سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"التخلي عن الارتهان للسوق الاسرائيلية ضرورة استراتيية" استثمارات سياحية مصرية تتجاوز 2.5 بليون دولار تدفع في منطقة طابا ... ضريبة القرب من حدود اسرائيل
تدفع منطقة طابا المصرية ثمن قربها من اسرائيل. ويقول المسؤولون عن قطاع السياحة في المنطقة إن خطط الترويج التي بُوشر تطبيقها ستقود الى تحقيق فصل بين المنطقة والسوق الاسرائيلية، على اعتبار أن الارتهان للسوق الاسرائيلية سيعيق عملية تنمية المنطقة التي تعتبرها مصر هدفاً استراتيجياً. تعاني الاستثمارات الهائلة التي وُظّفت في المنطقة الممتدة من طابا إلى نويبع، ويُطلق عليها "ساحل خليج العقبة"، من ركود سياحي، بدأ منذ نشوب الانتفاضة الفلسطينية ولا يزال مستمراً إلى اليوم. وقال ل"الحياة" أحمد هاني عبدالعزيز، رئيس شركة خليج العقبة للاستثمار السياحي غاتو التي تنفذ مشروعاً ضخماً بكلفة 100 مليون دولار، إن "مستويات الاشغال في فنادق المنطقة تراوح بين 15 و20 في المئة في أفضل الأحوال"، مشيراً إلى أن "بعض المستثمرين بات يعزف عن الاستثمار فيها منذ اندلاع الانتفاضة، لقربها من اسرائيل". ولا تقتصر منطقة طابا 65 كلم على بلدة طابا الصغيرة وحدها بل تتجاوزها لتشمل المنطقة الممتدة إلى نويبع. وهي 14 فندقاً افتتحت في الاعوام الماضية. وشهدت المنطقة منذ توقيع اتفاقات أوسلو ووادي عربة بين الفلسطينيين والأردنيين من جهة، والاسرائيليين من جهة أخرى، انطلاق حملة استثمارات لبناء منشآت سياحية وفندقية بغرض الاستفادة من حركة التدفق السياحي عبر بوابة طابا، الممر البري الوحيد بين مصر واسرائيل. وكان يدخل، عبر البوابة، نصف مليون سائح يفدون إلى مصر سنوياً. وكانت منهم مجموعات السياح الدوليين الراغبين في الاستفادة من العروض الترويجية المشتركة لزيارة البتراء - ايلات - طابا في جولة ثلاثية واحدة. كما كان بينهم اسرائيليون كثيرون يفدون لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، واسرائيليون عرب لا يزالون يفدون الى الآن، وإن بأعداد تقل عن مثيلتها قبل الانتفاضة. وتُقدر كلفة الفنادق ال14 المفتتحة مع المرافق الأساسية التي أقيمت لخدمتها بنحو 5،2 بليون جنيه 600 مليون دولار، تقارب سعتها الاجمالية 3500 غرفة. ويبلغ عدد المنشآت قيد البناء والتطوير 86 منشأة تقارب سعتها الفندقية 27 ألف غرفة، وتؤمن 36 ألف فرصة عمل. وقال ل"الحياة" شريف رمضان، رئيس "هيئة التنمية السياحية في منطقة طابا" إن كلفة المشاريع المنفذة تدور في محيط 5،8 بليون جنيه 9،1 بليون دولار. وبين المشاريع المنفذة مجمّع "سونيستا" الذي تنفذه شركة "غاتو" الذي يتضمن 800 غرفة وجناح وشقة، ويكلف 100 مليون دولار، ومشروع "مرتفعات طابا" لمجموعة "أوراسكوم"، وهو يكلف 230 مليون دولار، ويتضمن سبعة فنادق افتتح أولها وهو "حياة ريجنسي"، في حين ستفتتح بقيتها خلال الشهور الأربعة المقبلة. وتقسم منطقة طابا ساحل خليج العقبة إلى ثمانية مراكز، يتولى المستثمرون في كل "مركز" تأسيس شركة معاً تتولى تأمين خدمات المياه والهاتف والمواصلات والصرف الصحي والطاقة وغيرها، في خطوة هدفها خفض الكلفة الاجمالية للمشاريع الأساسية. ويعاني أصحاب الاستثمارات من صعوبات عدة أولاها قلة عوائد التشغيل نتيجة تراجع نسب الإشغال الفندقي، وانحسار حركة التنقل بين اسرائيل ومصر. وقال السيد عبدالعزيز: "المشاريع مجمدة وهناك تريث. والتجميد يؤدي الى التعثر بسبب إطالة فترة الانشاء وزيادة الأعباء المالية والأكلاف الرأسمالية للمشاريع التي تنوء تحت وطأة كل هذه الزيادات غير المتوقعة". واضاف ملخصاً الوضع: "ما حصل كان انقطاعاً بين السوق الدولية ومنطقة طابا، في وقت كانت المشاريع السياحية والفندقية تستعد للبدء بأنشطتها، وفي وقت كانت الشركات السياحية تباشر الترويج في أوروبا". وأدى انقطاع السياح القادمين عبر اسرائيل إلى إصابة مشاريع الاستثمار السياحي بصدمة. وذكر عبدالعزيز: "لم يكن لدى شركاتنا الوقت الكافي للتحول إلى السوق الأوروبية. كان ما حصل سوء حظ وتوقيتاً سيئاً". وسار تحرك المسؤولين عن القطاع الفندقي في منطقة طابا على صعيدين، الأول باتجاه خفض كلفة استثماراتهم، والثاني تعديل خططهم الترويجية. وقال السيد رمضان: "الحكومة تعاونت للغاية مع المستثمرين وأجّلت بعض الرسوم المستحقة من تأمينات وكهرباء ورسوم إدارية، كما تدخلت من أجل إعادة جدولة الديون المستحقة. وعقد بالفعل اجتماع منذ ستة شهور ضم وزير السياحة ممدوح البلتاجي ورئيس المصرف المركزي ورؤساء المصارف والمستثمرين، وخصص لتبني خطة تتيح إعادة جدولة ديون الفنادق ومتأخراتها في منطقة طابا خصوصاً". وتمثلت خطة التسويق بتغيير برامج الترويج ووجهتها، مع الاستفادة من مطار النقب الذي يبعد 30 كلم لاستقبال طائرات الطيران العارض تشارتر. وقال عبدالعزيز: "الخطة شملت تشجيع السياحة الداخلية والاستفادة من الحركة الدولية القادمة إلى سيناء، ومنطقة شرم الشيخ. وتركيزنا ينصب الآن على الوجهات الدولية في أوروبا وروسيا. وبدأنا نستقبل بالفعل سياحاً يفدون بكثرة من بريطانيا وألمانيا وروسيا وبلجيكا وغيرها. ومنظمو الرحلات الجماعية الذين كانوا يشكون من قلة السعة الفندقية المتاحة ابتدأوا يسيرون رحلاتهم مباشرة إلى المنطقة". ومنذ يوم أمس صارت منطقة طابا تستقبل طائرتي "تشارتر" أسبوعياً، على أن ترتفع وتيرة الطيران العارض في الفترة المقبلة. وتواجه منطقة طابا مشكلتين على المدى البعيد، أحداهما خاصة بها، والأخرى تخص مصر. واضاف عبدالعزيز: "طابا قادرة على أن تعمل في شكل مستقل عن اسرائيل. ولأن هناك مخاطر مصدرها الوضع في اسرائيل تواجه الاستثمار بالشكل الذي نراه منذ الانتفاضة، فمن الأفضل أن نجعل تنمية المنطقة بعيدة عن الارتهان للسوق الاسرائيلية، على اعتبار أن تنمية طابا ستسهم في تعمير المنطقة وتنميتها اقتصادياً، وتحقيق توزيع ديموغرافي أفضل في الوادي الجديد، وهو هدف استراتيجي بعيد المدى لمصر". أما المشكلة التي تواجه طابا وبقية قطاع السياحة في مصر فهي الخضوع لإرادة شركات السياحة الدولية التي تلح في خفض الأسعار بدرجة كبيرة، وهو ما يمكن أن يسهم في الاضرار بصورتها ويدرجها بين الوجهات السياحية الرخيصة ويحول دون عودتها الى تبني أسعار أعلى لاحقاً تتناسب مع الكلفة الحقيقية للاستثمار.