تترافق المشاورات التي يجريها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى العراق الأخضر الابراهيمي، والتي يفترض ان تثمر اعلاناً لحكومة عراقية في الأيام القليلة المقبلة، مع توقعات بدأت ملامحها تتضح لطبيعة الشخصيات التي ستتولى المسؤولية خلال الفترة الانتقالية الثانية في عراق ما بعد صدام حسين. واكد اكثر من مصدر في مجلس الحكم ل"الحياة" ان ما كان مقترحاً في الأيام الثلاثة الماضية حول أرجحية تولي عدنان الباجه جي رئاسة الدولة، لم يعد وارداً لأسباب كثيرة، قال بعضهم انها بسبب شعور الباجه جي ب"التعب"، فيما اعادها آخرون الى اعتراضات كردية وشيعية مرتبطة بمواقف سابقة للباجه جي. وأكدت المصادر ذاتها ان الاسم الوحيد المطروح اليوم لرئاسة الدولة هو عضو مجلس الحكم غازي الياور، علماً ان اتفاقاً غير نهائي ابرمته القوى العراقية وبإشراف الابراهيمي، يقضي بأن يكون منصب رئيس الدولة من نصيب السنة، ورئيس الحكومة من نصيب الشيعة، على ان يتولى كردي وشيعي منصبي نيابة رئيس الدولة. وستكون لرئيس الحكومة صلاحيات تنفيذية واسعة، في حين ستغلب على موقع الرئاسة الأولى الصبغة السيادية والفخرية. لكن الاتفاق على توزيع المواقع على الطوائف والقوميات، ما زال يصطدم بالمطالبة الكردية بموقع الرئاسة، وما زال الابراهيمي يجول في بغداد على القوى السياسية وغيرها لتكريس صيغة الرئاسة والحكومة، والتي يبدو واضحاً استمرار الاحتجاج الكردي عليها. إذ اعتبر العضو الكردي في مجلس الحكم محمود عثمان ان ما يجرى الآن ليس سوى امتداد لتسليم الأممالمتحدة للأميركيين في العراق كل شيء، واصفاً تحرك الابراهيمي بأنه "أقرب الى تحضير الأجواء للرغبات الأميركية". ويبدو ان ترجيح استبعاد الباجه جي عن الرئاسة عزز حظوظ مهدي الحافظ في رئاسة الحكومة، بسبب انتماء الرجلين الى التجمع السياسي ذاته، علماً ان منصب رئاسة الحكومة كان شهد تجاذباً اشد من ذلك الذي شهده المنصب الأول. فالقول ان هذا المنصب لشيعي اعتبرت القوى الدينية الشيعية معناه انه لشيعي متدين وليس علمانياً، في حين اعتبرت قوى أخرى انه لا يحمل شرطاً سوى الانتماء الى هذه الطائفة، وراهنت قوى غير شيعية على ان الأميركيين لن يقبلوا الا برئيس علماني للحكومة. وربما حقق مهدي الحافظ أكثر الشروط، فهو لا يثير حفيظة السنة نظراً الى انتمائه الى تجمع الديموقراطيين المستقلين الذي يرأسه الباجه جي، وهو شيعي من الجنوب ايضاً. لكن المشاورات التي يجريها الابراهيمي، والتي يفترض ان تثمر في الأيام القليلة المقبلة، لم تنته بعد، والأسماء الجديدة متوقعة، خصوصاً بعد الذي حصل قبل ايام عندما اخرج المبعوث الدولي اسماً جديداً قيل ان المرجعية الشيعية ربما كانت وراء طرحه، وهو العالم النووي العراقي حسين الشهرستاني الذي كان فر من العراق ايام النظام السابق. لكن اعتراضات كثيرة سيقت ضد الرجل، لا سيما من القوى الشيعية، وما حسم استبعاده اخيراً وصول معلومات عن عمله خلال فترة وجوده خارج العراق، في المفاعل النووي الايراني، وهو امر لا يمكن الأميركيين تجاوزه. اسماء اخرى طرحت ثم استبعدت ايضاً، منها رئيس "حركة الوفاق" اياد علاوي، والشخص الثاني في "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" عادل عبدالمهدي. اما ابراهيم الجعفري فرجحت مصادر مجلس الحكم ان يتولى الى جانب جلال طالباني منصب لرئيس الدولة.