في مقابلة صحافية وحيدة أزاح موردخاي فعنونو الستار عن سر اثير لدى اسرائيل: سلاحها النووي. وما يخشاه صنّاع السياسة الاسرائيليون الآن من أن يخرج فعنونو 49 عاماً من السجن بمزاعم جديدة عن عمله في مفاعل ديمونة ومن أن يكون الخيال أكثر ضرراً من الحقيقة. ويتساءل رئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلي موساد السابق شبتاي شافيت: "من يضمن أنه لن يتحدث الا عن الحقيقة فقط. وما السبيل لمنعه من تخيل أمور". وقال شافيت الذي شارك في مشاورات سرية حول ابقاء فعنونو تحت المراقبة عندما ينهي عقوبة بالسجن 18 عاماً الاربعاء المقبل ان "الامر الرئيسي هو نيته الاستمرار في الاضرار بإسرائيل". وقال فعنونو في تصريحات عبر أقاربه ان ليس لديه ما يضيفه على الاسرار التي أذاعها لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عام 1986 والتي قادت المحللين الى استنتاج أن مفاعل ديمونة أنتج نحو 200 قنبلة نووية وجعل اسرائيل قوة عسكرية عظمى. وطرد الرجل من عمله كفني في مفاعل ديمونة عام 1985 واعتنق المسيحية. وخطفه "موساد" بعد المقابلة مع "صنداي تايمز" وحوكم بتهمة الخيانة. وتشير الروايات جميعاً الى أن فعنونو غاضب ومهتاج من الطريقة التي عومل بها وهدد بمواصلة حملة للكشف عن قدرات اسرائيل غير التقليدية. لذلك يشعر خبراء الامن الاسرائيليون بالقلق من هذا المزيج من الايديولوجيا والغضب. لكن بعضهم ينتقد قرار الحكومة ابقاء فعنونو في البلاد ومراقبة هاتفه ومنع الصحافة من الاتصال به في فترة يوضع خلالها تحت المراقبة بعد الافراج عنه. وقال دافيد كيمحي وهو ضابط استخبارات متقاعد والمدير العام السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية: "أظن أن من الخطأ تكميمه... هذا يعزز صدقيته المفترضة ويضفي أهمية كبيرة على أي شيء يختلقه". وتواصل الدولة العبرية اعتماد سياسة "الغموض الاستراتيجي" في شأن برنامجها النووي مما يتيح لها الافلات من حظر تفرضه الولاياتالمتحدة على دعم الدول التي تنشر أسلحة غير تقليدية وأن تتلقى بالتالي 2.8 بليون دولار معونة سنوية من واشنطن. ويعني تكتم اسرائيل على برنامجها النووي وجود جمهور مستعد للاستماع لافراد يزعمون أنهم كانوا مطلعين على أسرار قومية، كما يطلق العنان لسيناريوات متخيلة من نوع ان الدولة العبرية تطور قنبلة يمكن أن تصيب العرب دون غيرهم استناداً الى جيناتهم! واستناداً الى مصادر أمن اسرائيلية فإن فعنونو لن يبقى صامتاً الى حد أنه رفض العام الماضي افراجاً مبكراً مشروطاً بألا يتحدث عن مسألة ديمونة علناً. وقال فعنونو، الذي تنصل كثيرون من أفراد عائلته منه، في خطابات من السجن انه يريد أن يهاجر ويبدأ حياة عائلية جديدة ويلقي محاضرات عن التاريخ الاميركي. ويعتقد كثيرون أنه سيعاني من اثار نفسية بسبب عزلته. اذ أمضى 12 عاماً من مدة عقوبته في سجن انفرادي. ويقول شقيقه مئير: "موردخاي ليس مجنوناً لكنه غاضب للغاية وتنتابه أحياناً أفكار بأن هناك مؤامرة اسرائيلية كبرى ضده".