مسارح ومعارض فنية، صالات عرض سينمائية لآخر صيحات هوليوود، ندوات ومؤتمرات هي مكونات لدعامة قوية يستند اليها الشباب في العالم لإثراء أذهانهم، وتثقيف أنفسهم، وتوسيع معارفهم. لكن الامر يختلف بالنسبة الى شباب كردستان العراق. فقد حُرموا لعقود من هذه النشاطات، بسبب الظروف التي مرت عليهم من ظلم وقمع وحولت حياتهم مأساة. ومن حرب الى أخرى، مروراً بحملات الإبادة السيئة الصيت، وصولاً الى الهجرة الجماعية وما رافقها من جوع وتشريد وعوز، عاش الشباب هنا حياة قاحلة فأصبح كل ما ينشده الشاب كغيره من ابناء مجتمعه هو البقاء على قيد الحياة! لكن من يزور اقليم كردستان العراق اليوم، يمكنه ملاحظة نشوء حركة ثقافية يحتل الشباب دوراً اساسياً فيها. ولمعرفة خطط وزارة الثقافة وبرامجها المتعلقة بتطوير السياسات الشبابية، التقت"الحياة"وزير الثقافة لاقليم كردستان سامي شورش الذي قال:"هناك الكثير من المجالات التي تنشغل بها الوزارة تمس الشباب الكردستاني في المجالات الثقافية والفنية والرياضية في شكل عام. فمن الناحية الفنية، هناك فرق موسيقية ومسرحية تختص بالشباب، ومعالجة مشكلاتهم الآنية. أما في المجال الأدبي، فالوزارة تدعم وفي شكل مادي ومعنوي اتحاد الأدباء الكرد في أربيل، الذي يضم نخبة من الأدباء الشباب. ولم تستثن الوزارة أكثر المجالات حيوية في حياتهم، وهو الجانب الرياضي، إذ خصصت مديرية عامة للشباب والرياضة، إضافة الى عدد من الملاعب المفتوحة والمغلقة والتي تدار من الوزارة". وأضاف شورش ان"وزارة الثقافة في الأقليم تتصرف وفق قناعتها التامة بأهمية ما يشكله الشباب من نسيج حيوي في المجتمع". وفي ما يخص الطريقة التي تنتهجها الوزارة لربط الشباب الكردستاني بعجلة التطورات المعلوماتية الحاصلة في العالم الآن، أشار الى"الانقطاع المزمن الذي عانى منه شباب كردستان بفعل سياسات النظام العراقي السابق"، وشدد على أهمية"التواصل المعلوماتي"الواجب ترسيخه في نفسية الشباب، فهم وعلى حد قوله"لا يمكن أن يظلوا منقطعين عن التطورات الجارية في العالم. لذلك تعمل الوزارة على فتح دورات لتعليم الشباب كيفية استعمال أنظمة الحاسوب والانترنت، وهناك توجه نحو استخدام كل أنواع أجهزة الاتصالات المتوافرة حالياً. كما في نية الوزارة، إرسال وفود شبابية الى دول وبلدان مختلفة لتعميق حوار الثقافات وتوطيد صلة التبادل الثقافي بين الشباب الكردستاني وشباب المجتمعات الأخرى". وأكد الوزير شورش، أهمية إبراز دور المرأة الكردية، خصوصاً المرأة الشابة. وقال:"تحرص الوزارة على رفع مشاركة العناصر النسائية الشابة في مختلف المجالات بأكثر من 05 في المئة. فالثقافة، نشاط جماعي، يتطلب مشاركة فاعلة من النساء والرجال على حد سواء". ورداً على سؤال عما اذا كان يجد المستوى الثقافي للشباب الكردي من خريجي الجامعات بالمستوى المطلوب، أجاب:"في شكل عام، لا أجده كذلك"ملقياً المسؤولية في ذلك على سياسات الانظمة السابقة التي"هدفت الى تفقير المجتمع الكردي ثقافياً". واستطرد قائلاً:"إن الحرب الثقافية التي مورست ضد الكرد لم تقل في ضراوتها وبشاعتها وآثارها المدمرة عن الحرب الجسدية والاقتصادية، بما فعلته من تفتيت للنسيج الثقافي وتدمير الجامعات وتشويه المناهج الدراسية، لفرض سياسة السلطة وأيديولوجياتها في شكل غير صحيح، كما أنها حجبت مصادر ومراجع مهمة عن الطالب. فمن البديهي وبعد عقود من تعميم هذه السياسات المعمول بها، أن تتخلف الجامعات في العراق بمجملها وتتحول جامعة بغداد مثلاً، التي كانت صرحاً علمياً بارزاً في الشرق الأوسط الى جامعة مشوهة لا تلعب أي دور في تطوير الدراسات الاكاديمية الحقيقية والحياة الثقافية العراقية". وتحاول حكومة إقليم كردستان العراق معالجة آثار الفقر الثقافي بين الشباب عبر بناء ثقافة ديموقراطية تعددية منفتحة. وعمّا إذا كانت هناك نية في تغيير المناهج الدراسية، أجاب شورش:"نعم، هناك محاولات جادة لتصحيح المناهج الدراسية في كل المدارس والجامعات العراقية والكردية. بدأنا في الاقليم بتنقية المناهج الدراسية ووضع اسس وأساليب عصرية للتدريس نتيجة تحررنا من نير السلطة السابقة. ونحن عازمون على استكمال عملية بناء حياة أكاديمية وثقافية وتعليمية صحيحة، كأحد الأركان الاساسية لبناء الديموقراطية الموعودة". وفي شأن تعاون وزارة الثقافة لاقليم كردستان مع جامعاتها، قال شورش:"لدى الوزارة اجتماعات مستمرة مع رئاسة جامعة صلاح الدين في أربيل، من أجل وضع خطة متكاملة للتعاون بينهما، بزيادة الاهتمام بالجوانب الثقافية والأدبية والفنية، وإبعاد الجانب السياسي منها، عملاً بالقناعة التي ولدتها خبرة السنوات السابقة وتجاربها في ضرورة فصل العمل أو النشاط السياسي عن مسيرة العلم والثقافة". أما الشباب فهم منقسمون في الرأي حول طرق تفعيل حياتهم الثقافية والاجتماعية، لكنهم متفقون على أهمية دعم هذه الانطلاقة ورعايتها. فمنهم من يجد توافر حيز كبير من الحرية لممارسة هواياته، ومنهم من يؤمن بأن لا مجال لتثقيف الشباب من دون البدء اولاً بالولوج الى عقله بغرض توسيع آفاق رؤيته المستقبلية. ويعتقد أنصار هذا الفريق من الشباب، بأن لا أهمية تذكر للمعارض الثقافية والفنية المقامة من دون تجهيز الأرض الخصبة لزرع تلك العلوم والمعارف. ويعكس نبيل رشيد 25 عاماً، فرحته بقدرته على ممارسة هوايته المفضلة وهي رياضة كرة السلة وبما يجده من حيز واسع لممارساتها والاهتمام بها. ويتطلع نبيل الى الانضمام الى المنتخب الوطني لكرة السلة، ويقول إن الرياضة هي وجه آخر للثقافة.