أنا فتاة أبلغ من العمر تسعة عشر عاماً ولي ثلاثة أشقاء وشقيقتان، أنا الكبرى بينهم. تزوج والدي من امرأة ثانية، كانت تعمل لديه في مشغل الخياطة، كنت في العاشرة من عمري عندما بدأت المشكلات بين ابي وأمي، وراحت أمي تخرج من البيت ثم تعود وصرت أنا من يتولى مسؤولية اخوتي. عاطفتي تجاه عائلتي كانت جيدة الا انني كنت اشعر بعاطفة اكبر تجاه والدي. فكنت قريبة منه وما زلت حتى الآن. كان ابي رياضياً ومحافظاً دائماً على جسمه ورشاقته وكان يطلب مني ان اجاريه في ذلك، الا انني لم اكن اهتم، فكنت مفرطة في الأكل وغير مكترثة بجسمي ورشاقتي. وكنت اسمع كلاماً من اشخاص اقابلهم فيقولون لي ان جسمي يجب الا يزيد عن وزنه الطبيعي ويجب ان اخفف منه، ولكنني استمريت غير مبالية، لم اكن افكر الا بمشكلات البيت وبدراستي، وفي هذه الفترة ولم اكن قد تجاوزت الحادية عشرة من عمري بعد، تقدم لخطبتي ثلاثة شبان، الا ان ابي رفضهم جميعاً لصغر سني. في الرابعة عشرة من عمري بدأت اشعر بأنني يجب ان اهتم بجسدي وان اخفف وزني، فبدأت بممارسة الرياضة اولاً ثم الامتناع عن بعض انواع الطعام، واستمريت بذلك نحو عام تقريباً ثم تدريجاً بدأ وزني يخف وأصبحت اعاني غالباً ما تعانيه المرأة اثناء تغيير نظام حياتها، فصرت اراجع الاطباء فلم يجدوا حلاً، وأصبحوا يصفون لي الادوية التي لم تعطى نتائج مهمة. وفجأة انخفض وزني عشرة كليوغرامات من دون ان اشعر، تغير شكلي وخصوصاً وجهي، وأصبح كل من يراني يقول لي لماذا اصبحت هكذا. يجب ان تزيدي من وزنك، فصرت اكره نفسي وأكره الناس. ولم يعد لدي اي رغبة بأن ارى احداً. وعلى رغم علمي بأنني اعاني ضعفاً حاداً في جسمي وصحتي كنت اخاف ان آكل حتى لا يزيد وزني، فكنت ارمي بالأكل في سلة المهملات من دون ان يعرف احد وفي الصباح لا افطر، وعند الظهر اجلس لوحدي حتى لا يعرف احد ما افعله بالطعام، وعند المساء آكل بعض الفاكهة: تفاحة او ليمونة. اما في الصيف فكنت آكل البطيخ. وهكذا استمريت حوالى ثلاث سنوات وحالي الصحية تتدهور يوماً بعد يوم، فصرت غير قادرة على المشي وأذهب الى المدرسة مرغمة لأنني كنت اظل مرهقة، وعلى رغم ذلك كنت انجح وبتفوق. كنت افضل ان ابقى وحيدة في المدرسة فابتعدت عن زملائي. لم اكن ادري لماذا. فقد كنت احبهم كثيراً، ومع الايام ومع تزايد المشكلات في المنزل انخفض وزني عشرين كيلوغراماً ليشابه وزن طفل في العاشرة من عمره بينما كنت في السابعة عشرة. كنت كل يوم اتشاجر مع عائلتي، وأنا اعرف انه يجب ان آكل ويجب ان يزيد وزني وانني اصبحت قبيحة ولكنني كنت اشعر بالخوف دائماً من الاكل، فإذا اكلت قطعة فاكهة اظل افكر وأخاف من ان يزيد وزني. قرر والدي يوماً ان اذهب الى الطبيب الذي طلب مني ان اجري بعض الفحوصات للغدد والهرمونات. وبعد ذلك عرف انني من المحتمل ان اقضي اذا استمريت على هذه الحال، اذ ان هرمونات جسمي بدأت تتوقف عن العمل لقلة الغذاء، ولكنه لم يعرف ما كنت اعانيه لجهة خوفي من زيادة وزني. وفي احدى زياراتي له قرر الطبيب ادخالي الى المستشفى لأن حالي متدهورة. وقرر انني اعاني مرضاً نفسياً واني بحاجة الى علاج على يد طبيب نفسي متخصص. غضب اهلي كثيراً عندما علموا بقضية مرضي وأصبحوا يتأففون في وجهي ولم يتفهموا انني مريضة نفسياً. دخلت المستشفى وأجريت الفحوصات اللازمة وحضر الطبيب النفسي وتكلم معي فشعرت ببعض الراحة. الا ان ابي وأمي لم يكونا راضيين عن هذا الطبيب. اصرار طبيب الصحة هو ما سمح لي بمتابعة العلاج عند الطبيب النفسي، فراجعته بعد خروجي من المستشفى ثلاث مرات. ادركت بعدها انني يجب ان اغير نظام طعامي واني سأموت اذا استمريت على هذا الوضع ولكنني ما زلت حتى الآن امتنع عن الكثير من انواع الطعام. شفيت مما كنت اعانيه "جسدياً فقط" اما الوسواس فما زال يراودني يومياً فأستيقظ احياناً وأنا اهجس بالخوف ولكن لا اعرف من ماذا. اما بالنسبة الى مشكلاتي مع عائلتي فلا تزال مستمرة حتى ايامي هذه.