لا ينص قانون الانتخابات البلدية في لبنان على التوزيع الطائفي للمقاعد في المجالس البلدية والاختيارية التي يختلف عدد اعضائها بحسب عدد السكان في كل قرية، لكن الفرقاء المعنيين يحرصون على التوافق على التوزيع الطائفي في المقاعد ويسعون الى اقناع الناخبين بالتصويت للوائح مع الحرص على التصويت لممثلي غير طوائفهم اذا كانوا أقلية في القرى والبلدات المختلطة. وفيما تسبب التناقضات الطائفية احياناً اشكالات، ظهر خلال الانتخابات حرص على تجنب صراعات من هذا النوع، من دون ان يمنع ذلك حصول بعض "الخروق" لمبدأ تمثيل الجميع، في النتائج. لم تشهد المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في جبل لبنان خروقاً كبيرة لمبدأ التوازن الطائفي في المجالس البلدية في القرى والبلدات المختلطة. وهو أمر يخشى من حصوله عادة القادة السياسيون، نظراً الى الاجواء الطائفية المحمومة التي تسود المناطق بسبب ارتفاع حدة المنافسة. وبقيت الأمثلة على هذا الخرق محدودة. فلم ينجح ممثل للسنّة في مجلس بلدية جبيل، مع ان كان هناك مرشح من الطائفة في كل من اللوائح الثلاث المتنافسة. وفي المقابل، حمّل عضو "لقاء قرنة شهوان" النائب عن منطقة جبيل فارس سعيد السلطة السياسية مسؤولية استحداث بلديات مختلطة في قضاء جبيل لا تملك مقومات انمائية لاحتضان مجالس بلدية. ورأى في ذلك خلفية ادخال قوى سياسية الى المنطقة. واعتبر سعيد "ان بعد تبدّل المناخ السياسي في لبنان اصبحت غالبية مرجعية القوى الشيعية بعد الحرب خاضعة للترسيمات السياسية الشيعية الوطنية وتحديداً "حزب الله" وحركة "أمل"، وهذا ادى مع استحداث بلديات في قرى شيعية مختلطة مع مسيحيين الى مفاوضات صعبة بين الجانبين". وأوضح "ان القوى السياسية من خارج المنطقة فاوضت باسم سكان المنطقة من الشيعة حول شكل المجالس البلدية على قاعدة الارجحية العددية في اشارة الى ان الشيعة في بعض القرى المختلطة أكثرية، مما أدى الى اصطفاف طائفي ذهب معه بعض الأفرقاء في الطائفتين الى لائحة مضادة". ودعا سعيد "المرجعيات السياسية والروحية من الطوائف والقوى المختلفة في المنطقة الى خلوة لمعالجة هذا الموضوع". وقال ان إحدى القرى تدعى المغيري فاز فيها المجلس البلدي بالتزكية من خلال التوافق، اذ ان العلاقات الاجتماعية بين المسيحيين والشيعة لم تنقطع فيها لكن في القرى التي تفتقر الى مثل هذه العلاقات حصلت تناقضات. لكن النائب عباس هاشم اعتبر ان في ما يقوله سعيد تضخيماً لا مبرر له. فحيث حصل خلاف على التوزيع الطائفي للمقاعد تم الاتفاق بنصيحة من المرجعيات الشيعية على تأجيل الانتخابات منعاً لأي احتقان طائفي. وأكد سعيد "الحرص على عدم حصول تناقض طائفي في المناطق المختلطة ووضع الانتخابات البلدية في اطارها الانمائي، وهذا ما يدعو اليه البطريرك الماروني نصرالله صفير، وحاولنا ان نجسده في بيروت وفي كل القرى المختلطة في الجبل". وقال: "على رغم اعتراضنا السياسي على أداء الوزير وليد جنبلاط لأنه جزء من السلطة، لم ننزعج من ان يتحالف معه السيد دوري شمعون لانعكاس ذلك ايجاباً على كل المسيحيين والدروز في الجبل وسنعمل كي ينسحب ذلك على المناطق اللبنانية". ودعا الى المزيد من التضامن "نظراً الى حرص كل المراجع على الوحدة في مواجهة الاخطار في المنطقة". وأضاف: "على رغم اعتراضنا على بعض الطروحات السياسية لتيار العماد عون فإن كل قوى المعارضة أكدت حرصها على تغليب الوحدة الداخلية". أما في منطقة الشوف التي لم تشهد عشر بلدات فيها انتخابات بسبب فوز مجالسها البلدية بالتزكية وهي قرى مختلطة بين دروز ومسيحيين، فكان التوازن الطائفي متوافراً بدعم من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي رأى في إقبال المسيحيين على التصويت، "تقريباً للانتهاء من ملف المهجرين، وهذا مهم جداً، وإذا استثنينا منطقتي الشحار وكفرمتى، فان كل "عودة" قد انتهت". وكان لافتاً في بعض القرى ان اللوائح في القرى المشتركة ضمت مرشحين من كل التيارات حفاظاً على العيش المشترك، وأبرز مثال على ذلك بلدة الجية حيث فاز في لائحة واحدة مرشحون من "حزب الله" و"أمل" و"القوات اللبنانية" ومستقلون. الا ان المسلمين في بلدة بعبدا حي سبنيه حيث هم أقلية لم يتمثلوا لا ترشحاً ولا انتخاباً في البلدية. وفي المقابل، سجل تعاون "حزب الله" مع التيار العوني في حارة حريك حيث تم الحفاظ على التوازن. وتعتبر معركة التوازن اساسية ومهمة في انتخابات بلدية بيروت الأحد المقبل.