جدران ملونة، لوحات، ستائر، اغطية اسرة وسجاد صوِّرت عليها العاب وشخصيات كرتونية. العاب ودببة قطنية موزعة بدقة وترتيب في انحاء الغرفة، تُشعر الواقف ببابها بأنه يدخل عالم ديزني، بألوانه الزاهية. العاب نشرت حناناً ودفءاً في طيات غرفة أبى اهل شادي اربع سنوات الا أن تحاكي مخيلته واحاسيسه. غرفة صغيرة اتسعت للأصدقاء، فجلس"ميكي ماوس"على الكرسي الهزاز الى جانب السرير، وتمركز"بيكاتشو"على الرف الأعلى من الخزانة التي احتوت غيره من ال"بوكيمونز"، وتجمعت عائلة ال"تيلي تابيز"المؤلفة من"بو"،"لالا"،"تينكي وينكي"و"دبسي"في احدى زوايا الغرفة... وفي حين ركب"باتمان"السيارة السوداء ليحل مكان سائقها شادي اثناء تواجده في الحضانة، تسلّقت مجموعة من ال"سبايدرمان"على اختلاف احجامها ما توافر لها من جدران وابواب وشبابيك حتى السقف، لتحرس الغرفة التي تحولت الى جنة تليق بملاكها الصغير... الصديق الوفي نظام الغرفة ظاهر للعيان، على رغم نزلائها الكثيرين، فلكل لعبة مكانها. حتى أسفل المكتبة تحول الى مكان ركنت فيه الدراجة الهوائية اضافة الى الكثير من السيارات والدبابات وغيرها من"الآليات"البلاستيكية التي تتحرك اما بواسطة اليد او بأجهزة التحكم عن بعد... النظام هنا هش، يتزعزع ما ان تطأ قدما شادي الغرفة..."بو"اول المقصودين، فهو الصديق الأقدم، اول دمية تلقاها شادي وهو لم يبلغ الأشهر، ورافقه حتى في سريره، وامتص دموعه التي كانت تسيل اعتراضاً على عدم الرغبة في النوم. وهو من رأى أولى ابتسامات الصباح، ولطالما شارك شادي الطعام، ورافقه في نزهاته لأن عيني شادي رفضتا لوقت طويل ان يغيب"بو"عن نظرهما والا استعاضتا عن رؤيته بالدموع. وانتزاع"بو"من بين"افراد عائلته"ليعود الى السرير، يحتم نثر من تبقى من ال"تيلي تابيز"في انحاء الغرفة، كما يترتب عليه توديع غطاء السرير المرتب إذ انه سيحمل دعسات اقدام"الصديق الوفي". بعد الاطمئنان على"بو"يتحول النظر الى السيارات إذ يحين دور السباق. وبعد رسم الحلبة بواسطة المكعبات التي"كانت"مخبأة في احد الادراج، وتأمين حمايتها بواسطة الجنود الذين"كانوا"اتخذوا من احد الرفوف ثكنة لهم، يبدأ السباق ولا يتوقف قبل اشتراك جميع"الآليات"فيه ليختفي بعضها تحت السرير، وتتحول اخرى الى"طائرات"تصل الى اعلى السرير أو الرفوف والكراسي... دقائق لم تتعدَ الستين، قلبت مقاييس الغرفة وحوّلت ارض الغرفة الى ساحة معركة، اختلطت فيها الألعاب واختلت موازين القوى بينها. إذ وصلت بعض الألعاب المحشوة بالقطن الى اعلى الخزانة محاولة استبعادها لتحل مكانها طائرة صغيرة تتحرك في مكانها مصدرة صوتاً ينذر بإقلاعها. ولكن ما هي الا دقائق حتى تبدأ ملامح اليأس تظهر على وجه شادي الذي يستنكر اخفاقها الدائم في عملية الاقلاع، فليجأ الى احد ال"سبايدرمان"يضعه عليها ليساعدها في مغادرة الأرض ولكن هذا الأخير يفشل في مهمته... يستدرك شادي ان"سبايردمان"لا يطير. ينظر في الاتجاه الآخر ويرى"باتمان"فيسارع الى الاستعانة به..."باتمان"يرفض ان يتخلى عن دوره كسائق لسيارة شادي... يعلق خلف المقود... يعلو الصراخ"ماما، انا ثبايدلمان"... تدخل ام شادي متساءلة."باتمان اخد الثيالة السيارة"، يقول شادي شاكياً. تفهم الوالدة ما يريده فتفتح احدى الخزانات بطريقة اوتوماتيكية، تخرج ثياب سبايدرمان وتبدأ بتغيير ملابس طفلها... البلوزة ومن ثم البنطلون وأخيراً"الماسك"الذي يغطي كامل رأسه ووجه، ما عدا العينين والفم والأنف. يتحول شادي باللونين الازرق والاحمر المخططين باللون الأسود الى"الرجل العنكبوت"... وما ان تعلن امه الانتهاء منه، حتى يركض شادي في ارجاء الغرفة من دون وجهة معينة. يصعد على السرير ثم يقفز، يشد حبال الستائر، يدوس على كل ما في الارض، ويبعثر ما يظهر امامه... ويعود الى السيارة يمسك ب"باتمان"وينتزعه ناهياً فترة تشبثه بالمقود ويلقي به بعيداً... ينظر الى باب الغرفة حيث تقف والدته يبتسم معلناً انتصار"ثبايدلمان"، فلا تجد مفراً من الإثناء على القوة الخارقة التي يتمتع بها... تدير وجهها وتخرج من الغرفة متجاهلة ما خلّفته تلك القوة من فوضى.