شهدت مدينتا الكوفة والنجف يوماً دموياً جديداً أمس، اذ قتلت القوات الاميركية 46 عراقياً في هجومين منفصلين استهدف أحدهما مسجد السهيلة في الكوفة، فيما ساد الهدوء في كربلاء حيث انسحب انصار مقتدى الصدر والقوات الاميركية من المدينة بناء لاتفاق يشمل دفع تعويضات. واقتحمت قوات اميركية مسجد السهيلة، حيث تحصن مسلحون من انصار الصدر، مما أسفر عن مقتل نحو 32 شخصاًً واصابة 54 آخرين، اضافة الى الحاق اضرار بالمسجد. وأوضح الناطق باسم مكتب الصدر في بغداد الشيخ رائد الكاظمي ل"الحياة" ان القوات الأميركية تعمدت قصف المسجد وايقاع هذا العدد الكبير من الإصابات فيه، مشيراً إلى أن بقع الدم داخله تشهد على عدم احترام الأميركيين قدسية المكان. وفي النجف، قصفت قوات اميركية شمال المقبرة التاريخية في المدينة، ما اسفر عن مقتل 14 عراقياً بينهم ثلاث نساء، فيما افادت مصادر طبية ان غالبية ضحايا القصف كانت من رجال الشرطة العراقية والمدنيين. أما في كربلاء، فأكد المسؤول عن المفاوضات بين انصار الصدر والقوات الاميركية موافقة الطرفين على وقف المعارك، وفقاً لاتفاق من خمس نقاط، يشمل دفع تعويضات الى عائلات الضحايا والمصابين خلال الاشتباكات. على صعيد آخر، لم ينف وزير التخطيط والتعاون العراقي مهدي الحافظ احتمال توليه منصب رئاسة الحكومة العراقية الجديدة، وقال ل"الحياة" إن هذا الموضوع غير خاضع للمناقشة حالياً لكن المسألة "ستحسم قريباً". وأشار إلى أن هناك جهوداً تبذل للقيام بالاحصاء العام للسكان، وهو الأول من نوعه منذ 17 عاماً، على أن يُشرع به في تشرين الأول اكتوبر المقبل تمهيداً لاجراء انتخابات ووضع سياسات انمائية دقيقة. وأكد أن هناك مساعي تبذل "لصوغ قانون للانتخاب سيوضح كيف يمكن أن تجري عملية الانتخاب استناداً إلى نتائج الاحصاء السكاني، أو باستخدام آليات أخرى". ونفى أن يكون في الامكان اجراء انتخابات في ظل الوضع الأمني الحالي، مشيراً إلى أن اعلان الحكومة الجديدة سيعقبه تشكيل "المؤتمر الوطني خلال شهر تموز يوليو أو بعد ذلك التاريخ بقليل". في هذا الوقت، لقي جنديان اميركيان مصرعهما واصيب خمسة آخرون بجروح قرب الفلوجة في غرب العراق في اول هجوم يسجل في المنطقة منذ انتهاء حصار المدينة في وقت سابق من الشهر الحالي. وتكررت في طهران امس محاولات اقتحام مبنى السفارة البريطانية، لكن قوات مكافحة الشغب تصدت للطلبة المتظاهرين مستخدمة الهراوات مما اوقع اصابات في صفوفهم. وارتدى المتظاهرون ومعظمهم من "الباسيج" اكفاناً معلنين استعدادهم للشهادة اذا صدر بها أمر من مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي. وجاء هذا التطور في وقت اعلنت فيه ايران انها وجهت تحذيرا رسميا الى الولاياتالمتحدة عبر السفارة السويسرية التي ترعى مصالحها بخصوص سياستها في العراق بعد الهجوم على مدينتي النجف وكربلاء. وقالت صحيفة "كيهان" ان مجموعة ايرانية مجهولة دعت المتطوعين الى تسجيل اسمائهم للقيام بعمليات انتحارية ضد القوات الاميركية والبريطانية في العراق. وعلى صعيد فضيحة التعذيب في سجن ابو غريب العراقي، اكدت صحيفة "واشنطن بوست" أمس ان أحد محامي الجنود الاميركيين المتهمين بالانتهاكات نقل عن ضابط ان قائد القوات البرية للتحالف في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز قد يكون حضر جلسات استجواب معتقلين في ابو غريب تخللتها انتهاكات لحقوقهم. لكن الجيش الاميركي سارع الى اصدار بيان ينفي ان "يكون سانشيز على علم، وفي بعض الاحيان حاضرا اثناء بعض التحقيقات او اثناء المزاعم بوقوع انتهاكات في السجن"، مؤكدا ان تقرير الصحيفة "غير صحيح". وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" ان القيادة الاميركية في العراق سعت عمدا الى استبعاد مئات السجناء العراقيين من الحماية التي توفرها اتفاقات جنيف وبعثت برسالة سرية الى الصليب الاحمر الدولي تعلن فيها ان "الضرورات العسكرية" تقضي بعزل بعض الموقوفين في سجن ابو غريب لاستجوابهم نظراً لما بحوزتهم من معلومات استخباراتية قيمة. وتناقض الرسالة التصريحات الاخيرة لمسؤولي الادارة وخصوصا وزير الدفاع دونالد رامسفيلد والتي تؤكد ان اتفاقيات جنيف تسري على العراق. ويبدو ان الرسالة المؤرخة في 24 كانون الاول ديسمبر تضرب بعرض الحائط تأكيدات الادارة بشأن تطبيق اتفاقيات جنيف في العراق. وفي لندن، ذكرت صحيفة "ذي اندبندنت أون صاندي" ان معتقلين عراقيين أوقفوا قبل شهور في البصرة تعرضوا بشكل منهجي للضرب والتعذيب بأيدي جنود بريطانيين في حضور أحد الضباط. واستندت الصحيفة الى شهادات معتقلين جمعتها الشرطة العسكرية التي تحقق في وفاة أحدهم أثناء استجوابه.