يعاني أصحاب المشاريع السياحية في منطقة طابا من الركود السياحي الذي خيّم عليها أخيراً في أعقاب إلغاء الحكومة المصرية الدعم للطيران العارض تشارتر وعدم تنظيم رحلات أسبوعية منتظمة على خطوط "مصر للطيران" من القاهرة الى طابا. وعلّلت "مصر للطيران" موقفها بإرتفاع حجم خسائرها على هذا الخط إلى نحو 5،2 مليون جنيه خلال عام بسبب عدم وجود أعداد كافية من المسافرين على متن رحلتها الأسبوعية إلى طابا. وتقدر قيمة المشاريع السياحية التي أقيمت في طابا بنحو 5،1 بليون دولار، إلاّ أن نسبة الإشغال فيها حالياً لا تتعدى العشرة في المئة، وتحولت تلك البقعة إلى فنادق ومنتجعات خالية من الرواد والزوار. ويقول مدير الإتحاد المصري للغرف السياحية أحمد الخادم ل"الحياة": "بعد تحرير طابا أسرع القطاع السياحي إلى الإستثمار في طابا لتأكيد السيادة المصرية عليها، ولذلك بلغ حجم الإستثمار في سنوات قليلة نحو 5،1 بليون دولار، منها مشاريع خدمية كالطرق ومحطات المياه والكهرباء والهاتف، إضافة الى مشاريع سياحية بلغت 17 مشروعاً فندقياً بهدف الوصول إلى 4 آلاف غرفة فندقية هي الحد الأدنى المقبول من الشركات العالمية المنظمة للرحلات السياحية. ويوجد حالياً نحو 15 مشروعاً سياحياً إنتهى العمل فيها بنسبة 85 في المئة، وعدد غرفها يصل الى 2300 غرفة، إضافة الى 1700 غرفة أخرى في الخدمة توفر نحو 1500 فرصة عمل، لكنها لا تجد من يشغلها بسبب إلغاء الطيران العارض". وأشار الخادم إلى أن الفنادق في طابا تعاني من هبوط في معدلات الإشغال منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي بسبب توقف الطيران العارض، لافتاً إلى أن برنامج الدعم كانت قررته الحكومة المصرية في أعقاب أحداث أيلول سبتمبر 2001 وإنهيار السياحة العالمية، وخصصت له نحو 33 مليون يورو في كل مطارات مصر. وكان هذا المبلغ مقرراً لثلاثة شهور، لكن الدعم إستمر لمدة 24 شهراً. وإعتبر الخادم أن هذا الدعم من أفضل المبالغ التي أنفقتها الحكومة المصرية لأنه حقق بطريقة غير مباشرة عائدات للسياحة المصرية قدرت بنحو 6 بلايين دولار. وأوضح أنه منذ كانون الثاني يناير 2001 كانت طابا تستقبل ما بين 4 إلى 6 رحلات اسبوعياً، رافق ذلك رواج سياحي، فبلغت نسبة الإشغال في العام التالي 20 في المئة، إرتفعت في العام 2003 الى 80 في المئة. ووصلت إلى المطار 10 طائرات أسبوعياً منها 8 إنكليزية، وتم الإتفاق مع الأسواق الروسية والالمانية والبولندية والتشيخية والايطالية لاستقبال رحلات الطيران العارض... لكن كل هذا توقف بعد إنتهاء دعم الحكومة المصرية. ومن جانبه أكد رئيس غرفة الفنادق فتحي نور ل الحياة" أنه خلال العام 2003 حققت 5 فنادق كبرى في طابا نحو 165 الف ليلة سياحية وإيرادات بلغت 6،33 مليون جنيه، في حين كان إجمالي الدعم المصروف لشركات الطيران العارض 300 الف يورو إضافة إلى 406 آلاف لشركة "مصر للطيران" في رحلاتها المنتظمة بين طابا والقاهرة، وعددها ثلاث. واعترف نور بأن إلغاء الدعم في تشرين الثاني الماضي أدى الى توقف رحلات "مصر للطيران"، كما إنخفض عدد رحلات الطيران العارض القادمة من أوروبا من 8 رحلات إلى رحلتين فقط، "لذا لا بد من إعادة مشروع الدعم لجذب المزيد من السياح خوفاً من إستقطاب دول أخرى مجاورة الرحلات التي كانت تزور طابا". وأكد الخادم نية منظمي الرحلات الأجنبية لإعادة برامجهم الى طابا في حال عودة برنامج الدعم، وأشار الى ان 70 في المئة من رحلات الطيران العارض القادمة إلى مصر لا تتلقى دعماً هو عبارة عن بوليصة تأمين تضمن لمنظم الرحلات وشركة الطيران عدم الخسارة إذا لم تكن مقاعد الرحلة مكتملة. والجدير بالذكر أن وزير السياحة الدكتور ممدوح البلتاجي طالب الحكومة بإعادة الدعم، والمشكلة الآن عالقة مع وزارة المال التي يتوقع أن تتخذ التدابير اللازمة لإعادة البرنامج بعد رفع مذكرة عاجلة إلى رئيس الحكومة الدكتور عاطف عبيد. وقال رئيس شركة اوراسكوم السياحية المهندس سميح ساويرس ل"الحياة"، وتبلغ إستثماراته في طابا نحو 300 مليون جنيه، أن المستثمرين يعانون مشاكل كثيرة تهدد مشاريعهم السياحية منذ بدء الإنتفاضة الفلسطينية وحتى الآن، بحيث تتراوح إشغالات الفنادق بين 5 و10 في المئة، مشيراً الى أن بعض المستثمرين بات يبتعد عن الإستثمار في المنطقة الممتدة من طابا الى نويبع بسبب الركود السياحي ولقربها من اسرائيل. وأوضح ساويرس أن طابا كانت تعتمد قبل ثلاثة أعوام على السياح الإسرائيليين القادمين عبر بوابة طابا، وهي المعبر البري بين مصر وإسرائيل، وكان يعبرها نحو 650 الف سائح سنوياً منهم مجموعات السياح الدوليين الراغبين في الإستفادة من العروض الترويجية المشتركة لزيارة البتراء - إيلات - طابا في جولة واحدة. لكن نظراً إلى الظروف السياسية والأمنية، انخفض عدد السياح بنسبة 95 في المئة. وتنبه المستثمرون لذلك، فإتجهوا الى التسويق لمنشآتهم في اوروبا ونجحوا فعلياً الى درجة أن حجم الحركة في الصيف الماضي تجاوز 8 طائرات في اليوم الواحد، ووصلت نسبة إشغالات الفنادق خلال العام 2003 الى 85 في المئة. وطالب ساويرس بإستمرار دعم الطيران العارض بإجمالي 4 ملايين يورو، وقال: "هذا الإقتراح قدمناه في المذكرة المرفوعة الى رئيس الحكومة ويدعو إلى أن تقدم الحكومة الدعم بالجنيه المصري لمصلحة إستمرار خط الطيران المنتظم ل"مصر للطيران" ودعم الطيران العارض إلى طابا، ويصرف الدعم بالجنيه المصري، ويضع الإتحاد المصري للغرف السياحية آلية مع فنادق طابا ونويبع لتوزيع قيمة الدعم المستحق لكل رحلة بحسب عدد السياح في كل فندق على أن تقدم الفنادق المقابل المالي الأجنبي طبقاً للقيمة التي تحصل عليها بالعملة المصرية، ويحسم هذا من المبالغ الواجب تحويلها ضمن نسبة ال 75 في المئة طبقاً للقرار 506 بحيث يكون الحد الأدنى للإشغال في الرحلة 40 في المئة والأقصى حتى 80 في المئة". ولفت ساويرس الى القرار الجريء الذي إتخذته الحكومة المصرية لتخفيف معاناة المستثمرين في طابا وذلك من خلال دفع نحو 200 مليون جنيه من بنك الإستثمار القومي لمساعدة المستثمرين في تمويل مشاريعهم، وتساءل: "كيف تعطي الحكومة تلك المبالغ لإقامة مشاريع سياحية ومساعدة المستثمرين وفي الوقت نفسه تسارع إلى إلغاء دعم الطيران العارض؟ فقد كان من الأفضل أن تقدم 150 مليوناً للمستثمرين وتخصص 50 مليوناً لدعم الطيران العارض".