يصف الخبير النووي الإسرائيلي موردخاي فعنونو المسجون في إسرائيل منذ 11 سنة لافشائه أسراراً عن مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية إسرائيل في رسالتين وجههما إلى عضو الكنيست العربي عزمي بشارة بأنها دولة عنصرية تقوم ديموقراطيتها على استخدام القوة، لا على العدل والاخلاق. ويدعو فعنونو، الذي نشرت مجلة "كول هاعير" الأسبوعية نص رسالتيه إلى بشارة في عددها الأخير، في إحدى الرسالتين العرب في إسرائيل إلى "تشكيل معارضة حقيقية للأسلحة النووية في إسرائيل". وتقول "كول هاعير" إن من الواضح ان أحداً ما أخر وصول رسالتي فعنونو إلى بشارة إلى أن يمكن تعديل القانون الإسرائيلي على نحو يسمح بشطب كلمات من رسائله على أساس أنها تضر بأمن الدولة. وتنقل عن بشارة قوله إنه طلب قبل سنة ونصف سنة زيارة فعنونو في السجن "وبمجرد تقديمي الطلب اتخذ قرار غريب نص على أن رؤساء اللجان البرلمانية هم وحدهم الذين يسمح لهم بزيارته، والآن غيروا القانون ليخضعوا رسائل فعنونو للرقابة وأخروا تسليم الرسالتين إلى أن تم تعديل القانون". رسالة فعنونو الأولى تاريخها 8 كانون الثاني يناير 1998 ويقول في بدايتها: "مضت سنة منذ أن كتبت لك، وقبل ذلك إلى عضو الكنيست هاشم محاميد وأود أن أقول لك ولكل أعضاء الكنيست العرب انني خائب الظن لكونكم، أنتم أيضاً، لا تفهمون قضيتي ولا تثيرونها في الكنيست، ولا تعملون من أجل انهاء سجني الانفرادي. حتى لو لم تكن هناك فرصة للنجاح، من المهم في كل يوم أجلس فيه هنا أن تذكروا اعضاء الكنيست اليهود ومواطني إسرائيل الصهاينة انهم لا يشكلون ديموقراطية وانهم تحولوا دولة نازية جديدة عنصرية ...". ويشكو فعنونو بعدئذ في رسالته تلك من "الحرب النفسية" التي يتعرض لها في سجن عسقلان، ويقول "إنهم يريدون ايذاء صحتي العقلية". ويناشد فعنونو أعضاء الكنيست العرب من خلال بشارة إثارة موضوع سجنه الانفرادي ويصف جهاز الاستخبارات الإسرائيلي موساد بأنه "الجستابو اليهودي"، ويقول: "لقد أثبتوا للعالم أن اليهود والصهيونية واليهودية لا يمكنها أن تشكل الأساس لدولة ديموقراطية وإنما الأساس لدولة عنصرية على غرار مثال جنوب افريقيا ... ان أي شخص يعيش هنا يعلم أن اليهود يعيشون هنا نتيجة اضطهاد عسكري، ان استخدام القوة وليس العدالة أو الاخلاق هو أساس ديموقراطية إسرائيل، وأنتم العرب تعرفون هذه الأمور أفضل من أي شخص آخر. لكنكم تفتقرون إلى أهم الوسائل على الاطلاق، أي استخدام الحرب النفسية. السيطرة الكاملة على وسائل الاعلام، هذا هو الأمر المهم اليوم، أي الصورة التي تخلقها وسائل الاعلام. هذا هو ما تبيعه إسرائيل للعالم كله". ثم يشير إلى "اخفاق النظام القضائي" في إسرائيل "الذي يخدم ويبرر أي شيء تفعله أجهزة الاستخبارات"، ويضيف: "كل هذا يتم عمله للتغطية على الموضوع النووي، أي اسرار إسرائيل الذرية، أي عدم التعامل مع ما كشفته لهم. إن عليكم أن تواجهوا هذا الموضوع، القنابل الذرية، علناً وأن تسألوا عما إذا كان اليهود مستعدين لإدامة الهولوكوست ضد العرب، وما إذا كان اليهود يريدون ان يفتح متحف هولوكوست في القاهرة وفي بغداد. ما الذي يريد اليهود فعلاً عمله بالأسلحة النووية؟". ويضيف: "ان زعمي هو ان اليهود يخدمون مصالح الاستعمار القديم، ولهذه الغاية تسلموا مفاعلاً نووياً لكي يصنعوا قنابل نووية. ولولا المساعدة من فرنسا وانكلترا لكان اليهود هنا مستعدين لقبول غالبية فلسطينية ... هذه هي مشكلة الشرق الأوسط برمتها... إنه توجد دولة استعمارية هنا، إسرائيل، لها سياسات نووية ونظام حديث للحرب النفسية التي تشن ضد الدول العربية كلها". الرسالة الثانية تحمل الرسالة الثانية تاريخ 3 آذار مارس 1998. ويقول فعنونو في بدايتها: "آمل أن تكون قد تسلمت رسالتي الأخيرة. اكتب إليك برغم انني لم اتسلم رسالة واحدة منك. أود أن اكتب إليك عن بعض وجهات نظري في ضوء الوضع في العراق وعن كل الأنباء المتعلقة بأسلحة الابادة في العراق والتي لا تورد أي ذكر بالمرة للترسانات النووية التي تملكها إسرائيل ... إذا كان هنا في إسرائيل معارضة حقيقية لسياسات الدولة، فإن عليها أن تتحدث الآن بصوت حازم وان تلفت اهتمام جميع المواطنين إلى موضوع وجود وصنع أسلحة الإبادة. وهذا يعني الأسلحة النووية التي تصنع مفاعل ديمونة ...". ثم يقول: "اعتقد أنه إذا اراد العرب الإسرائيليون إظهار تضامن مع العرب في العراق والاماكن الأخرى، فيجب ان يشكلوا معارضة حقيقية للأسلحة النووية في إسرائيل بإثارة الموضوع أمام الإسرائيليين والأميركيين. ويجب عمل ذلك بحيث لا يتجاهل البريطانيون والأميركيون الموضوع ويقصفوا بالقنابل، لا العراق وحده، وإنما "جري مطالبتهم أيضاً بنسف المفاعل الإسرائيلي في ديمونة". ويتابع قائلاً: "إن هدفك، وهدف الأعضاء العرب في الكنيست، هو تحقيق نزع أسلحة الترسانة النووية الإسرائيلية وأن تفعلوا للأسلحة النووية في مفاعل ديمونة النووي تماماً ما فعلته إسرائيل للمفاعل النووي العراقي عام 1981. إن هذا جزء من عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو أيضاً حل للمشكلات التي يواجهها العرب الإسرائيليون، وكذلك اللاجئون منذ العام 1948 ...". ويختم رسالته قائلاً: "إن موضوع الأسلحة البيولوجية والكيماوية العراقية يجب انهاؤه برمته. ولكن المفاعل النووي في ديمونة وكل الأسلحة النووية التي تملكها إسرائيل يجب تدميرها. وإذا ما تم ذلك، فسترغم إسرائيل على التوصل إلى سلام مع العرب وعلى حل كل المشكلات التي سببتها الحروب التي أعقبت انشاء إسرائيل عام 1948. لقد حان الوقت لكشف وجه الإسرائيليين الحقيقي للعالم. وأوضاعكم أنتم كعرب إسرائيليين دليل على عدم وجود ديموقراطية في إسرائيل ... سيسعدني أن تكتب إليّ أو تزورني".