رفضت سلطات الاحتلال الاميركي أمس اتفاقاً توصلت اليه الأطراف الشيعية مع مقتدى الصدر الذي أبدى استعداده لحل ميليشياه جيش المهدي في حال طلبت ذلك المرجعية الدينية، في حين شهدت قضية تعذيب معتقلين عراقيين في سجن "أبو غريب" تداعيات جديدة، مع كشف معلومات تثبت تورط قيادات عسكرية أميركية. في غضون ذلك، وصف عضو مجلس الحكم الانتقالي العراقي الشيخ عبدالكريم المحمداوي الحاكم الأميركي المدني للعراق بول بريمر بأنه "متطرف"، بعدما أكد في اجتماع مع اعضاء المجلس انه لن يقبل أي اتفاق لا يبدأ باستعداد الصدر للمثول امام القضاء العراقي، بتهمة اغتيال رجل الدين الشيعي عبدالمجيد الخوئي في نيسان ابريل العام الماضي. راجع ص3 و4 وأبلغت مصادر المجلس "الحياة" ان بعض الأعضاء الشيعة في المجلس فوجئ بالموقف "المتشدد" لبريمر، ما حدا بالمحمداوي الى الرد بعنف، واصفاً الأخير بأنه "متطرف"، وهو ما رفضه الحاكم الأميركي، معتبراً ان موقفه "قائم على ضرورة تقديم الصدر للعدالة بوصفه خارجاً على القانون". وكان المحمداوي شارك في مفاوضات مضنية مع مساعدي الصدر بمشاركة زعماء عشائر وأحزاب سياسية وممثلين للمرجعيات الدينية مع ممثلين للزعيم الشيعي الصدر في النجف، أسفرت عن اتفاق من سبع نقاط نال مباركة المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، ونص على "تشكيل لواء من اهالي النجف بإمرة المحافظ يتولى حماية المدينة"، و"تحويل جيش المهدي الى منظمة سياسية وإلغاء كل المظاهر المسلحة"، و"تأجيل محاكمة الصدر في اطار مقتل عبدالمجيد الخوئي إلى حين تشكيل حكومة منتخبة". واشترط الصدر "انسحاب قوات الاحتلال من مراكز المدن" التي تضم الأماكن الدينية في جنوبالعراق. وكان الصدر هدد، في مؤتمر صحافي عقده في النجف اثر الاعلان عن الاتفاق وقبل اعلان بريمر رفضه له، بمواصلة القتال ضد القوات الأميركية، لكنه أبدى في الوقت ذاته استعداده لحل "جيش المهدي" اذا طلبت منه المرجعية الشيعية ذلك. وجدد دعوته إلى انسحاب القوات الاميركية من العراق، وتسليم السيادة إلى حكومة يختارها العراقيون، معتبراً "كل من يتعاون مع المحتل محتلاً". وانتشرت أمس للمرة الأولى افواج الدفاع المدني العراقي في كربلاء، بعد اسابيع من الاشتباكات بين الجانبين، آخرها ليل أول من أمس واسفر عن مقتل اكثر من 25 عنصراً من "جيش المهدي". وشوهدت في المدينة للمرة الأولى دوريات مشتركة من الدفاع المدني العراقي والقوات البولندية تجوب الشوارع القريبة من جامع المخيم، المقر الرئيسي ل"جيش المهدي". ذبح الأميركي على صعيد آخر، قال الرئيس جورج بوش إن ليس هناك "أي مبرر" لذبح الأميركي نيكولاس بيرغ في العراق، والذي قطعت رأسه جماعة "أبي مصعب الزرقاوي" انتقاماً لإساءة معاملة معتقلين عراقيين. وتابع بوش: "لا يوجد مبرر للإعدام الوحشي لنيكولاس بيرغ". في الوقت ذاته، كشفت المديرة السابقة لإدارة السجون الأميركية في العراق ان رئيسها أمرها بتحويل سجن "ابو غريب" الى معتقل "غوانتانامو آخر". وفيما أكد عضو في مجلس الشيوخ ان ممارسات التعذيب تعكس "جهداً منظماً واعداداً منهجياً"، نفى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ان تكون اساليب الاستجواب التي يستخدمها الجيش الأميركي تنتهك معاهدة جنيف. وقال امام لجنة في الكونغرس ان محامي وزارته أقروا الأساليب مثل الحرمان من النوم وتغيير العادات الغذائية، واجبار السجناء على اتخاذ اوضاع مرهقة. لكن السناتور ريتشارد دوربين اعتبر ان بعض هذه "التقنيات يذهب الى أبعد من اتفاقية جنيف". ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن البريغادير جنرال جانيس كاربينسكي ان قائد القوات البرية في العراق اللفتنانت جنرال ريكاردو سانشيز والرئيس الجديد لإدارة السجون الميجور جنرال جيفري ميلر، اتخذا قرارات أدت الى تعذيب سجناء عراقيين. واعترف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بأن فضيحة التعذيب "مدمرة"، لكنه نفى اتهامات المعارضة بتستر حكومته على تعذيب المعتقلين العراقيين، خصوصاً بعد تلقيها تقريراً من اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ونشرت صحيفة "ديلي ميرور" مزيداً من الافادات لجنود بريطانيين تشير الى انتهاكات واسعة تغاضى عنها مسؤولون عسكريون. أما وزير خارجية الفاتيكان الأسقف جيوفاني لاجولا فاعتبر تعذيب المعتقلين "ضربة للأميركيين أقوى من هجمات 11 ايلول سبتمبر، لأن تلك شنها إرهابيون، أما هذه فوجهها الأميركيون الى انفسهم". وأثار ذبح الأميركي نيكولاس بيرغ ردود فعل منددة في واشنطن ولندن، كما دانه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان. واطلقت ثلاث قذائف على السفارة الايطالية في بغداد أمس، من دون أن يسجل سقوط ضحايا.