تعهّدت الحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات اقتصادية لتخفيف أعباء رفع الدعم عن المشتقات النفطية، على الفئات الأكثر فقراً. وأعلن مصدر حكومي مسؤول أن من شأن هذه الإجراءات أن «تساعد الفئات الأفقر في شكل أفضل بدلاً من تبذير الأموال العامة على دعم المشتقات النفطية، والذي لا يستفيد منه الفقراء الا قليلاً». وأكد المصدر أن الحكومة ستعزّز حالات الرعاية الاجتماعية لتشمل 250 ألف أسرة «إضافة إلى 1.5 مليون أسرة (7 ملايين مواطن) حالياً»، وزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية بنسبة 50 في المئة، وتوجيه المبالغ المتوافرة إلى الخدمات الصحية والتعليم والأمن والبنية التحتية وخلق الوظائف. ووفق المصدر نفسه ستُطلق علاوات الموظفين الحكوميين المتوقفة منذ عام 2012 بقيمة 84 بليون ريال (390.6 مليون دولار)، وتخلق بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، لحفز استحداث فرص عمل أكثر وأفضل، ومساعدة المزارعين من طريق إعفاء مدخلات الطاقة البديلة (مثل الطاقة الشمسية) من الجمارك». ووفّرت «شركة النفط اليمنية» المشتقات النفطية في كل محطات الوقود وفي المحافظات واستناداً إلى الأسعار الجديدة، وهي 200 ريال يمني لليتر البنزين و195 ريالاً لليتر الديزل، فيما ثُبّت سعر الغاز المنزلي عند 1200 ريال للاسطوانة. وأكد المصدر أن الإصلاحات لا تقتصر فقط على إلغاء الدعم على بعض المشتقات النفطية، موضحاً أن الحكومة «أطلقت برنامجاً شاملاً للإصلاحات قبل إلغاء الدعم وهي جدية في تنفيذه». وأشار إلى أن البرنامج يلحظ «إجراءات تقشف تشمل موظفي السلطة العليا، مثل منع شراء السيارات وتقصير مدة السفر وخفض درجته ووقف التوظيف، فضلاً عن إصلاحات الخدمة المدنية والقضاء على الوظائف الوهمية والمزدوجة ويشمل ذلك القوات المسلّحة والأمن، إضافة إلى زيادة الموارد النفطية وغير النفطية من طريق تحصيل المتأخرات من الضرائب والجمارك وتحسين الإيرادات الضريبية والجمركية (وهي في ارتفاع مستمر كنسبة من إيرادات الدولة). ويتضمّن البرنامج أيضاً استكشافات نفطية جديدة، والتفاوض على سعر الغاز اليمني (حققت الحكومة تقدماً كبيراً في هذا المجال، إذ رفع سعر الغاز اليمني أكثر من ثلاثة أضعاف السعر السابق)، وتحصيل رسوم عادلة على رخص مشغّلي الهاتف الخليوي في اليمن، وإصلاح قطاع توليد الكهرباء». ولفت المصدر إلى أن قرار إصلاح دعم المشتقات النفطية «يمني مئة في المئة ولا يملك أي طرف خارجي أصلاً القدرة على إجبار اليمن لاتخاذ قرار كهذا أو الضغط عليه في هذا الشأن». واعتبر في الإطار ذاته أن المساعدات المقدمة من المنظمات المانحة لا تساوي حتى جزءاً يسيراً من المبالغ التي ستُوفر من طريق إصلاح دعم المشتقات النفطية». وأظهر تقرير لوزارة المال اليمنية أن الحكومة أنفقت خلال السنوات العشر الماضية نحو 5 تريليونات ريال (22 بليون دولار) على دعم المشتقات النفطية. وأفاد بأن مجموع ما أنفقته الدولة في هذا الشأن خلال الأشهر الماضية من العام الحالي بلغ 656 بليون ريال (ثلاثة بلايين دولار)، اي 20 في المئة من النفقات العامة للدولة. وأشار إلى أن إنفاق هذه المبالغ على دعم المشتقات جعل الاقتصاد اليمني في مرحلة حرجة ومستوى خطير جداً، إذ تسبّب في حدوث عجز قيمته 1.06 تريليون ريال (خمسة بلايين دولار) وبنسبة 13 في المئة من الناتج المحلي». وشدّد على أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية وفي شكل عاجل «أصبح ضرورة وطنية حتمية لتلافي وصول البلد إلى الانهيار الاقتصادي». وأضاف أن اليمن كان في إمكانه استخدام قيمة الدعم المخصّص للمشتقات النفطية في السنوات العشر الماضية فقط، لإنجاز مشاريع مهمة وتأثيثها وتشغيلها، مثل 60 محطة توليد كهرباء كل واحدة منها بحجم محطة مأرب الغازية (بقدرة 341 ميغاواط)، و50 جامعة وفق المواصفات العالمية، و250 مستشفى وفق أعلى المواصفات العالمية، و40 ألف مدرسة أساسية بتجهيزات كاملة، فضلاً عن أن اليمن كان سيستغني عن المساعدات الخارجية. وأعلن التقرير أن حجم دعم المشتقات النفطية عام 2013 بلغ أربعة أضعاف ونصف حجم النفقات المحلية على استثمارات البنية التحتية (الكهرباء والطرق والمدارس والجامعات ومشاريع المياه والصرف الصحي)». وذكر أن «35 في المئة من الدعم يذهب إلى ال 20 في المئة الأغنى من الشعب اليمني، بينما لا يستفيد الفقراء إلا من 10 في المئة منه». وتناول ما سماها «عواقب كارثية لاستمرار الدعم»، منها «عدم توافر المشتقات النفطية واضطرار المواطنين إلى الانتظار في طوابير طويلة للحصول عليها، ما يؤثّر سلباً في النشاط الاقتصادي (بسبب عدم توافر السيولة لدى الحكومة لشراء المشتقات ودعمها)، واللجوء إلى طباعة العملة أو استنفاد احتياط البلد من العملة الصعبة ما قد يؤدي إلى انهيار الريال ومن ثم ارتفاع ضخم وشامل لأسعار السلع والخدمات. وسيكون تأثير هذا الارتفاع كبيراً خصوصاً على الفقراء، وزيادة الدين العام في شكل خطير (وهو أصلاً في مستويات مرتفعة جداً)، وبلغ الآن 4.3 تريليون ريال (20 بليون دولار)، فضلاً عن استمرار الاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية التي يمكن أن تنقطع في أي لحظة، واستمرار التهريب إلى دول الجوار واستمرار ازدهار السوق السوداء والتي تتداول المشتقات النفطية بضعف السعر العالمي تقريباً وبجودة متدنية».