«سياسات الأرشيف» هو عنوان الندوة التي عقدت في غاليري «تاون هاوس» في القاهرة، مع رئيس قسم التاريخ في الجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور خالد فهمي. تمحورت الندوة حول مفهوم الوثيقة، هذه الكلمة التي عادة ما تلفّها هالة من الغموض وتستخدم صحافياً للإشارة إلى ما يفترض أنه أدلة دامغة. أما أكاديمياً فتشير إلى أهم المصادر الأولية التي يعتمد عليها المؤرخ. بداية، عرض فهمي لرؤيته عن ماهية الوثائق التاريخية انطلاقاً من خبرته الطويلة في الدراسة والبحث في دار الوثائق القومية، وتطرق الى سياسات الأرشيف المتّبعة في مصر منذ بداية القرن التاسع عشر. وشرح القواعد والإجراءات المعمول بها والتي تنظم عملية حفظ الوثائق وفهرستها وإتاحتها للجمهور بغرض البحث والاطلاع مع التركيز على مصر كنموذج. وأقيمت الندوة على هامش المعرض الذي استضافته الغاليري نفسها بعنوان «مكتبة بدون». ويشمل مجموعة كبيرة من الكتب والدوريات والمجلات المصورة المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط والتي تعود إلى فترة الحرب الباردة وما قبلها. والمعرض الذي اختتم في القاهرة بعد جولة بين أبو ظبي وبيروت ونيويورك، نظّمته مجلة «بدون» للفنون والثقافة. ويتمثل مشروع المعرض-المكتبة في تجميع غير كامل لكتب وملصقات وفهارس لبعض المعارض، وكتب الفنانين والمتعلقات الفنية الأخرى المستمدة من خمسة عقود من المواد المطبوعة في الشرق الأوسط وما حوله. وتركز المكتبة على أعمال القرن العشرين، خصوصاً في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والسياق المصاحب لسنوات الحرب الباردة، عندما بدأت ملامح الشرق الأوسط الذي نعرفه في التكون. الفكرة الرئيسة للمعرض هي الكتاب كموضوع، فالكتاب كما يقول المنظمون هو موضوع الإنتاج المادي، وهو أيضاً طريقنا لتقويم الأهداف المادية. وكانت الفكرتان اساسيتين في مشاريع الطباعة خلال الحرب الباردة، عندما كان العالمان الأول والثاني يتنافسان على مستوى الكلمة والصورة. في تلك الفترة قامت وكالة الأنباء الروسية بإنتاج كتب مصورة عن آسيا الوسطى. وهو الأمر نفسه الذي كانت تقوم به وزارة الخارجية الأميركية. وفي كوبا كانت منظمة التضامن لشعوب إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية تصدر «ترايكونتننتال» وهي مجلة ثقافية سياسية كانت توزع في مختلف الجامعات في العالم الثالث، وكانت نظيرتها في الجهة المقابلة من الصراع مجلة «ترانزيشن» التي كانت تُطبع في إفريقيا بإشراف محرر هندي وتمويل من وكالة الاستخبارات الأميركية. وعرضت على الجمهور نماذج من تلك الإصدارات التي تظهر الطرق المتعددة التي قام من خلالها الناس بتصوير ما نعرفه الآن باسم الشرق الأوسط. اما «بدون» فهي مجلة فصلية مهتمة بالفنون والثقافة مقرها أبو ظبي، وتعد المكتبة الأرشيفية احد نشاطاتها المتعددة. ومنذ تدشين مكتبة «بدون» في أبو ظبي في 2008، كوّن القيّمون عليها علاقات شراكة مع عدد من المؤسسات العالمية وجمعيات الفنانين، ومنها مجلة «سمندل» الفكاهية اللبنانية، إضافة الى ناشر كتب الفنانين التركي «بينت»، والجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية، ومشروع المساحة الفنية «نايتي آيت ويكس» في بيروت.