دخلت قضية الإصلاحات السعرية في اليمن ذروتها مع اقتراب مجلس النواب البرلمان من مناقشة مستفيضة للبيان المالي لموازنة السنة المقبلة الذي يتضمن إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية واستعدت المعارضة اليمنية لما أسمته"التصدي لجرعة أسعار جديدة". وقال مسؤول يمني ان عجز الموازنة العام لسنة 2005 يمكن أن يرتفع إلى 200 بليون ريال بليون دولار إذا تم تضمينها دعم المشتقات النفطية، وبالتالي فإن الموازنة تعيش ضائقة مالية لا يحلها على المستوى القريب سوى إلغاء دعم المشتقات. وأوضح وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي محمد الصبري أن العجز في موازنة السنة المقبلة يصل الى 75 بليون ريال 406 ملايين دولار وتركز الحكومة على إلغاء الدعم نظراً الى كون البنود الأخرى مثل الأجور والمرتبات لا يمكن تقليصها وتمثل 32 في المئة من النفقات العامة ولا تتجاوز الصيانة والتشغيل نسبة واحد في المئة، علماً أن النفقات الجارية تستحوذ على 70 في المئة من النفقات العامة والبقية استثمارات مردودها الاقتصادي والاجتماعي ضعيف. وأكد الصبري أمس"أن عدم إجراء إصلاحات سيجعل التدهور الاقتصادي مستمراً ما سيُوسع دائرة الفقر والبطالة وسيزيد من رداءة تقديم الخدمات الصحية والتعليمية وإنجاز البنى التحتية ما يؤدي إلى اختلالات اجتماعية وعدم استقرار سياسي". وأعلن وكيل وزارة التخطيط أن الإجراءات الاقتصادية المقترحة تتضمن إلغاء دعم المشتقات النفطية من خلال رفع أسعار الديزل بمقدار يحدده مجلس النواب ما سيُوفر موارد للدولة بما يراوح بين 60 و70 بليون ريال، وخفض الجمارك وتطبيق قانون ضريبة المبيعات بالصيغة الجديدة في الشهور المقبلة. وأكد الصبري أن الإصلاحات تستهدف حفز النمو الاقتصادي وتوفير الموارد اللازمة للاستثمارات ذات المردود الاقتصادي والاجتماعي العالي. وقال:"إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو يستلزم زيادة تعبئة الموارد العامة من الضرائب من خلال إصلاحات جادة للإدارة الضريبية ومراقبة التحصيل الضريبي، فضلاً عن ترشيد النفقات الجارية عبر إزالة الموظفين الوهميين والعاطلين والمزدوجين وزيادة مرتبات الموظفين بعد إجراء عملية ترشيد للجهاز المدني والعسكري وزيادة الدعم المباشر للرعاية الاجتماعية". وشدد الصبري، الذي كان خبيراً اقتصاديا في البنك الدولي، أن زيادة معدلات النمو الاقتصادي تتطلب زيادة الاستثمارات في مجال البنية التحتية من الطرقات والمدارس والكهرباء والمياه وعدم الإفراط في شراء معدات عسكرية لا تستخدم في المدى المنظور. من جانبها رفضت أحزاب المعارضة اليمنية الإجراءات الحكومية المرتقبة بمواجهة الآثار والأضرار المترتبة على ذلك. ودعت المعارضة اليمنية إلى التصدي للأضرار التي ستترتب على رفع الدعم عن المشتقات النفطية ما سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات على رغم معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية جراء السياسات الحكومية ما سيزيد من مساحة الفقر بصورة تهدد السلام الاجتماعي في البلاد. وأوضح بيان صحافي أصدره مجلس اللقاء المشترك الذي يضم المعارضة الرئيسية في البلاد"أن كتل المعارضة في البرلمان ستتصدى لهذه الجرعة السعرية القاتلة على رغم أن إيقافها يتطلب التصويت بالرفض من أغلبية أعضاء المجلس ما يفرض التحرك في أوساط أعضاء مجلس النواب من كتلة المؤتمر الشعبي الحاكم ومخاطبتهم وإقناعهم بذلك". وحضت المعارضة اليمنية على"توقيع عرائض موجهة إلى ممثليهم في مجلس النواب يطالبونهم برفض التصويت على أي زيادة في أسعار المشتقات النفطية". وكانت الحكومة اليمنية أجلت أكثر من مرة تطبيق الإصلاحات السعرية بناء على توجيهات من الرئيس اليمني، لكنها ضمنتها في مشروع موازنة سنة 2005 المعروضة على البرلمان حالياً التي يفترض أن يصوت عليها الأسبوع المقبل. وتقترح الحكومة رفع أسعار البنزين والديزل والمازوت بنسب تتراوح بين 40 و80 في المئة تقريبا لمحاربة تهريب هذه المواد إلى الدول المجاورة والاستفادة من عائداتها في خطط التنمية.