"عنقي أرفع من شعرة" عنوان عرض على درجة من الخصوصيّة، يقدّم في بيروت هذا المساء وغداً، في "مصنع أبرو أبرويان" برج حمّود، بمبادرة من "جمعيّة أشكال ألوان". والعرض يكتسب أهميّته من موضوعه أوّلاً السيارات المفخّخة التي انفجرت في بيروت خلال الحرب الأهليّة، إنما أيضاً وأساساً، من طريقة تقديم المادة الأرشيفية، والشغل عليه. ان عمل الفنّان وليد رعد مع المعماري طوني شكر والشاعر بلال خبيز على مادة أرشيفيّة غنيّة، تحوّلت عرضاً خاصاً يجمع بين المعطى "الموضوعي" والجانب الفنّي المبتكر، في محاولة "استفزازيّة" لسبر الذاكرة الجماعيّة التي كبتت صور الحرب وغيّبت ارثها الثقيل. وليد رعد فنان معروف عالمياً، جاء من التصوير الفوتوغرافي والفيديو، ليؤسس جماعة "أطلس" التي تعمل على انتاج وثائق من زمن الحرب اللبنانية ونشرها، عبر "الأداء" الحي الذي يقوم على حضور الفنان أمام جمهوره كجزء جوهري من طبيعة العمل. وأهميّة وثائق "أطلس"، بحسب السينمائي أكرم الزعتري، "أنها توحي بإلمامها بثغرات عدّة سقطت من تاريخ ما زال محل صراع في السياسة اللبنانية. وفي الوقت نفسه تغذي تلك الوثائق شغف البحث عن أطر جديدة لعرض هذا الأرشيف وتبويبه". ويستند عرض "عنقي أرفع من شعرة" إلى سؤال اشكالي: هل من الممكن أساساً كتابة "تاريخ" من شهادات متضاربة، ومن أحداث ابتعدت، على الأقل في ظاهرها، عن المنطق؟ "مجموعة أطلس" تضع جانباً قيمة الصورة كإثبات، وتركز على البحث عن قيم أخرى مرتبطة بصناعة بصرية هي أيضاً مجال صراع. وهنا تكمن أهميّة العمل الذي سيثير بلا شكّ نقاشاً واسعاً في بيروت، قبل أن ينتقل إلى "مهرجان الفنون" في بروكسيل، ومهرجان لندن المسرحي الدولي.