاح عفيفي قساوة سجون الاحتلال لسنوات طويلة. وقد أنشأ جان شمعون الذي يشتغل في التلفزيون والإذاعة والمسرح مع السينمائية مي مصري شركتي ميديا للتلفزيون والسينما ونور للإنتاج وأخرج العديد من الأفلام الوثائقية التي حازت على جوائز في مهرجانات دولية قبل أن يخرج فيلمه الروائي الطويل الأول طيف المدنية سنة2000 التعارف بين السينمائيين وقال محمد بن عيسى رئيس مؤسسة منتدى أصيلة انه آن الأوان لشعوب الجنوب كي تبدأ في التعارف فيما بينها لوضع حد للكليشيهات الجاهزة والأحكام المسبقة عن بعضها البعض. وأضاف خلال ندوة عقدت ببلدة أصيلة على هامش الملتقى الأول للسينما جنوب جنوب الذي عقد مؤخرا بالبلدة لقد عرفنا الآخرين بما فيه الكفاية وآن الأوان لنعرف بعضنا باستمرار كأناس ينتمون للجنوب والشروع في تبادل ثقافي وفني حقيقي من شأنه أن يحاصر مختلف الكليشيهات والأخبار المصفاة عن بعضنا البعض، مشيرا إلى أنه سواء في أوروبا أو في آسيا وأيضا في أمريكا اللاتينية تتشكل مجموعات ثقافية أو أنها في طريقها للتشكل بفضل القيم الثقافية المشتركة داعيا إلى الخروج من شرنقة القطرية الضيقة والانتقال إلى الحديث عن الثقافة العالمية. وأضاف ابن عيسى قائلاً إن الصناعة السينمائية تغيرت بشكل ثوري بحيث أصبح بالإمكان التوفر على وسائل متطورة جدا أصبحت أرخص من ذي قبل مما جعل الأعمال السينمائية تتميز بجودة أعلى منها في الماضي، معتبرا أن غنى سينما الجنوب يكمن في عمقها وأصالتها، مشيرا إلى أنه لم يتم من قبل التوجه إلى أعماق القيم الحقيقية للإنسان. هوية الجنوب وأبرز مدير المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل القيمة المضافة لملتقى سينما جنوب جنوب بالنسبة للفن السابع حيث أشار إلى أن الجديد في هذا الملتقى هو التركيز على هوية الجنوب،موضحا أن تعرف ساكنة الجنوب على جنوبيتها أمر رائع وأن مشاركة السينمائيين في الملتقى وتقديم أعمالهم للتنافس على الجوائز أمر مهم ولكنه ليس أساسيا لأن الأساس هو الحضور للدفاع عن الهوية الجنوبية. تكريم وكان عدد من السينمائيين المغاربة وغيرهم قد قدموا خلال هذه الندوة شهادات بخصوص ملتقى أصيلة الأول لسينما الجنوب اعتبروا فيها أن هذه التجربة رائدة في مجال الإشعاع الثقافي وينبغي استلهامها وتعميمها على عدد من مدن الجنوب. ودعوا إلى إحداث صندوق جنوب/جنوب لتمويل إنتاج الأفلام والى تنظيم مهرجانات مشتركة ذات تمويل مشترك معتبرين أن الأحلام تستمد قوتها من سعي المنظمين الحثيث إلى تطبيقها. بالإضافة إلى هذه الندوة فقد تم تكريم المخرجة المغربية فريدة بليزيد اعترافا بعطاءاتها في قطاع الفن السابع وإسهامها في إغناء الخزانة السينمائية عموما. وبمناسبة حدث التكريم هذا عرض عقب الندوة المذكورة عرض الفيلم السينمائي الدار البيضا الدار البيضا الذي أخرجته بليزيد، والذي يحكي عن ظروف الحياة في مدينة عملاقة كالدار البيضاء وأسرارها العميقة، حيث يتحدث عن اختفاء الفتاة عائشة وبحث والدها الحسن الذي يقيم بدرب الطاليان في الدار البيضاء ويعاني كجيرانه من ظروف معيشية صعبة, عنها بمساعدة المحقق بشير وبدعم من رئيسه ناصر, لكنه سرعان ما يتم العثور على جثة لمياء الصديقة الحميمة لعائشة وآخر من شاهدها في قعر بئر. السينما الإيرانية والأفغانية وكان من الطبيعي أن تكون السينما الإيرانية حاضرة في هذا الملتقى، ممثلة بثلاثة أفلام، روائيين وتسجيلي، تجاوبت جميعها مع رغبة المهرجان في إلقاء الضوء على سينما بلاد فارس وإن وقعتها أسماء غير معروفة، حيث ظهرت هذه الأفلام رغم جديتها ليست ذات أهمية من الجمالية والإبداع السينمائيين مما جعلها لا تتنافس على جوائز المهرجان، أو تقدم خارج المنافسة. فمن خلال كاميرا المخرجة الإيرانية ياسمين مالك نصر عرض الفيلم التسجيلي أفغانستان .. الحقيقة الضائعة لتطلعات شعب يتفاءل بالمستقبل, مما يفسر سر وجود هذا الشعب وبقائه رغم كل المحن والملمات التي مرت به عبر الثلاثين سنة الماضية. الفيلم الذي تابعه جمهور أصيلة خارج المسابقة الرسمية كان بمثابة منبرا تحدث من خلاله رجال ونساء وأطفال أفغانستان بعد انهيار نظام طالبان لكي يكشفوا للعالم عن حياتهم وعن جوانب من عذاباتهم ورغباتهم وعن رؤيتهم للأمور, ماضيها وحاضرها. أفلام روائية الفيلمان السينمائيان الروائيان "سجن النساء" للمخرجة والمنتجة مانيجة حكمت عضو لجنة تحكيم ملتقى أصيلة الأول، " وطهران السابعة صباحا" العمل الإيراني الوحيد الذي شارك في المسابقة الرسمية وهو من توقيع المخرج الشاب أمير شهاب رضافيان. فيلم سجن النساء لمانيجة حكمت التي تعيش حاليا في كندا تدور أحداثه داخل سجن طهران للنساء على مدى عشرين عاما حيث تقضي الشابة ميترا عقوبة المؤبد بعد قتلها زوج أمها. ومن خلال هذه الشخصية، يرى المشاهد الحياة الخاصة للنساء في السجن في طهران حيث تكثر الكثافة السكانية في المتر المربع وتنمو مشاعر كثيرة متناقضة بين السجينات. فمن خلال تحقيقات واقعية داخل هذا السجن أو العالم النسائي يظهر بجلاء تعايش التضامن والحب والعطف إلى جانب الحقد والاحتقار واللؤم والاعتداء وهو ما يعالجه الفيلم بجرأة لماحة توحي بالكثير. العمل يصور أيضا كيف أن أبناء السجينات الذين يولدون في السجن يبقون معهن ويخضعون لشروط وقوانين السجن. في طهران السابعة صباحا المشارك في المسابقة الرسمية يقدم المخرج الشاب أمير شهاب رضافيان فيلمه الروائي الطويل الثاني، وتدور أحداثه في العاصمة الإيرانية خلال أربع وعشرين ساعة حافلة بالقصص الصغيرة غير المتجانسة. حيث يرصد في الفيلم مجموعة من الأشخاص خلال توجههم لأعمالهم صباحا لتظهر طهران بالموازاة مع ذلك مدينة مزدحمة تحفل بما هو حزين وبما هو كوميدي. فيلم رضافيان مبني على عدد من القصص الصغيرة التي تتقاطع فيما بينها في ما يشبه السلسلة غير المرتبطة. فشرطي المرور هذا مغرم بإحدى الممثلات، أما هذه المرأة فهي هاربة من بيت الزوجية ومن ملاحقة زوجها، أما هذا الأفغاني المسكين فيعمل كعامل بناء ويحلم باليوم الذي يعود فيه إلى وطنه الأم. ورغم اختلاف واقع هذه الشخصيات فإنها تتوحد في شيء واحد هو بحثها عن الحل الذي لن يأتي. ملصق ملتقى اصيلة السينمائي