الزيارة الأولى التي يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان يوم الأحد إلى كل من مصر وإسرائيل والأراضي الفلسطينية والمملكة العربية السعودية، تأتي في مرحلة دقيقة وبالغة الأهمية بالنسبة إلى الأسرة الدولية. فالزيارة تعقب إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش عن المبادرة الأميركية لإعادة اطلاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، وتسبق القمة الأوروبية في اشبيلية في 21 حزيران يونيو. وتتم الزيارة بعد عملية انتحارية في القدس سقط من جرائها 17 قتيلاً إسرائيلياً، وكالعادة حمّل رئيس الحكومة الإسرائيلي ارييل شارون المسؤولية لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. ويرغب الوزير الفرنسي في أن يستمع من القادة العرب توقعاتهم للمؤتمر الدولي الذي تعدّ له الإدارة الأميركية من أجل إعادة اطلاق المفاوضات. لكن دوفيلبان سيغتنم فرصة وجوده في المنطقة لتوجيه رسائل إلى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، منبثقة من قناعات فرنسا ورئيسها جاك شيراك بأن العنف ليس حلاً لضمان أمن إسرائيل وأنه ينبغي حضّ الإسرائيليين على انتهاج الطريق المؤدي إلى معاودة المفاوضات استناداً إلى الأسس التي كرستها الأسرة الدولية ومن ضمنها الإدارة الأميركية، من أجل حل دائم وشامل. ولا يحمل دوفيلبان خلال الجولة أي مبادرة أو أفكار جديدة، وسيكرر للمسؤولين الإسرائيليين ما سبق أن قاله لوزير الخارجية الأميركي كولن باول عندما التقاه في باريس ثم في كندا، ومفاده أن فرنسا موافقة على ضرورة اصلاح أجهزة السلطة الفلسطينية، لكنها لا توافق على استخدام إسرائيل الموضوع كوسيلة لتأخير عودة التفاوض، أو للتخلص من عرفات أو تحييده. وفرنسا لا تعتبر أن لا بديل عن عرفات وإنما ترى فيه الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وان ليس من حق إسرائيل أو الأسرة الدولية اختيار من يمثل هذا الشعب. وسيسعى دوفيلبان إلى حض عرفات على تحقيق الاصلاحات المطلوبة، لأن الأسرة الدولية تنتظر منه ذلك، كما سيؤكد له أن فرنسا مدركة الصعوبات التي تواجهه ونية إسرائيل التخلص منه. والمهم في هذه الزيارة أن دوفيلبان سيكوّن فكرته الشخصية عن الوضع، عبر ما سيراه ويسمعه، إذ أنه جديد على ساحة الشرق الأوسط على رغم أنه تابعها بشكل غير مباشر عندما كان أميناً عاماً للرئاسة خلال السنوات السبع الماضية. ونجح دوفيلبان خلال فترة قصيرة في إقامة علاقات جيدة وشخصية مع نظيره الأميركي والإدارة الأميركية، خصوصاً أنه شغل منصباً ديبلوماسياً في واشنطن ويعرف المجتمع والنظام الأميركيين معرفة جيدة ويجيد اللغة الانكليزية. وفي إمكان دوفيلبان أن يتحاور مع الجانب الأميركي وأن يؤثر في رأي بعض المسؤولين في الإدارة، وهو ينوي أن يزور واشنطن قريباً. يعتقد الوزير الجديد أن لفرنسا دوراً قيادياً على صعيد الاتحاد الأوروبي، ينبغي استعادته عبر ديبلوماسية ديناميكية قد تدفعه نحو تحرك مفيد بالنسبة الى الشرق الأوسط الذي يوليه شيراك وحكومته الجديدة اهتماماً خاصاً. ويعتزم دوفيلبان في هذا الإطار زيارة لبنان وسورية والأردن، خلال النصف الثاني من تموز يوليو المقبل. وفرنسا عازمة على لعب دور قيادي بالتعاون مع الولاياتالمتحدة والعلاقة الشخصية جيدة بين الرئيسين بوش وشيراك على رغم تباين مواقفهما حيال إسرائيل وفي تحديد مرامي الحرب على الإرهاب.