يستعد حزب "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" الحاكم في فرنسا للانتخابات الأوروبية المقررة في 13 نيسان ابريل المقبل، مركزاً انظاره على الرأي العام الفرنسي من جهة، وعلى وزير المال نيكولا ساركوزي من جهة أخرى. ويحكم مواقف الحزب وتحركاته في اطار حملة الانتخابات الأوروبية هاجسان: الأول، يقضي بتحسين مواقعه لدى الناخبين وازالة الصفعة التي تلقاها في الانتخابات الاقليمية في آذار مارس الماضي. أما الهاجس الثاني، فيقضي بلجم طموح ساركوزي المفرط والحؤول دون بلوغه هدفه السيطرة على رئاسة حزب الاتحاد على المدى القصير والقفز لاحقاً من هذا الموقع لخوض انتخابات الرئاسة الفرنسية عام 12007. ويتخوف حزب الاتحاد من اقدام الناخبين مجدداً وعلى غرار ما فعلوه في الانتخابات الاقليمية، على تحويل الاستحقاق الأوروبي الى استفتاء لشعبية رئيس الحكومة جان بيار رافاران وفريقه. وفي وقت يعاني رافاران من تدهور بالغ في مستوى تأييد الرأي العام له، فهو ملزم منذ اعادة تكليفه مجدداً برئاسة الحكومة بعد هزيمة الانتخابات الاقليمية، باجراء سلسلة من الاصلاحات للحد من العجز في الموازنة العامة. ومن البديهي ألا تساهم هذه الخطط الاصلاحية المطلوب اعتمادها، ومنها تلك التي كشف عنها أول من أمس لسد العجز المتراكم بالبلايين في موازنة الضمان الصحي، في تعزيز شعبية الفريق الحكومي، وان تتسبب بتحركات احتجاج واضرابات على غرار تلك التي شهدها أخيراً قطاعا السكك الحديد والبريد. وفي هذا الاطار، صرح وزير التربية الوطنية فرانسوا فييون الذي يعد من الشخصيات البارزة في حزب الاتحاد ان من غير المستبعد "ان ندفع الثمن مجدداً نتيجة حرف الانتخابات عن هدفها الحقيقي"، أي القضايا الأوروبية. في غضون ذلك، يبدو واضحاً ان المعارضة ممثلة بالحزب الاشتراكي الفرنسي تبدي حرصاً فائقاً على تحويل الانتخابات المقبلة الى مناسبة لتوجيه صفعة جديدة لليمين الحاكم، وتكريس التأييد الشعبي لمصلحتها بعدما برز هذا التأييد عبر الانتخابات الاقليمية. ويعمل حزب الاتحاد على الخروج من الانتخابات الأوروبية بأدنى قدر ممكن من الخسائر، فيما يسعى ساركوزي لوضع كامل ثقته في اطار الحملة، خدمة للأجندة الخاصة به. مفتتحاً بذلك بصورة مبكرة مسألة خلافة رئيس الحزب آلان جوبيه الذي يعتزم التخلي عن منصبه لإدانته بقضية فساد. وفي أحدث مثال على هذا الاصرار، تعمد ساركوزي في اطار الاعداد للبرنامج الانتخابي للحزب، مخالفة رئيس الجمهورية جاك شيراك، بدعوته الى طرح الدستور الأوروبي الجديد على الاستفتاء الشعبي، قبل مصادقة فرنسا عليه. واضطر جوبيه، في ضوء التأييد الشعبي الذي يحظى به هذا الاقتراح، الى تأييده، لمنع ساركوزي من المجاهرة بأوبوته له، مما وضعه على تناقض مع شيراك على رغم العلاقة الوثيقة والمميزة القائمة بينهما. واعتبر جوبيه ان المهم هو سد أي منفذ يستغله ساركوزي الذي يكاد يكون الشخصية اليمينية الوحيدة التي تحظى بشعبية لدى الفرنسيين، لكنه ربما أساء تقدير وقع مثل هذا الموقف، الذي أظهر ان حزب الاتحاد بات خارجاً عن سيطرة زعيمه، شيراك.