وجه مجلس النواب اليمني انتقادات حادة الى السياسات التي تتبناها الحكومة في مجال الاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية. وصوت المجلس أول من أمس بموافقة 133 عضواً من حزب المؤتمر الشعبي الحاكم ورفض كتلتي المعارضة والمستقلين على مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2001 بعدما وضع 38 توصية الى الحكومة في صورة شروط يجب التقيد بها. ورفض البرلمان اسلوب الحكومة اليمنية في احتساب عائدات تصدير النفط الخام وأوصى بفتح حساب خاص في المصرف المركزي تحول اليه عائدات النفط التي يزيد فيها سعر البرميل على 22 دولاراً كما قدرته الحكومة ولا يتم الصرف منه الا بموافقة البرلمان. ويبلغ اجمالي النفقات في الموازنة 501.882 بليون ريال والايرادات المتوقعة 487.044 بليون ريال بعجز يقدر بنحو 14.038 بليون ريال بنسبة 2.8 في المئة من اجمالي النفقات و0.6 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وطالب البرلمان بالابقاء على سعر الديزل عند مستواه الحالي حتى لا تتأثر مدخلات الانتاج الزراعي الذي تعمل فيه نسبة 50 في المئة من القوى العاملة. وتعتزم الحكومة رفع أسعار الديزل السنة المقبلة ضمن برنامج الاصلاح السعري ورفع الدعم عن المحروقات. وقال عضو البرلمان، أحد الممتنعين عن التصويت سعد الدين بن طالب ل"الحياة" عقب الجلسة، "ان موازنة سنة 2001 غير صريحة في أرقامها بالذات في الايرادات العامة كما انتقصت من مخصصات الاستثمارات والتنمية". وأوضح طالب انه جمع اقتراحات من 156 عضواً بتخصيص 20 بليون ريال في الموازنة للتربية والتعليم والصحة والطرقات في المناطق النائية لكن هيئة رئاسة البرلمان رفضت ذلك. وجاء في تقرير برلماني أعدته لجنة درس مشاريع الموازنة للسنة المالية المقبلة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب جعفر سعيد باصالح "ان تحديث الادارة الضريبية يسير ببطء شديد ولم تتضمن الاصلاحات حوافز للانتاج والاستثمار كما لم تبذل الحكومة جهوداً ملموسة لتطهير الادارة الضريبية والجمركية من الفساد". وذكر التقرير "ان محاصرة العجز لم تكن نتيجة ضغط الانفاق في الموازنة وترشيده انما نتيجة زيادة الايرادات الناجمة عن رفع أسعار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية ورفع الدعم عن القمح والدقيق". وأكد البرلمان ان هيكل الايرادات لا يزال شديد التشوه باعتماد على مورد النفط بشكل مبالغ فيه اذ تشكل ايراداته 67.5 في المئة من اجمالي الايرادات ترتفع الى 75 في المئة إذا احتسبت أسعاره بشكل واقعي. وحذر البرلمان من الاسراف في التفاؤل إزاء النفط قائلاً: "ان الدراسات تشير الى نضوب كل الاحتياطات في اليمن في غضون 18 سنة في حال عدم التوصل الى اكتشافات جديدة، كما ان تقديرات المؤسسات الدولية تؤكد ان ايرادات النفط ستنخفض بنسبة 25 في المئة سنة 2005 و45 في المئة سنة 2009". وطلب البرلمان بيانات مفصلة عن الشركات العاملة وحجم الانتاج والاحتياط في مجال النفط ومشروع تصدير الغاز الطبيعي. ولاحظ التقرير البرلماني ان في اليمن مجالات يمكن أن تسهم في زيادة النمو وتأسيس الوظائف وفرص العمل ورفع مستوى المعيشة منها السياحة والزراعة والأسماك والخدمات التجارية وإعادة التصدير من خلال المنطقة الحرة في عدن. واعتبر مجلس النواب ان مخصصات التعليم والصحة متدنية ولا تفي بالحاجات الأساسية بالنسبة الى واقع اليمن. وتشير الأرقام الى أن 49 في المئة من المدارس الأساسية و23 في المئة من المدارس الثانوية لا توجد فيها كهرباء كما ان 47 في المئة من المدارس الأساسية و27 في المئة من المدارس الثانوية لا ماء فيها، ويبلغ معدل الالتحاق في سن التعليم الأساسي 47 في المئة ولا يتجاوز معدل التحاق الفتيات 37 في المئة. وتقدر نسبة السكان الذين يتمتعون بالخدمات الصحية ب55 في المئة وتبلغ نسبة الوفيات 117 لكل 10 آلاف مولود ويقدر انفاق الدولة على الصحة بنحو 1.71 في المئة فقط من الناتج المحلي.