نشرت صحيفة "واشنطن بوست" المزيد من صور التعذيب في السجون العراقية، وأعلن الصليب الأحمر انه حذر الولاياتالمتحدة وطلب منها مرات "تصحيح الوضع". ويمثل اليوم وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد امام الكونغرس لاستجوابه في شأن عمليات التعذيب في السجون العراقية باعتباره مسؤولاً مباشراً عن قوات الاحتلال، بعدما "وبخه" الرئيس جورج بوش أول من أمس. واعتبر أعضاء في مجلس الشيوخ ان وزير الدفاع قصر لأنه لم يبلغهم تقرير الجيش ولم يطلع عليه هو شخصياً. وهذا يعني أنه استخف بالمشرعين وباللجنة العسكرية التي وضعت التقرير. وتظهر الصور التي نشرتها "واشنطن بوست" مزيداً من الصور التي تظهر اساءة معاملة المعتقلين، وتظهر تلك الصور ممارسات مشابهة لتلك التي بثها تلفزيون "سي بي اس" الاسبوع الماضي اساءة معاملة معتقلين عراقيين وإذلالهم. وأثارت الصور فضيحة كبرى أدت الى فتح تحقيقات في الامر، وأعرب عدد من كبار القادة العسكريين والسياسيين الاميركيين عن اشمئزازهم وخيبة أملهم إزاءها. وأفادت الصحيفة ان الصور الجديدة لإساءة معاملة الاسرى هي من بين ألف صورة رقمية التقطها جنود اميركيون لتسجيل تجربتهم في العراق، ومن بينها صور تشبه تلك التي يلتقطها السياح، اذ ظهر فيها الجنود وهم يركبون الجمال ويقفون الى جانب مساجد. واضافت انه تم تحميل تلك الصور على اقراص مدمجة ووزعت بين افراد الشرطة العسكرية الذين عملوا في سجن ابوغريب. ومن بينها واحدة لجندية اميركية تجر معتقلا جرد من ملابسه، بواسطة حبل ربط حول رقبته. وتظهر صورة اخرى ثلاثة أو اربعة معتقلين عراة اوثقوا مع بعضهم بعضاً وهم ملقون على الارض بينما يسير جنود من حولهم بشكل طبيعي. وكان العديد من المعتقلين الذين ظهروا في الصور يلبسون اساور بيضاء تحمل هويتهم. كما تظهر معتقلا عراقيا عاريا وقد وضع على وجهه كيس اسود وأوثقت يداه بقضبان زنزانته، بينما أوثق سجين آخر الى قضبان زنزانته بشكل يجعل ظهره منحنيا بعدما وضع على وجهه سروال نسائي داخلي. وفي صور اخرى ظهر جنود اميركيون الى جانب رأس بقرة ذبحت وسلخت. كما ان هناك عشرات الصور لرأس قطة بعد قطعه. وبعض الصور أظهرت كذلك رجالا جرحى وجثثا، وفي احداها وقف جندي اميركي يبتسم "وقد رفع إبهامه علامة التباهي" بينما كان ينحني على جثة رمادية اللون بدأت تتحلل. استجواب رامسفيلد وذكرت وسائل الاعلام الاميركية أمس ان رامسفيلد سيخضع "لجلسة استجواب ساخنة" في مجلس الشيوخ في شأن "الممارسات التي تعرض لها معتقلون في سجن أبوغريب". وأفادت شبكة "سي إن إن" ان جلسة الاستجواب ستضم إلى جانب رامسفيلد رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة ريتشارد مايرز وممثلين رفيعي المستوى من الجيش. وكان عدد من أعضاء مجلس الشيوخ أعربوا عن سخطهم بسبب حصولهم على المعلومات عن التجاوزات في سجن أبوغريب من تقارير إعلامية على رغم بدء تحقيقات في الجيش منذ كانون الثاني يناير. كما أعرب أعضاء مجلس الشيوخ عن غضبهم لعدم حصولهم على نسخ من "تقرير الانتهاكات الذي أعده اللواء أنطونيو تاغوبا والذي خلصت تحقيقاته إلى أن القوات الاميركية أنزلت بالسجناء العراقيين عقوبات "ساديّة صارخة وإجرامية مفرطة". ونقل المصدر عن السيناتور ساكسي شاملبيس قوله: "كان يجب إعلامنا بالأوضاع قبل فترة، لكنني غير متأكد متى أدرك رامسفيلد الامر، إلا أننا سنخضعه لاستجواب ساخن". في الوقت ذاته هدد السيناتور جو بيدن "بسقوط رؤوس كبيرة في البنتاغون"، ولم يستثن وزير الدفاع في "حال عدم حصول الكونغرس على ردود شافية ومقنعة". الصليب الاحمر وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر أمس انها طلبت من الولاياتالمتحدة مرارت اتخاذ "اجراء تصحيحي" في السجن. وتتمتع اللجنة بموجب عدد من المعاهدات الدولية بحق زيارة السجون، وزارت مرات عدة سجن ابوغريب منذ ان بدأت القوات الاميركية في استخدامه العام الماضي. وقالت كبيرة الناطقين باسم اللجنة انتونيلا نوتاري: "اللجنة الدولية للصليب الاحمر ادراكا منها للموقف واستنادا الى ما وصلها من معلومات طلبت من السلطات الاميركية اتخاذ اجراء تصحيحي". لكنها رفضت الكشف عن تفاصيل ما شهدته اللجنة خلال زياراتها للسجن التي تحدث كل خمسة او ستة اسابيع او فحوى تحذيراتها للولايات المتحدة. وقالت: "رفعنا تقارير عما اكتشفناه وطرحنا توصيات على السلطات لكن ليس في وسعي التعليق عليها". في روما، اعلن الكردينال الفرنسي جان لوي توران، وزير الخارجية السابق في الفاتيكان، ان صور تعذيب المعتقلين العراقيين على يد عسكريين اميركيين "خطيرة للغاية" ولها "وقع فظيع" في العالم العربي. وقال الكردينال توران في تعليق نشرته صحيفة "لا ستامبا": "حين نهين الكرامة البشرية بهذه الطريقة، نقيم حواجز". ووصف هذه الازمة الجديدة في العراق بأنها "خطيرة للغاية"، مؤكداً انه "حين نشن الحرب، علينا ان نحترم القوانين". واضاف: "ان الرئيس بوش كان واضحا جداً. فالجيش الاميركي لا يتصرف عادة على هذا النحو. ما شاهدناه مؤسف". وتابع: "ان موقف البابا كان واضحا على الدوام: فالعنف يولد العنف والحرب تولد مزيداً من الحروب". وبعد بث قناتي "العربية" و"الحرة" الفضائيتين مساء أول من أمس مقابلة مع الرئيس جورج بوش، قال الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان: "الرئيس آسف لما حدث وللألم الذي سببه" تعذيب سجناء عراقيين. وعندما سُئل لماذا لم يقدم بوش الاعتذار نفسه، رد ماكليلان: "هاأنذا اقولها نيابة عنه". وأشار إلى أنه لم يُطلب من بوش الاعتذار خلال المقابلتين". وأفادت شبكة "سي ان ان" ان اعضاء في مجلس الشيوخ طالبوا بهدم سجن أبو غريب، للتخلص من أحد رموز النظام العراقي السابق، وفصل مخجل في تاريخ الجيش الأميركي. وسينضم إلى جلسة استجواب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد أمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي اليوم، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز، وضباط من الجيش. وكان عدد من أعضاء مجلس الشيوخ أعربوا عن سخطهم لعلمهم بتجاوزات سجن أبو غريب، والتي بدأ الجيش الأميركي تحقيقات في شأنها في كانون الثاني يناير من التقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام. بالإضافة إلى عدم حصولهم على نسخ من تقرير الانتهاكات الذي أعده اللواء انطونيو تاغوبا، وخلصت تحقيقاته في نيسان ابريل إلى أن القوات الأميركية أنزلت بالسجناء العراقيين عقوبات "سادية صارخة، واجرامية مفرطة". وقال السيناتور ساكسي شاملبيس: "كان يجب اطلاعنا على الأوضاع قبل فترة، لكنني غير متأكد متى أدرك رامسفيلد الأمر، وسنخضعه لاستجواب ساخن". ولوّح السيناتور جون بيدن باسقاط رؤوس كبيرة من رجال البنتاغون، ولم يستثن وزير الدفاع، في حال عدم حصول الكونغرس على ردود مقنعة حول ملابسات التعذيب. وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ليل الأربعاء: "حتى الآن، لا توجد أدلة تثبت أن الانتهاكات كانت بتوجيهات من الاستخبارات" الأميركية. وكانت المشرفة على السجون الأميركية في العراق، العميد جانيس كاربينسكي، لمحت إلى أن التجاوزات التي ارتكبها عناصر من الشرطة العسكرية، تمت بتعليمات من الاستخبارات العسكرية أثناء محاولة انتزاع معلومات من السجناء. في لندن، شجب رئيس الوزراء توني بلير ممارسات التعذيب التي تعرض لها المعتقلون، مشدداً على وجوب "اجتثاث مثل هذه الممارسات". وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البولندي الكسندر كفاشنيفسكي إن "تعذيب المعتقلين ومعاملتهم بشكل مذل وهم بين أيدي قوات الائتلاف... أمور لا عذر لها بتاتاً". واضاف: "علينا ان نبذل كل ما في وسعنا لاجتثاث مثل هذه الممارسات واحالة المسؤولين عنها إلى المحاكمة". وتابع: "لقد ذهبنا الى العراق لوضع حد لمثل هذه الأمور لا لتكريسها". لكنه زاد: "إلا انني ارغب بإضافة شيء. هناك جنود اميركيون يقتلون كل يوم في العراق. وقتل جنود بريطانيون. وهناك جنود بولنديون وبريطانيون ومن دول اخرى في التحالف يخاطرون يومياً بحياتهم في العراق لمساعدة سكانه على بناء دولة مستقرة وديموقراطية ومزدهرة... أود فقط ان اقول للناس ان يعيدوا الأمور الى أحجامها". أما في واشنطن، فأعلن وزير الخارجية كولن باول أمس أن الولاياتالمتحدة ستستجيب "بشكل كامل" للهواجس التي عبرت عنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول معاملة الاسرى. وأوضح أنه ناقش الموضوع هاتفياً مع رئيس اللجنة جاكوب كيلنبرغر لطمأنته الى ان بلاده أخذت الاتهامات بحصول تجاوزات على محمل الجد. وقال: "سنستجيب بشكل كامل" لهواجس اللجنة الدولية للصليب الأحمر.