تعد تجربة حكومة اقليم كردستان المنبثقة من انتخابات برلمانية تعددية أولى تشهدها كردستان بتاريخها المعاصر، نقطة تحول فاصلة في مسيرة الحركة السياسية الكردية، وأصبحت بعد مرور عقد كامل عليها، أطول تجربة حكم كردي في تاريخ كردستان وأغناها وأكثرها دينامية على صعيد حشد الدعم الدولي للقضية الكردية. وبمناسبة مرور العقد الاول من عمر هذه التجربة الفريدة، ينبغي التوقف عند محطات من مسيرتها، واستعراض بعض جوانبها، خصوصاً الظروف والمعتركات الصعبة التي واجهتها عند نشوئها، ثم استشراف آفاقها المستقبلية. فمن المعروف ان الادارة الكردية في اقليم كردستان العراق، كانت وليدة مبادرة من القيادة الكردية اثر تداعيات حرب الخليج الثانية التي فرضت نفسها بقوة على مجمل الوضعين العراقي والاقليمي جراء مغامرة احتلال الكويت، والتي انتهت بانفجار الغضب الشعبي في سائر أرجاء العراق متجسداً باندلاع الانتفاضة التي امتدت من جنوبالعراق الى كردستان في فترة قياسية، فتحررت اجزاء واسعة من الاراضي العراقية من قبضة النظام الحاكم. واستثمرت الاحزاب الكردستانية، المنضوية تحت راية الجبهة الكردستانية وهي تحالف تم تشكيله عام 1988 هذه الاحداث ووظفتها لتحرير كل مناطق كردستان من قبضة الحكومة المركزية، بما فيها مدينتي كركوك وخانقين. لكن سرعان ما عاود النظام تنظيم فلوله باستغلال الصمت الدولي والرعب الاقليمي من امتدادات الانتفاضة، ليشن هجمات واسعة النطاق ضد العراقيين في المناطق المحررة، فتمكن مجدداً من بسط سيطرته على المناطق الجنوبية والوسطى. وفي كردستان ادت المواجهة بين القوات العراقية وقوات المقاومة الكردية الى حدوث هجرة مليونية لمواطني كردستان نحو الحدود الدولية الايرانية والتركية. وكانت صور الشعب الهائم على وجهه في الجبال النائية وفي فصل يتصف في كردستان بالقساوة البالغة، عبر شاشات التلفزيون العالمية، هزت على ضمائر العالم الحر والمجتمع الانساني، فتحرك الرأي العام في كل الدول المتحضرة باتجاه الضغط على الحكومات لانقاذ هذا الشعب وتخليصه من مأساته المروعة. وبدأ التدخل الدولي لوقف الكارثة، فصدر القرار 688 من مجلس الامن الدولي باقتراح من فرنسا والذي قضى بإيقاف القمع ضد العراقيين. وبغية بسط الحماية الدولية على كردستان وشعبها، قدمت بريطانيا مشروعاً لاحقاً لإقامة منطقة آمنة شمال خط العرض 36 نالت قبولاً من تركيا بشخص رئيسها الراحل توركوت اوزال، وبموافقة الولاياتالمتحدة التي تجاوبت مع الرأي العام الاميركي، فعاد ابناء كردستان الى موطنهم ليبدأوا فتح صفحة جديدة في تاريخهم يطلون منها على المجتمع الدولي متسلحين بتجربة ديموقراطية فريدة وغنية. فبعد وصول مفاوضات الجبهة الكردستانية والحكومة العراقية الى طريق مسدود جراء تنصل النظام العراقي من تعهداته والتزاماته تجاه حل القضية الكردية وتنصله من تلبية المتطلبات الديموقراطية في العراق التي رأت القيادة الكردية انها الضمانة الوحيدة لانجاح اية اتفاقات مع الجانب الحكومي لحل القضية الكردية، لكن الحكومة العراقية وفي محاولة منها لوضع الشعب الكردستاني بين كماشتي الضغط الاقتصادي والاداري من جهة، وهواجس دول الاقليم من بزوغ كيان كردي مستقل في المنطقة من جهة اخرى، سارعت الى سحب كل اداراتها المدنية والعسكرية لتخلق بذلك فراغاً هائلاً في كردستان المدمرة اصلاً جراء السياسات العنصرية التي استهدفتها، مما دفع بالقيادات الكردية الى الاسراع بدورها لملء هذا الفراغ تفادياً لكارثة متوقعة جراء شلل الادارة في المنطقة، فاتفقت هذه القيادات على اجراء اول انتخابات برلمانية تعددية حرة في تاريخ شعب كردستان وسط مخاوف اقليمية وتحفظ دولي حتى من جانب الولاياتالمتحدة التي اقلقت من انسحاب تأثيرات الوضع الكردي على وضع حليفتها التركية. وانتهت تلك الانتخابات بفوز الاتحاد الوطني والحزب الديموقراطي الكردستاني بغالبية المقاعد، فانبثقت حكومة الاقليم في 4/7/1992 لتكون اول حكومة كردستانية خالصة في المنطقة واطولها عمراً واغناها تجربة واوسعها علاقات مع دول الاقليم والعالم. وكان تشكيل المجلس الوطني الكردستاني الموحد والحكومة الاقليمية بحق مبادرة محفوفة بالمخاطر، لأنهما نشأتا في ظل ظروف بالغة التعقيد، لم تخف دول الاقليم المعروفة بحساسيتها المفرطة من الوضع الكردي عموماً مخاوفها من تداعيات تلك التجربة على أمنها واستقرارها السياسي، لذا سارعت تلك الدول بعقد سلسلة من الاجتماعات الثلاثية لاحتواء هذا الامر الطارئ والخطير بحساباتها ووضع الخطط لكيفية مواجهتها، في المقابل سارعت القيادة الكردية للتحرك باتجاه طمأنة دول الجوار، ودفعها لقبول فكرة هذه الادارة كأمر واقع، فتعاملت هذه الدول مع الحال الجديدة ولو على مضض تقديراً منها للظروف الدولية المستجدة مع التمني بالطبع على بقائها حالة موقتة، لكن التجربة استمرت على رغم الظروف الصعبة التي واجهتها. فعلى رغم توريث هذه الحكومة الوليدة كماً هائلاً من المشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية بالغة الخطورة، حيث توارثت اقتصاداً مهشماً، ومؤسسات ادارية مشلولة تماماً وبنية تحتية مدمرة بالكامل، وحالاً خطيرة من البطالة، إذ لم يكن المجتمع الكردستاني الا مجتمعاً مستهلكاً يفتقر الى ابسط المقومات الاقتصادية التي تمكنه من الاعتماد على نفسه. وبدأت حكومة الاقليم تنطلق لبناء تجربتها وسط حالة معقدة وبالغة الصعوبة، حيث كانت كردستان تعاني من أثار حصارين مفروضين عليها، حصار دولي كونها جزءاً من العراق الخاضع لنظام العقوبات، وحصار داخلي فرضته الحكومة المركزية على اقليم كردستان. وكان اندلاع القتال الداخلي المؤسف وتداعياته ونتائجه السلبية على التجربة، تسبب في اشكالية كبيرة، ووضع طروحات المبادرة الديموقراطية موضع الشك امام الرأي العام الكردي والعالمي وافرز العديد من المشاكل وعرقل الكثير من المشاريع السياسية والاقتصادية لتطوير المبادرة. فعلى الصعيد الدولي، أدى اندلاع القتال الداخلي الى اضعاف الدعم الدولي وتعاطف الرأي العام العالمي مع مأساة الشعب الكردي الذي وصل الى الذروة بعد رؤية صور ومشاهد مأساة المواطنين الكرد الهائمين على وجوههم في الجبال القصية على شاشات التلفزيونات العالمية. أما على الصعيد الداخلي فقد انعكست اثار القتال الكردي على الرأي العام الكردستاني، الذي بدأ يشعر بأن فرصة جديدة تكاد تهدر ايضاً لوصول شعب كردستان الى الامن والاستقرار والحرية، وانهاء مأساته مع القمع والارهاب والتسلط. ولكن على رغم هذه الانتكاسة المؤلمة، تمكنت الادارة الكردية من تخطي بعض النتائج السلبية للاقتتال، وعملت على تطوير ادائها عبر العمل من اجل تحقيق بعض التطلعات السياسية والاقتصادية لابناء المنطقة. فعلي الصعيد السياسي تمكنت الادارة الكردية من تحقيق أهم مكاسبها وهو الانفتاح السياسي على الاتجاهات المختلفة، السياسية والفكرية والتنوعات الاثنية والدينية والمذهبية وتوسيع مساحات الحريات العامة، باصدار عدد من القرارات والتشريعات منها قانون الأحزاب الذي اجاز العمل السياسي لكل الاطياف والالوان والاتجاهات الفكرية والسياسية واقرت حق تشكيل الجمعيات والنقابات والمنظمات المهنية والشعبية، وأطلقت الحريات الاعلامية بشكل غير مسبوق في العراق حيث ازدادت القنوات الاعلامية والصحافية. ففي السليمانية على سبيل المثال لا الحصر، بلغ عدد القنوات الاعلامية العاملة فيها 138 وسيلة اعلامية من تلفزيونية واذاعية الى صحف ومجلات وهو عدد يفوق كثيراً القنوات الموجودة في العراق طيلة عقود. وشرعت حكومة الاقليم للمرة الاولى نظام الدعم الاعلامي المستقل الذي ضمن كامل الحرية والاستقلال للصحف والقنوات الاعلامية المستقلة المشمولة بذلك الدعم. وخطت الحكومة خطواتها الاولى نحو إلزام مؤسساتها بالمعايير الدولية لحقوق الانسان، وشكلت وزارة خاصة بحقوق الانسان، وتحققت للمرأة الكردستانية للمرة الاولى شخصيتها السياسية والقانونية عبر اشراك عدد من النسوة في المناصب الحكومية منها الوزارات، وتم تعيين اول قاضية في تاريخ كردستان، واجرت تعديلات عديدة على القوانين الخاصة بالاحوال الشخصية المقيدة لحقوق المرأة. وعلى الصعيد التربوي باشرت باتخاذ اجراءات جوهرية منها إدخال مفاهيم عصرية وحديثة الى مناهج التعليم بكافة مراحلها بغية تنشئة جيل جديد متسلح بالافكار والقيم المواكبة لتطور المجتمعات المدنية. وتعمل حكومة الاقليم بدأب على إرساء أسس المجتمع المدني بفرض سلطة وسيادة القانون وإنهاء مظاهر وآثار التسلح العشوائي باعادة تنظيم قوات البيشمركة بتشكيلات عسكرية نظامية. ان ما تم تحقيقه عبر عقد كامل من عمر التجربة يفوق مجمل ما حققته او لم ترد الحكومة العراقية تحقيقه لشعب كردستان طوال سبعين سنة من تاريخ نشوئها مع الفارق الهائل بالإمكانيات. والارقام التالية تبين مدى الفرق بين الحالتين: بلغ عدد المدارس في اقليم كردستان للسنوات من 1921 - 1991 804 مدارس. وصل العدد في ظل الادارة الكردية للسنوات من 1991 - 2000 2705 مدارس. أي ان عدد ما بني من مدارس في ظل عقد واحد من الادارة الكردية فقط اكثر من ضعف ما بنته حكومة بغداد خلال سبعة عقود من سلطتها على كردستان. وكان عدد الاطباء عام 1991 549 طبيباً. وصل العدد في عام 2002 إلى 1870 طبيباً. في مجال التعليم العالي، بالاضافة الى فتح جامعة دهوك واعادة فتح جامعة السليمانية، فقد وصل عدد الكليات التابعة لجامعة السليمانية الى 15 كلية ب18 فرعاً و115 قسماً. وتم فتح 5 معاهد تكنيكية جديدة في كردستان خلال فترة حكومة الاقليم. ان هذين القطاعين يمثلان اهم القطاعات الماسة بحياة المواطنين، وهناك ارقام اخرى تبين مستوى التقدم الحاصل في المجالات الخدمية والاقتصادية، منها على سبيل المثال مد الطرق بمسافة 45 الف كيلومتر في سائر ارجاء كردستان، وإعادة إعمار ما يقارب من 4 آلاف قرية دمرتها القوات العراقية. أما على الصعيد الاقتصادي فإن حكومة الاقليم وعبر انتهاجها لسياسة اقتصاد السوق، تعاملت بشكل عقلاني مع الموروثات الاقتصادية المتخلفة التي كان عليها الاقتصاد الكردستاني في السنوات السابقة. وفي مجال تشجيع الاستثمارات قامت حكومة الاقليم بإصدار عدد من القوانين والتعديلات الخاصة على قوانين الشركات وانتهجت اسلوب تقديم الحافز المادي للعاملين في المؤسسات والشركات الحكومية لدفع مسيرة انتاجياتها، وقررت تأسيس عدد من الشركات الحكومية، وشجعت القطاع الخاص للمساهمة بدورها في انماء اقتصاد الاقليم بالمشاركة في المشاريع الخدمية والسياحية وتقديم التسهيلات القانونية الضرورية له في هذا المجال، وشمل هذا الاجراء تشويق الرأسمال الاجنبي للمساهمة في المشاريع الانمائية، خصوصاً تلك المنفذة باطار حصة كردستان من عوائد قرار النفط مقابل الغذاء. لقد أفاد القرار 986 المعروف بقرار النفط مقابل الغذاء الشعب الكردستاني لإعادة اعمار بلده والإطلالة مجدداً على الحياة المستقرة والآمنة، وبرغم كل ما رافق تنفيذ هذا القرار من اخفاقات كثيرة جراء تغلب الروح البيروقراطية على اداء وكالات ومكاتب الاممالمتحدة وتأخر إنجاز المشاريع المدرجة بمراحل القرار المتعددة، لكن حكومة الاقليم استطاعت بتكثيف جهودها وتسخير امكاناتها المتاحة لدوائرها من تنفيذ عدد من المشاريع الاعمارية المهمة ومحاولة توجيه القرار نحو اعادة احياء البنية التحتية للاقتصاد الكردستاني. لقد مضت عشر سنوات على عمر التجربة وربما استطاعت ان تتجاوز مرحلة مهمة وان تقدم صورة ناضجة لديموقراطية وليدة يفترض ان تكون قدوة في هذا المجال وان تتلقى المزيد من الدعم لتتحول الى تجربة عراقية شاملة بعد حرمان العراقيين منذ اكثر من أربعين عاماً من الحياة الديموقراطية والتعددية السياسية وتكريس خيرات البلاد في مشاريع الحروب التي لم تجرّ على البلاد سوى المزيد من الويلات والدمار. ان القيادة الكردية مدعوة الى تعزيز مبادرات السلام الداخلية من اجل تحقيق المصالحة الوطنية واعادة ترتيب البيت الكردي بما يضمن توحيد الادارة الكردية كسبيل أمثل لتطوير التجربة وحشد الدعم العراقي لها. ان شعب كردستان اصبح اليوم وبعد مضي عقد على تجربة الادارة الاقليمية اكثر وعياً بحقوقه والواقع السياسي المحيط به. اننا نعتقد بأن تطوير التجربة الكردستانية وتوجيهها نحو فضاء اوسع ليشمل العراق كله، سيكون عاملاً مهماً وحافزاً مؤثراً باتجاه تسريع عملية التغيير الديموقراطي في العراق. فجاهزية التجربة والخبرة الكردية المتراكمة عبر عقد من الزمن تكفيان لاعطاء انطباع جيد بنجاح التجربة الكردية وامكانية نقلها في العراق لبناء مستقبله، وبالتالي صياغة عقد سياسي جديد يضمن لكل شعوب وقوميات العراق حرياتهم وحقوقهم الاساسية، ويضمن الامن والاستقرار بالمنطقة التي هزتها الاعاصير خلال العقد الماضي بسبب عجز النظام الحاكم عن تمثيل التلاوين العراقية باتجاهاتها وانتماءاتها المتعددة، واقتصار حكم البلاد على الحكم الشمولي والفردي الذي وجه البلاد الى الخراب والدمار، وجعل المنطقة أحد اكثر مناطق العالم التهاباً بسبب المغامرات العدوانية. فمن خلال استقرائنا للوضعين الدولي والاقليمي، ندرك بأنه لا يمكن توجيه التجربة الكردستانية على رغم النجاحات التي حققتها نحو تشكيل دولة كردية، رغم مشروعية حق تقرير المصير للشعب الكردي والذي تتكفله المواثيق والاعراف والقوانين الدولية. ويبقى قدر الكرد وابناء كردستان مع الدولة العراقية على شرط حكمها ديموقراطياً بعيداً عن الاضطهاد القومي والمذهبي وفي ظل عقد سياسي يحقق لجميع فئات الشعب العراقي حقوقهم الوطنية والقومية. ان تجربة السنوات العشر الماضية أفرزت حقيقة باتت تشكل جزءاً من ذهنية المواطن الكردي، وهي ان الشارع الكردي اصبح اليوم يعي تماماً ان مستقبله هو مع العراق، رغم ان كردستان عاشت في الواقع وطوال عقد كامل ما يشبه بحالة من الاستقلال الكامل، لكن هذا المواطن ومعه النخب السياسية في كردستان اصبحا يدركان ويعيان اهمية الاستقرار والتطور الاقتصادي والثقافي وعمليات البناء والتنمية ومردوداتها على استقرار أوضاع كردستان، لكنهما يدركان في الوقت ذاته ان هذه الامور لا يمكن تحقيقها بمعزل عن حل شامل للقضية العراقية ككل. من هنا فإن التجربة تبقى حالة قلقة ومحدودة التأثير ولا يمكن تطويرها دون دعمها بتحول ديموقراطي شامل في العراق. كما علينا ان نؤكد على حقيقة اخرى، وهي ان اهتماماتنا بالشأن العراقي ومساندة مشروع التغيير ليس ناتجاً عن المزايدة بشعارات سياسية نطرحها متغنين بالوحدة العراقية ترضية لهذا الوسط الاقليمي اوذاك، بل ان هذا الاهتمام نابع من قناعة ثابتة ترسخت في السنوات الماضية من عمر التجربة، وهي ان مصلحة كردستان تكمن في المشاركة الفاعلة بايجاد حكم عراقي ديموقراطي تنعكس فيه خيارات مكونات النسيج العراقي. ومن هنا فإن التجربة تحتاج الى دعم جميع الاطراف الحريصة على مستقبل العراقي لتتحول الى تجربة تعم الفضاء العراقي، فتبقى بغداد هي الامل والعاصمة الحقيقية التي يمكننا فيها اغناء تجاربنا السياسية الكردية منها او العراقية. ان الخيار الواقعي للعراق ودول الجوار، هو تمكين العراقيين في تقرير مصير بلدهم وانقاذه من آثار سنوات الديكتاتورية وبناء عراق جديد يحظى باحترام وتقدير دول العالم، وهو بلدهم الفيديرالي التعددي الحر والامن مع شعبه وجيرانه. فالنخبة السياسية في كردستان ومعها الرأي العام الكردستاني وبعد عشر سنوات من طرح هذه المبادرة الديموقراطية ترى بأن التجربة اصبحت شاهداً على امكانية البناء الديموقراطي في العراق وابطال المزاعم التي تروج لاستحالة تحول المجتمع العراقي الى الديموقراطية، فالمبادرة الكردستانية التي ولدت في خضم ظروف بالغة الصعوبة ونمت وترعرعت في ظل تلاطم الصراعات وتضارب المصالح الاقليمية، قد نجحت، من خلال ديمومتها وثباتها بوجه الأعاصير العاتية في بعض الاحيان، واستمرار البناء الديموقراطي بطبيعة الحال هو دليل على تمسك الشعب الكردستاني الذي عانى مثل جميع العراقيين من آثار الديكتاتورية والحكم الشمولي، بالخيار الديموقراطي باعتباره صمام الأمان والضمانة لعودة الوحدة الوطنية الحقيقية الى العراق، بعد سنوات من التمزق، وبالتالي يتبوأ العراق مكانته اللائقة داخل المجتمع الدولي المتمدن، وإعادة إعمار ما خربته الديكتاتورية طوال عقود الحرمان الاربعة الماضية. * رئيس حكومة اقليم كردستان العراق - السليمانية.