حياتي قاسية لكنني لست مختلفة. أنا كالباقين، دخلت الجامعة، بدأت العمل وها أنا على أبواب التخرج لكنكم تصرون على اعتباري واعتبار أمثالي مختلفين. أنا الفتاة السمينة التي تمر بجانبكم من دون أن تهتموا لأمرها، الفتاة التي عندما تلاحظونها ترمقونها بنظرات الاستهزاء. أنا التي مرّت مع صديقتها الممشوقة لكنك أيها الشاب غازلت تلك الصديقة ولم تبدِ اهتماماً ل"البالون" المجاور لها. نعم، أنا من تعتقدونها مختلفة، لكنني - شئتم أم أبيتم - من كوكبكم أيها البشر. عمري اثنتان وعشرون سنة. طولي يزيد وزني "بلّة". أعرف انني لست جميلة، مقتنعة بمظهري، لم أعان يوماً من جسدي. ما عانيت منه منذ الطفولة، كان أنتم. عندما كانت براءة الأطفال في أعينكم، لاحظتم انني مختلفة عنكم، أسمن منكم. لكن طفولتكم لم ترحمني، وصفتني بال"تخ تخ" فجرحت طفولة الفتاة السمينة التي علمت منذ البداية أنها غير مقبولة. كبرتم وكبر خبث طفولتكم، فأصبح من الصعب عليكم أن تخترقوا الشكل لتصلوا الى المضمون. مشكلتي ليست مع نفسي أو مع جسدي. إنها مع البشر الذين لا ينظرون الى الفتاة السمينة كما ينظرون الى الرشيقة، السمنة تجعلني فتاة على الهامش، وجودي كعدمه. شرقنا يهتم بالشكل، الشاب الشرقي وبخاصة اللبناني يريد جسداً ينساب الخاتم حوله من الرأس حتى القدمين. تحيُّز مجتمعنا ميّز بين الفتاة السمينة والشاب السمين. فالشاب لا يجد مشكلة كالفتاة، حياته لا تقتصر على العمل والأصدقاء، يستطيع أن يبني علاقات عاطفية. إلا أنه من الصعب جداً عليّ كفتاة أن أجد شاباً يحبني لشخصي ويغض النظر عن وزني. أعرف انني لست عارضة أزياء، لا أحب جسمي لكنني مقتنعة به. مقتنعة لأن الوزن الزائد هو ضريبة الطعام الزائد. وأنا أحب الطعام، آكل ولا أشبع. لا أحب الرياضة ولا أملك الإرادة كي أسيطر على شهيتي أو أتبع حمية غذائية. لن أتوقف عن الطعام من أجل الشاب، لن أحسِّن مظهري لأجله، من يحب الآخر يتقبله كما هو. وإذا كان الشكل سيشكل عائقاً بيننا، فأنا في استغناء عن تلك العلاقة. زرت الطبيب مرة، لكنه أرهق نفسيتي، فأنا لست مريضة، أنا فقط سمينة. الطويل لا يزور الطبيب، ولا حتى القصير، فما الذي يجبر السمين على زيارته؟ أكره ملاحظاتكم، وأكرهها أكثر عندما توجه من انسان قريب. أحزن عندما تقول لي أمي، أو أصدقائي، "انظري كيف أصبحت، عليك باتباع حمية". أشعر وكأنهم يقولون: "لم نعد نحتملك، بدلي شكلك، حسني جسمك كي نتقبلك". أكرهكم عندما تحدثوني بهذا الموضوع. الحمية الغذائية اختراع سمعت عنه، ولكنه نقطة حمراء لا تجادلوني فيها. انتم لا تعرفون ماذا تفعلون عندما تحدثونني بهذا الموضوع، تجرحونني في الصميم. أرجوكم توقفوا. يمكنكم ان تمزحوا، ان تستهزئوا بي كما استهزئ نفسي احياناً، ولكنكم لا تستطيعون ان تخترقوا حاجز المزاح وتبدأوا بوعظاتكم من دون أن تكسروا شيئاً في داخلي، من دون أن تهزوا ثقتي بنفسي. ولدت سمينة وهذا جزء مني، فأنا أعوض بأمور كثيرة. يقولون انني مرحة، مهضومة وخدومة أساعد أصدقائي من كل قلبي فهؤلاء يتقبلونني كما أنا. أكره المرآة والميزان. الطعام صديقي، انه لذة لا يعوضني عنها شيء. عندما أقف أمام المرآة أقول لنفسي "يجب أن أضعف" ولكن ما أن أرى البيتزا أو الهمبرغر حتى أنسى كل ما قلته لنفسي. أكره أيضاً الثياب الصيفية، لا أرتدي التنورة أو الاكمام القصيرة، فأنا لا أستطيع أن أفرض على المجتمع أن يتقبلني بتنورة، ولكنني أرغب في أن يحترمني عندما أحترمه حين لا أبالغ بما أرتدي. إلا أنني لا أجد ما أريد في المحلات التجارية، المقاسات صغيرة وكأن الموضة وُلِدت فقط للفتاة النحيفة، أما نحن فلا أحد يعترف بنا. هل عرفتم الآن من أنا؟ أنا الشكل والمضمون، ولكن يبدو انني للأسف سطحية مثلكم. فسخرية القدر أن يجعل مني انسانة لا تستطيع أن تتقبل الشاب السمين.