اتجهت انظار الروس الى حدودهم الغربية مع الاعلان رسمياً عن توسيع حلف شمال الاطلسي ليضم جمهوريات سوفياتية سابقة، للمرة الاولى منذ انهيار الدولة العظمى. وعلى رغم ان هذا التطور لم يكن مفاجئاً لأحد بعدما اثارت تحضيراته جدلاً واسعاً خلال العامين الاخيرين، غير انه اسفر في روسيا عن موجة انتقادات حادة. وانطلقت دعوات الى اتخاذ خطوات رادعة في مواجهة ما وصف بأنه "تهديدات محتملة". ودعا البعض الى توجيه اوامر لاطلاق النار من دون تنبيه على طائرات للحلف ينتظر ان تقوم ابتداء من اليوم، بطلعات دورية على مقربة من الحدود الروسية. جرت في واشنطن امس، مراسم توسيع حلف الاطلسي وانضمام سبع جمهوريات جديدة اليه، كانت كلها تصنف ضمن معسكر الاعداء وهي: بلغارياورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا اضافة الى جمهوريات البلطيق الثلاث: ليتوانيا ولاتفيا واستونيا. ويسهم الأعضاء السبعة الجدد في الحلف بنحو 175 الف جندي نظامي، فضلاً عن قوات حرس الحدود التي تعمل تحت قيادة وزارات داخلية تلك الدول، إلى جانب اكثر من ثلاثة آلاف دبابة معظمها من طراز قديم. وتتصدر رومانياوبلغاريا الدول السبع، في ما يتعلق بحجم نفقاتها العسكرية بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي لديها، إذ تزيد النسبة في هاتين الدولتين عن اثنين في المئة. وترأس المراسم في البيت الابيض الرئىس جورج بوش في حضور الامين العام للاطلسي ياب دو هوب شيفر وزعماء الدول المعنية. وقال رئيس وزراء سلوفينيا انتون روب إن التحاق بلاده بعضوية الحلف هو "افضل وسيلة لزيادة ضمان امنها على المدى الطويل"، في حين اعتبر المندوب الأميركي لدى الحلف نيكولاس بيرنز أن "التهديد الذي يواجه أعضاء الأطلسي الآن، عالمي، ولذلك يجب أن يعيد الحلف تشكيل هياكله لمواجهة هذا التهديد الجديد". الموقف الروسي واعتبر الاعلان رسمياً عن انضمام هذه الدول الى الحلف العسكري فشلاً لموسكو التي سعت خلال العامين الماضيين الى وضع مختلف العراقيل امام هذا التطور. وكانت روسيا حذرت من مخاطر توسيع الحلف شرقاً واعتبرته تهديداً لأمنها القومي. واعترضت في شكل اكثر حدة على انضمام دول البلطيق الثلاث التي تشير تقديرات العسكريين الى انها ستتحول قاعدة متقدمة للحلف، تطل في شكل مباشر على الاراضي والاجواء الروسية. وجمد مجلس الدوما البرلمان مناقشات التصديق على معاهدة انتشار الاسلحة التقليدية في اوروبا. وذكر برلمانيون ان المجلس سيطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخاذ اجراءات جوابية على الخطوة التي وصفها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الدوما قسطنطين كوساتشيف بأنها بعيدة عن روح الصداقة. واعتبر ان على روسيا ان "ترد بالمثل"، فيما قدم رئيس لجنة الدفاع فيكتور زافارزين تقريراً ضمنه توصية بإعادة النظر في العقيدة العسكرية لروسيا في ضوء المستجدات الاخيرة. وأصدرت الخارجية الروسية بياناً شديد اللهجة امس، اعتبر توسيع الحلف "يمس في شكل مباشر مصالح روسيا العسكرية والسياسية والاقتصادية". ودعا البيان الى تغيير الطبيعة العسكرية للحلف. وقال ان ذلك يؤثر ايجاباً في الامن الاوروبي كله. واعتبر مراقبون ان اهم المخاطر التي تهدد روسيا تكمن في تمركز مقاتلات بعيدة المدى تابعة للحلف الغربي على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الروسية مع ليتوانيا، اضافة الى ان اراضي وأجواء الاعضاء الجدد ستكون مسرحاً للنشاط الاستطلاعي والتجسسي للحلف. وبدأت منذ امس، طائرات عسكرية من طراز "اف 16" طلعات دورية في المناطق القريبة من الحدود مع روسيا، ما اثار غضب عسكريين روس. وقال اناتولي كارانوتوف رئيس سلاح الجو السابق ان من حق موسكو اطلاق النار من دون تنبيه على اي طائرة تخترق المجال الجوي لبلاده وطالب القيادة الروسية بإصدار تعليمات في هذا الشأن.