أكد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أن الإصلاحات والتطوير في العالم العربي أمور تهم بريطانيا والمجتمع الدولي ككل، لكنه شدد على أنه لا ينبغي على الآخرين من خارج المنطقة أن يفرضوا شروطهم أو اقتراحاتهم. وقال سترو في خطاب ألقاه أمس أمام مؤتمر نظمه "مركز السياسات الخارجية" أحد مراكز البحوث في لندن، بعنوان "أوروبا والإصلاح السياسي في الشرق الأوسط"، إنه يدرك تماماً مدى حساسية هذا الموضوع، على رغم اهتمام أوروبا بسبب الجوار والمصالح المشتركة بين الجانبين. وفي كلمته التي ألقاها بعنوان "المشاركة في الإصلاح في العالم العربي"، تحدث سترو عن أهمية ألا يفرض الغرب تصوراته عن هذا الإصلاح على المنطقة، لكنه قال إن بإمكان أوروبا أن تقدم الدعم لهذه الاجراءات الإصلاحية وتعززها. ولاحظ أن هناك حاجة إلى بناء مشاركة مع العالم العربي لمواجهة هذه الأجندة المشتركة، وكذلك العمل لتعزيز التغييرات الجارية في المنطقة، من خلال العمل الحكومي وعن طريق المجتمع الدولي "والأهم، من خلال العمل مع الحكومات والشعوب العربية ذاتها". وأشار إلى أهمية العالم العربي بالنسبة إلى أوروبا في مجالات التجارة والاستثمار والتعليم، وكذلك بسبب "محورية" المنطقة في الحرب على الإرهاب وقضية انتشار أسلحة الدمار الشامل. وشدد على أن المنطقة تمثل أيضاً "مفتاح مصدر الطاقة بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي". وحول النزاع العربي - الإسرائيلي، قال سترو إن لأوروبا مصالح حيوية تستثمرها بالنسبة إلى ايجاد حل عادل ودائم بين الجانبين، وكذلك في "بناء عراق حر ومزدهر". وأضاف ان المنطقة هي مهد الإسلام، و"مهمة خصوصاً بالنسبة إلى الجاليات الإسلامية في أوروبا". وأعرب عن اقتناعه بأن "استقرار المنطقة ورفاهيتها سيكونان معرضين لتهديدات إذا تخلفت عن الاتجاهات العالمية وعن ترسيخ مبادئ الحريات على أوسع نطاق، وكذلك في مجال التنمية". ولفت وزير الخارجية البريطاني إلى أن "العقود الأخيرة شهدت انتشار مبادئ الحكومات المسؤولة والممثلة لشعوبها في انحاء من العالم، لكن هذا كان على نحو أقل في الشرق الأوسط". وأشار في هذا الصدد إلى مشكلات المرأة في تحقيق دورها في المجتمع في بعض دول المنطقة، و"حيث يصبح نصف المجتمع غير قادر على أن يؤدي دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية". وزاد ان دول المنطقة "تدرك حجم هذه التحديات، وبدأت حكومات فيها تتخذ خطوات مهمة على طريق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي". لكن الوزير قلل من حجم التوقعات، موضحاً أن عملية الإصلاح ستكون معقدة وغير سريعة، وقال: "على العالم العربي أن يحدد أفضل السبل لانتهاج برامج الإصلاح والتنمية، مع الإقرار بأن هذا الموضوع حساس وليس سهلاً". وعن مدى تأثير القضية الفلسطينية على برامج الإصلاح، قال سترو: "إن كثيرين في المنطقة سيقولون إن العالم العربي لا يزال في حال نزاع مع إسرائيل، وانها لذلك تحتاج أولاً إلى الاستقرار وليس الإصلاح". ورأى أن الدولة الفلسطينية الجديدة يمكن أن تكون مثالاً رائداً في الإصلاح في العالم العربي. ويأتي مؤتمر "أوروبا والإصلاح السياسي في الشرق الأوسط" والذي شارك فيه عدد من المسؤولين والأكاديميين الأوروبيين المهتمين بالمنطقة، كبداية لبرنامج دشنه "مركز السياسات الخارجية" في لندن عن برنامج للإصلاح في المنطقة، يتضمن تشجيع السياسات الخارجية للدول الغربية على دعم المجتمع المدني في الشرق الأوسط، وضرورة استغلال دول أوروبا المساعدات التي تقدمها إلى المنطقة من أجل تشجيع برامج الإصلاح ومعاقبة الدول التي لا تستجيب.