أكد مسؤول أردني رفيع المستوى ل"الحياة" أمس أن العلاقات بين عمان وتل أبيب تواجه "أزمة حقيقية" بعد ثلاثة أيام على اغتيال الزعيم الروحي ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس الشيخ أحمد ياسين، معتبرا أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة سياسة تصفية الرموز الفلسطينية "أوقعت الأردن ومصر في حرج سياسي كبير، ووجهت ضربة قوية الى جهود البلدين المتواصلة في تهدئة الأوضاع الأمنية على الأراضي الفلسطينية ودعم عملية السلام". كما "ألحقت ضرراً كبيراً بالقنوات الديبلوماسية التي يصرّ البلدان على إبقائها مفتوحة على رغم الضغوط الشعبية المستمرة لإلغاء معاهدتي السلام" اللتين يرتبط بهما البلدان مع اسرائيل. وأوضح المسؤول أن الأردن "الأكثر تأثراً بتداعيات الممارسات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية يشعر أكثر من أي وقت مضى أن رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون لا يقيم وزنا للعلاقات مع شركائه العرب، بل أنه يلجأ الى سياسات مباشرة تعرضها للجمود والتدهور" مؤكداً أن التنسيق الأردني - المصري مع اسرائيل في الأسابيع الماضية "كان يمكن أن يؤدي الى تهدئة الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتوصل الى تفاهمات أمنية وسياسية تعود بالطرفين الى مائدة المفاوضات وتحيي خريطة الطريق، غير أن عملية اغتيال ياسين عطّلت كل جهود التهدئة وأضرت كثيراً بمصالح الأطراف كافة" لا سيما في ظل "الترقب والقلق اللذين يسودان المنطقة في انتظار ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية" ووجهت عمان عقب اغتيال ياسين انتقادات شديدة لاسرائيل، واستخدم الخطاب الرسمي للمرة الاولى تعبيرات مثل "جريمة نكراء" و"السفاح شارون" ولم تمنع السلطات عشرات التظاهرات الغاضبة التي انطلقت في الشارع الأردني بمشاركة وزراء ومسؤولين، وسعت الحكومة الى تجاوز أزمتها القديمة مع "حماس". ولم يصدر عنها أي رد على مشاركة الناطق باسم الحركة ابراهيم غوشة للمرة الاولى في مسيرة حاشدة دعت إليها جماعة "الإخوان المسلمين" احتجاجاً على اغتيال ياسين، على رغم وجود اتفاق ينص على "امتناع غوشة عن أي نشاط سياسي أو إعلامي لمصلحة الحركة" في الأردن الذي لا يزال متمسكاً بعدم السماح لثلاثة من قادة "حماس" أُبعدوا من المملكة عام 1999 بالعودة إليها. ولفت المسؤول نفسه الى أن عمان "شعرت اثر اغتيال ياسين بأن شارون تعمد الإساءة الى تحركاتها الديبلوماسية على نحو مباشر، وقطع الطريق على جهودها في تخفيف التوتر الذي تشهده العلاقات الأردنية - الاسرائيلية منذ سنوات" خصوصاً بعدما قام الملك عبدالله الثاني بزيارة لاسرائيل الخميس الماضي في مسعى "لاستثمار الاتصالات الأردنية لمصلحة العملية السلمية وحل المشكلات العالقة بين البلدين"، وفي مقدمها قضية الأسرى والمعتقلين الأردنيين في السجون الاسرائيلية. وفي الإطار ذاته، علم من مصادر أردنية مطلعة أن عمان "أجرت في اليومين الماضيين اتصالات مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا ووضعت هذه الأطراف بمخاطر سياسة الاغتيالات الاسرائيلية، وطالبتها بالضغط على شارون وتحذيره بشدة من أي خطوات أخرى لاستهداف قيادات فلسطينية".