نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدله لا قاع له ويتناسل ويتداعى الى السياسات كلها ونقيضها وإلى الخصوم والمعارضين ."عبقرية" ياسر عرفات وسيرتِه السياسية ... إيهامه بمتانة حله الإشكال الفلسطيني
نشر في الحياة يوم 23 - 11 - 2004

مُدح ياسر عرفات على ألسنة بعض السياسيين الدوليين وفي عناوين بعض الصحافة العالمية، قبيل رحيله وغداته، بالقول ان رحيله يوفر حظاً جديداً للسلام. وقصد المادحون والمعلقون بقولهم هذا معنى ظرفياً يتصل برأي اسرائيلي وأميركي غالب في سياسة الزعيم الفلسطيني الراحل. ويدين هذا الرأي "وسطية" عرفات وترجحه بين حدين: حد النازع الى المسالمة والمهادنة والإقرار ب"حق اسرائيل في وجود آمن وشرعي"، بحسب عبارة سائرة، وحد مسايرة التيارات القومية والأصولية النازعة الى العود على بدء "النكبة"، أو الى "العودة الى الوضع السابق" نشأة الدولة العبرية، بحسب عبارة براها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية من كثرة الاستعمال في مفاوضات وقف النار والهدنة بين الجولات في الأردن، ثم في لبنان، وأخيراً في غزة والضفة الغربية. والذين قصدوا معنى غير ظرفي، مثل وزير خارجية ألمانيا يوشكا فيشر، اقترحوا تخليص وجه عرفات الساعي في السلام، وعاقد الصلح مع عدوه ومحتله، من وجه المتردد في حسم أمره، والمتواطئ مع خصومه ومعارضيه غير المترددين في تخوينه أحياناً.
فيتصور ياسر عرفات في صورة متنازعة. فهو الجسر أو السُلّم الفلسطيني الى سلام "الدولتين"، وهو الحاجز القوي بين الشعبين وبين استقرارهما في دولتين. ولربما كانت هذه الصورة أرضت عرفات نفسه. وهو كان صاغها أو رسمها على نحو مختلف. فذهب الى أن قبوله هو أولاً الاعتراف بالدولة العبرية في حدودها قبل حرب حزيران يونيو 1967، كان مقدمة لازمة لتخلٍ فلسطيني متردد وجزئي عن "تحرير كامل التراب الفلسطيني"، على ما ذهب اليه "الميثاق الوطني" قبل أن يعلن هو فوته وبطلانه. ولكان شرَط ثبات الخطوة، وتماسك المقدمة، برد الأراضي المحتلة كلها بين شرق القدس وبين نهر الأردن، سطحاً وجوفاً، الى سيادة الفلسطينيين" ولشرطهما بالإقرار المعنوي والمادي، الاسرائيلي والدولي، بوقوع حيف لا يعوض على الفلسطينيين، ويعوضه الإقرار هذا بعض التعويض الذي يتيح المضي على الحياة والسعي من غير خجل، أو جرح كرامة يجعل المضي هذا ألماً مقيماً.
الجدل
فهو، على ما ألمح حيناً وصرح أحياناً، لا يسعه الطلب الى قومه الرضا بنحو خمس فلسطين أرضاً لدولة اقليمية إذا لم يبادلهم عدو الأمس رضاهم سيادة وكرامة ناجزتين. وخلص عرفات من هذا الى ضرورة انحيازه الى تطلعات الفلسطينيين وأمانيهم العميقة والمشروعة شرطاً لحمايته ارتضاءهم الدولة العبرية جاراً آمناً. فهو إذا لم ينحز الى التطلعات والأماني هذه انحاز اليها من اشتروا من الفلسطينيين إحباطهم ومهانتهم وعدا"ب"تدمير الكيان الصهيوني الاستيطاني"، على ما وعد "الميثاق" العتيد نفسه، و"ثورة حتى النصر" تالياً، وإبطالاً للاتفاقات المعلنة والمضمرة ورجوعاً عنها. وحمل الجدل "العرفاتي"، عند بلوغه هذا المبلغ من التعقيد، حمل صاحبه على تأويل الانحياز الى التطلعات والأماني والمصالح الفلسطينية والعربية من وراءها تأويلاً متعرجاً. فضمَّن تأويله تربعه سيداً مطاعاً وأوحد على الهيئات والأجهزة والمنظمات "الوطنية"، وبقاءه حاكماً غير منازع في مزيج الجزرة والعصا رابطاً بينه وبين معارضي سياسته أو مخالفيها مخالفة لا توسط فيها، وبينه وبين أنصاره ومحازبيه. وضمَّن تأويله كذلك إنفاذ رأيه وحده في معنى أو دلالة ما يقول وما يسر، وما يفعل أو يترك فعله.
وعلى هذا ينبغي التسليم بأوجه سياسة "أبو عمار" كلها "كتلة واحدة" أو "ضميمة لا تتفرق" ولا تتميز. وليس لمنكري انفراد الرجل بمفاوضة ملك الأردن السابق، وحاكم سورية السابق، وقائد ليبيا المقيم، وقادة مصر، و"مهيب" العراق من قبل، و"الأحزاب والشخصيات الوطنية" اللبنانية، وأمين عام الحزب الشيوعي السوفياتي الأسبق فالأسبق، والاسرائيليين، وما لا يحصى من ديبلوماسيي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وآسيا وأفريقيا - انكار انفراده. فهو وحده في مستطاعه مراعاة المزيج الدقيق بين المرونة وبين الصلابة. وهو القائم على شعرة معاوية أو شعراته الكثيرة. وإذا بلغ الأمر بموازنته الدقيقة هذه حدّ إنشاء "كتاب شهداء الأقصى"، وإشراكها إشراكاً فاعلاً وحاسماً في الأعمال "السياسية" والعسكرية الرائجة والغالبة على الشارع الفلسطيني في نصف العقد المنصرم، أو حد توفير لوازم الانشاء والمشاركة بالرجال والولاء والمال والعلاقات...، لما جاز السؤال عن معنى الفعل هذا، أو عن المناسبة بينه وبين المواقف السياسية والديبلوماسية الأخرى. فهو جزء من الحرص على ألا تنقطع الشعرة بين الزعيم وبين قومه وأهله، ومن الحدس الصائب دوماً في شرائط قبول "شعبنا" بالسلام المزمع. وهو جزء من حماية موقع قيادة الرجل من ضعف يسعى فيه "أعداء السلام من الطرفين" طبعاً.
وهذا جدل لا قاع له، ولا قرار يقر عليه. والزعم ان ياسر عرفات مبتكره أو مبتدعه، مديح ينوء به الرجل الراحل أو ذم فادح قد يُقصد به على الأرجح تبرئة ساحة غيره من السياسيين، ونفي التبعة والمسؤولية عن الجماهير و"الشعب"، والحركات والجماعات السياسية وغير السياسية التي أسهمت بسهم وافر في بعث عرفات على جدله وسياساته، وفي إنشائه على الصورة التي عرّفته وجلته على ما صار إليه. ومن طريق هذه الصورة، أو هذا التركيب، باشرت الحركات والجماعات الفلسطينية والعربية "السياسية" وأشكالها المتفرقة: الشارعية والنخبوية، العسكرية والدعاوية، المنظمة والعفوية، الظاهرة والباطنة، المتطرفة والمعتدلة، الخ. ومن طريقهما، وطريق عناصرهما وحكوماتهما، ارتقت الى الفعل السياسي. ولعل تاريخ الرجل، وتاريخ أصحابه والحوادث التي لابسوها جميعاً، مصدق هذا الزعم.
غزة... أولاً
فالنواة الأولي التي يعود اليها إخراج الفلسطينيين من تسليمهم بخسارتهم مواطنهم قبل أن تصبح وطناً سياسياً وأرض دولة وطنية، واستكانتهم الى "قدرهم" القاسي، أفرادها كلهم إما من أهل غزة أو من لاجئين من بلاد فلسطينية أخرى المثلث غالباً الى غزة حيث استقروا وأقاموا. ومعظمهم انتسبوا الى جماعة الإخوان المسلمين من طريق إقامتهم بمصر، موطن الجماعة، طلاباً وتلامذة أو "مستوطنين"، أو من طريق ضباط مصريين آلت غزة، وآل أهلها، الى إدارتهم ووصايتهم على هذا الجزء من فلسطين. وأنشأ "الإخوان" المصريون في أوائل الخمسينات منظمة "شباب الثأر"، ومنظمة "كتيبة الحق"، وجندوا فيهما فتياناً وشباناً مصريين وفلسطينيين دعوهم الى مقاتلة الدولة الناشئة أول الأمر. ولكن الدولة المصرية لم تلبث أن أقامت شرطة حدود بين "ولايتها" الغزاوية وبين اسرائيل. وصدع "الإخوان" للأمر، فحالوا بين مجنديهم وبين مهاجمة الأراضي التي كانت الى أمس قريب أرضهم.
فافترق الفتيان والشبان الفلسطينيون عن "إخوانهم"، وتركوا الجماعة قبل انتصاف العقد. وشنوا عمليات عسكرية يصفها المؤرخ يزيد صايغ ب"الصغيرة"، في أواخر 1954 وأوائل 1955 . وبلغ عددها 192، بحسب إحصاء اسرائيلي. وكان مصدر سلاحهم المتواضع وذخيرتهم "كتيبة الفدائيين" المصرية. ويزعم خليل الوزير "أبو جهاد" قائد منظمة التحريري العسكري من بعد ان الغارة الاسرائيلية على غزة، في أواخر شباط فبراير 1955، وكانت من نذر حرب السويس في العام التالي، السبب فيها عملية من عمليات الفتيان والشبان الفلسطينيين. وخرجت تظاهرات، غداة الغارة، تطالب بالتسليح والتجنيد، وتلوح بأعلام غمست بدم الجنود المصريين القتلى. ولكن ما قدر عليه "الغزاويون"، أصليين ووافدين، عجز عنه أهل الخليل بضفة الأردن الغربية. فأخفقوا في إنشاء مجموعات مقاتلة، وحالت عمّان وقواتها بينهم وبين القيام بأعمال عسكرية في وادي الأردن، نظير أعمال أصحابهم في القطاع. وأتاح احتلال القوات الاسرائيلية غزة الى حين انسحابها في الشهر الثالث من 1957، إشراك بعض الفلسطينيين القلائل في "جبهة مقاومة شعبية" ضعيفة الأثر. وأمرت السلطات المصرية شبان "الجبهة"، غداة الانسحاب، بتجميد عملياتهم المتواضعة. وألحقتهم بحال اخوانهم وأصحابهم في الضفة الغربية.
والتقى الخمسمئة فلسطيني الذين أرسوا أسس "حركة التحرير الفلسطيني" واختصرت "فتح"، من الأحرف الأولى مقلوبة، الاسم في تشرين الأول اكتوبر 1959، بأرض الكويت، حيث هاجروا طلباً للعمل. وطبعت نشرتهم الأولى، "نداء الحياة - فلسطينناببيروت. وشقت الروافد الأخرى طريقها بين سورية، حيث أسهم خالد الحسن في ولادة "حزب التحرير الإسلامي"، قبل هجرته الى الكويت غداة استيلاء أديب الشيشكلي على حكم سورية، وبين الكويت التي لحق الحسن بها. ورعى مخيم اليرموك بدمشق "عرب فلسطين"، والجامعة السورية "أبناء فلسطين" و"كتائب محمد".
وأجمع مئات الفلسطينيين الذين آوتهم الإمارة الخليجية على شن حرب على "وجود" اسرائيل، وأعلنوا تنصلهم من "الدول العربية" وطعنوا في التزامها، ودعوا "الشعب الفلسطيني" الى حشد موارده في "كفاح مسلح" لا هوادة فيه. ولم يخرج جمال عبدالناصر عن المثال العربي بإزاء المسألة الفلسطينية والفلسطينيين، على ما ظهر في غزة غداة السويس. ولما اتحد "الاقليمان"، الجنوبي المصري والشمالي السوري، في الجمهورية العربية المتحدة، "طهرت" سلطات الوحدة الجيش السوري من ضباطه الفلسطينيين، وعرقلت إنشاء روابط فلسطينية، ومنعت المقيمين الفلسطينيين من قصد البلاد الحدودية وزيارتها ودخولها.
وبعض السبب في التشدد العربي المتحد يعود الى اختلاط المنزع الفلسطيني الوطني والنضالي بالحركة الاخوانية في مصر وسورية على حد سواء. وكانت الحركة الاخوانية على خلاف دام مع عبدالناصر في مصر، غداة 1954، ثم مع "الناصرية" وميلها، بمصر أو سورية وفي الشوارع العربية عموماً، الى المعسكر السوفياتي، والى ارساء دولة قوية وحديثة على حزب حاكم، وايديولوجية وطنية وتقدمية. وبين هذه وبين الايديولوجية السوفياتية قرابة وشبه غير خفيين. وصدر تكفير "الدولة" وتشريعاتها المحدثة والعلمانية، والحكم في هذه وتلك ب"الجاهلية" في سياقة تبلور الناصرية، وعن "إخوان" أصلوا الحكم المصري الناصري عداء شديداً بادلهم الحكم بأشد منه. وفاقم الخلاف الفلسطيني "العربي" وهذا يشمل دول "الطوق" الأربع خشية مشتركة من الانزلاق الى حرب دلت تجربتان سابقتان وقريبتان، في 1948 1956، على ضعف مقوماتها العسكرية والسياسية العربية. فلم ترغب دولة مشرقية بينها وبين الدولة العبرية حدود مشتركة في اختبار الغارات الاسرائيلية "التأديبية"، على مثال الغارة على غزة ثم الحملة عليها. وأدى تباعد القيادات الفلسطينية الظاهرة و"التقليدية" وتفرقها وتناحرها الى تبدد الأمل في إطار مشترك يجمع بينها، ويسوغ مطالبتها بحكومة تخلف "حكومة عموم فلسطين" وتتولى تدبير ما بقي من فلسطين الانتدابية، ولم تضمه الدولة العبرية الى سيادتها.
ولم يقتصر الإحجام عن احتمال العبء الفلسطيني على الدول والأنظمة والسلطات. فشمل الحركة السياسية والاجتماعية التي رعت تفتح التطلعات الأولى بغزة، قبيل 1948 وبعدها، أي جماعة الإخوان المسلمين. فامتنعت هذه من إنشاء فرع فلسطيني مسلح تصرف إليه أنصارها الفلسطينيين الكثر. والجماعة كانت، في مصر وسورية وغزة والخليل ولبنان كان توفيق حوري، البيروتي "المقاصدي" والإسلامي المعتدل، من تولى إصدار "فلسطيننا" وأعدادها الأربعين، ثم في الخليج والنمسا حول يحيى عاشور وألمانيا حول هاني الحسن وهايل عبدالحميد، اللحمة الجامعة، ورابطة الفلسطينيين الساعين في "كيان". وهي أقامت على الاضطلاع بهذا الدور الى 1963 . وقد يكون إقدام صلاح خلف، في العام هذا على إنشاء "جبهة الكفاح المسلح الثورية" بغزة، علامة أولى على بعض الانفكاك من الدوران في الفلك الإسلامي والاقتصار عليه. ولعل غلبة الغزاويين و"المصريين" اتصالاً وثقافة غلبة تامة على المبادرة الى تحمل العبء الفلسطيني المستقل، والغزاويون و"المصريون" أبناء "الإخوان" على هذا القدر أو ذاك، لعل الغلبة هذه قرينة قوية على رجاحة الباعث الإخواني السياسية والاجتماعية معاً.
العامل الفلسطيني المشكل
فإذا أحجمت "الجماعة" عن إفراد العامل الفلسطيني، السياسي والأهلي، ببنية تنظيمية وعسكرية تخصه، وتوقفها عليه وحده، فمعنى هذا أن العامل الفلسطيني عبء أشكل تحمله على الأنظمة، وعلى الحركات السياسية والأهلية المعارضة وبعضها مسلح، على رغم حل "النظام الخاص" الإخواني في أوائل الخمسينات، وكان هاني الحسن انتسب اليه والى "فرسان بدر" الذي ربما حل محله على حد واحد. ولا يقلل إفضاء الحلقات التي بلورها العمل الفلسطيني منذ انشاء شبكة "فتح" في 1959 ونقلها الى منظمة في 1962 واسطة عقدها عرفات والوزير وعباس والقدومي والدنان وخالد الحسن والزعنون وحسام الخطيب الى الحركة المسلحة في 1967 بالأردن، لا يقلل من إشكال العامل الفلسطيني، لا يومها ولا لاحقاً، والى يومنا هذا. وياسر عرفات، وسيرته السياسية، في قلب الإشكال الذي لم يفك أو يحل إلا ظاهراً. وقد تكون "عبقرية" عرفات إيهامه بمتانة هذا الظاهر وحقيقته.
والحق أن لا تنصل الأنظمة الوطنية المزعومة "قطرية" قياساً على "قومية" هي افتراض محض، التقدمية والمحافظة على حد سواء، من إدراج العامل الفلسطيني في بنية سياستها، ولا تنصل الحركات السياسية والأهلية الاسلامية والقومية، كانا تخاذلاً وضعفاً وحسب، أي نكوصاً عن سياسة معروفة وواضحة بمتناول الأنظمة والحركات والجمهور من وراء هذه وتلك. فانكفاء الجيوش العربية النظامية، ومعها القوات غير النظامية مثل جيش الانقاذ، الى ما وراء "حدود" القطاع ونهر الأردن والحمة والقرى السبع بمصر وشرق الأردن وسورية ولبنان، تباعاً ترك خمس أراضي فلسطين الانتدابية لأهلها الفلسطينيين. وعوض أن يتولى الفلسطينيون، "وطنيو" الشطر المتبقي وأهلوه، الحكم والسيادة عليه، وما يترتب على السيادة من أعباء وتبعات داخلية واقليمية، رضي الفلسطينيون التخفف من الأعباء والتبعات الثقيلة وربما الساحقة هذه، وسلّموا به.
ولما أسرعت السلطات "العربية"، المصرية والأردنية، الى قبول "الغنيمة" الفلسطينية، فحلت الحكومة المصرية "حكومة عموم فلسطين" ودعا عاهل الأردن الى مؤتمر عام نقل اليه مؤتمروه، الأعيان والوجهاء، "العهدة" عن الجمهور والأهالي، لم يَحُر جمهور الفلسطينيين جواباً يخالف السياستين، وينكر عليهما صنيعهما. وكان عليهم انتظار من كانوا لم يبلغوا العشرين من العمر في 1948 كان عرفات في التاسعة عشرة، وخليل الوزير في السادسة عشرة...، 15 عاماً أخرى، الى 1962 - 1963، ليبادر هؤلاء الى القيام بأمرهم والاستقلال به. وهذا الانتظار قرينة على ضعف الرابط بين جيل الحركة الاستقلالية والكيانية والصفتان في هذا المعرض واحد الفلسطينية وبين الجيل الذي سبقه، وكان بلغ أشده، أو سن الفعل السياسي، إبان "النكبة".
وليس التخفف الفلسطيني من أعباء الحكم والسيادة، بدوره، أو الاحجام عن طلبهما طلباً ملحاً ونشطاً، تخاذلاً خالصاً، ولا الإقبال المصري والأردني على "الغنيمة"، طمعاً وشرهاً وحسب. فالأمران، وهما متصلان ومتلازمان وشرط واحدهما الآخر، نجما عن اشتباه أو التباس موضوعي وفعلي. فإذا تولى الفلسطينيون الأمر في بلادهم المتبقية، فإما يمضون على الحرب وحدهم، ويخسرون ما بقي من الأرض والأهل - فهم لا طاقة بهم وحدهم على ما لم يسع دول الجامعة السبع مجتمعة النهوض به - وإما تتولى دول الجامعة وجيوشها ما أخفقت في توليه من قبل، وامتحنها الامتحان المعروف. والحساب العملي، أي العسكري، ليس الميزان الوحيد الذي كان على الدول العربية، وعلى الجماعات الفلسطينية، وزن السياسات والغايات فيه. فندبُ الفلسطينيين الى الاضطلاع بالمفاوضة والبت في مسائل الدولة والحرب كان معناه إقراراً ضمنياً بمسألة فلسطينية داخلية طرفاها عرب فلسطين مسلموها ومسيحيوها ويهودها. وهو المذهب الدولي في المسألة، وسند قرار التقسيم. وهذا ما لم يرتضه لا عرب فلسطين ولا عرب غيرها. والأرجح أن معظمهم لا يرتضونه الى اليوم.
الهوية المعلقة
فبقي الفلسطينيون معلّقي الهوية ومتنازعي الحال. فهم إذا ارتضوا هوية وطنية فلسطينية حملهم "اقتصارهم" هذا على جبه الاسرائيليين في علاقة ثنائية تنطوي على القومين، وتخلع القوم الفلسطيني على المعنى "الشرعي" والشخصي من رحم "العرب" ووصايتهم ومنازعاتهم وترجحهم بين هوية عربية وإسلامية مفترضة وبين هوية وطنية وأهلية قائمة وفاعلة، وحسبوا، على بعض الحقيقة في الحسبان، انهم دخلوا في عصمة عدو لا يطيقون ظله فكيف يسلمون له بأعظم بكثير من بسط الظل. وإذا دخلوا تحت هوية عربية جامعة "تتمتع" شعوبها الأخرى بمباني الدولة الوطنية ولحماتها وقيودها وخلافاتها، ألْفوا أنفسهم "يتامى" أو قصَّراً تتقاطر عليهم الوصايات من جهات العروبة الأربع. فلا يستطيعون منها فكاكاً إلا بالقتال، والنفخ في الانقسامات الأهلية الوطنية والضلوع فيها، واستقبالها وإيواء شررها في الصفوف الفلسطينية نفسها. وهذه منازع خبرتها الحركة الوطنية الفلسينية، ولاحقتها في مراحلها ومحطاتها كلها، ولم تخرج منها الى اليوم. وأظهر اعداد المؤتمر الوطني الفلسطيني بالقدس، في أيار مايو 1964، الأمر على أوضح حال. ولازم التورط في العلاقات الأهلية الوطنية، وتوريط الجماعات الأهلية والدول العربية في منازعات داخلية واقليمية، السياسيات الفلسطينية منذ تبلورها في منظمات وأجهزة، فصبغت المنازعات المتفرقة التي ضلع فيها الفلسطينيون، وفي مقدمهم ياسر عرفات، ولابسوها ولابستهم، صيغة "ميلودرامية"، ومسرحية استعراضية، لم تبددها المآسي الحقيقية والكثيرة التي لحقتهم، وحطمت حيوات لا تحصى فيهم. وحال تعليق الهوية بين السياسات الفلسطينية والجماعات الفلسطينية، على أي معيار جمعت ورتبت وبين الرسو على بعض الاجماع الشعبي أو البعث على إجماع وطني متماسك. وتشبيه الإجماع، والتمثيل عليه بواسطة "الكفاح المسلح" - وهو ما يسميه الفلسطينيون، الى اليوم، "الثورة" - هما كذلك وجهان من وجوه "عبقرية" ياسر عرفات. فعلى نحو ما صدرت الأعمال العسكرية الضئيلة عشية حرب السويس، ثم عشية حرب حزيران 1967، عن جماعات ضيقة لم تبلغ مبلغ العبارة عن تيار عريض أو واضح القسمات، كان "انطلاق" الأعمال العسكرية في "عيد الثورة"، ثم استمرارها، اصطناعاً لم تتورط فيه جماعة فلسطينية يعتد بها، عدداً وتفويضاً وتقاليد.
فالنوى الأولى اجتمعت من فلسطينيين يسميهم مؤرخ "الكفاح المسلح" يزيد صايغ، "متسللين مخضرمين". وهؤلاء جندهم ياسر عرفات من عشائر بدوية مثل عرب اللهيْب أو الهَيْب، على ما يكتب في بعض الأحيان والتلاوية، ينزلون البلاد والأرض المتاخمة الحدود اللبنانية - الاسرائيلية والسورية - الاسرائيلية، وفي جنوب الأردن. وسبق لبعض هؤلاء الادلاء أن خدموا في "المفرزة الفلسطينية"، وهي وحدة أمن متخصصة في جهاز الاستخبارات السورية. فكان 30 من خمسين جندوا الى أواخر 1964، أعضاء سابقين في كتيبة الاستطلاع 68 "السورية"، وهي كتيبة فلسطينيين. ونشط أعضاء آخرون في استخبارات كثيرة، لبنانية ومصرية وسورية. فكانت "المجموعات الضاربة"، على ما سميت تمنياً، من أهل الضعف في الجماعات الفلسطينية، ومن حواشي هذه الجماعات و"سواقطها". ولم يشترك في القتال، لا في بدايات العمل المسلح ولا في نهاياته، أهل "الطبقة الوسطى" من المتعلمين والمكتبيين "العقلانيين". وحين ضربت "القيادة"، وهي مرة أخرى عرفات، الأول من أيلول سبتمبر 1964 موعداً لابتداء العمليات، واختير الموعد عشية مؤتمر القمة العربية الثاني على مثال انقلب تقليداً فلسطينياً راسخاً وسمي "الرسائل"، لم تلتزم المجموعة "الأردنية" الموعد، وأخلفته من تلقاء نفسها خوفاً وخشية.
العيد والاحتفال
ولم يصرف هذا قائد "المجموعات الضاربة" عن كتابة تقرير ذهب فيه الى تمام "الجهوزية". وفي 31 كانون الأول ديسمبر من العام نفسه كان ينبغي أن تتولى مجموعة متسللين من لبنان فلبنان، بعد الأردن، انتخب منطلقاً على رغم ان معظم المجندين يقيمون بسورية، وعلى هذا المثال احتذت حركة القوميين العرب من بعد تفجير محطة ضخ في شبكة المياه الاسرائيلية. ولكنها تعثرت بدورية حدودية لبنانية يرجح ان مخبراً "مقاتلاً" على الأقل أبلغ اليها خبر العملية. فأوقفت الدورية المجموعة. وفي اليوم التالي زرعت عبوة في قناة ماء بطبرية، لم تنفجر. ولكن عرفات، في الأثناء، كان في بيروت يوزع على وكالات الأخبار ومكاتب الصحف بياناً بالعملية الأولى التي لم يقيض لها الوقوع. ونشر البيان في 2 كانون الثاني يناير. وجرى الفلسطينيون على الاحتفال بعيد ثورتهم في آخر يوم من العام السابق، ومن كل عام.
ولم يفت في عزم عرفات أداء متسلليه ومجنديه من أجهزة الاستخبارات العربية السابقين، وبعضهم معرَّض للانقلاب أو للاضطلاع بدور المخبر لدى مستخدميه الأوائل. وعوَّل منسق الأنشطة الميدانية الأول، على المال. فسدد للمتسللين أجوراً لقاء خدماتهم "التحريرية". فما تقدم المشاغل كلها هو وقوع عمليات عسكرية وفلسطينية ولو من غير سند ولا مرتكز أو مدد. وتعويله إنما هو على صدى الأعمال الإعلامي، وعلى الرد الاسرائيلي والعربي عليها. فرجا، على ما صنع على الدوام من بعد، رداً اسرائيلياً عنيفاً يحمل الفلسطينيين المكلومين والمصابين إصابات بليغة على القيام على الدولة العبرية المعتدية، وعلى الدول "الأنظمة" والمجتمعات العربية الصامتة والمرتبكة، وعلى من يفترض أنه يقف وراء هذه وتلك، أي "الامبريالية" و"الاستعمار" اللذين وعدا وعد بلفور وأنجزا وعدهما، وكانا استعمرا الدول العربية والاسلامية من قبل، على ما ذهب اليه صلاح خلف في 1974 وهذا غيض من فيض أحكام وآراء من هذا القبيل.
ولما ظهر أن "المجموعات الضاربة" هي ثمرة افتعال عرفات واستعجاله، شكل أعضاء لجنة "فتح" المركزية العليا، المقيمون بالكويت، "مجلس طوارئ" تولى القيادة الميدانية، ورئس عليه عرفات. ويشبه هذا، مذ ذاك، أطوار العمل الفلسطيني الآتية، وتقلبه بين لجنة ولجنة، أو بين مجلس ومجلس. فتتولى لجنة جديدة، معظم أعضائها هم أعضاء اللجنة القديمة، مراقبة الأعمال التي كانت نيطت باللجنة القديمة ونقلت، من غير زيادة أو نقصان، الى اللجنة الجديدة. ولعل هذا ما سماه عرفات وأصحابه "الديموقراطية" الفلسطينية. وما جرى في أثناء العقود المنصرمة الأربعة مجرى الرتابة المعتادة والمتوقعة لم يكن مألوفاً بعد. فانفجر خلاف حاد بين معظم أعضاء اللجنة المركزية العليا وبين رئيس "مجلس الطوارئ". وأبدى الأولون ارتيابهم في مزاعم صاحبهم ودعاويه. فشكا هو حجبهم الأموال عنه، وحمل الإخفاقات على شح المصروفات.
الحروب المواربة
وأرادت كثرة اللجنة المركزية، في شباط فبراير 1966، غداة انقلاب صلاح جديد على البعث "القومي" و"الرجعي"، إعفاء رئيس "مجلس الطوارئ" من مهماته القيادية وأنكرت عليه استزلام الأنصار، ورفض القرارات الجماعية وشراء الناس بالمال وتزوير حسابات مالية لا يشاركه أحد العلم بها، وتعمده ضرب أهداف عسكرية قريبة من حدود الدول المضيفة وهذه تترتب على صنف المجندين. ولما أرادت إناطة القيادة بيوسف عرابي، مؤسس "الجبهة الثورية لتحرير فلسطين" وحليف "جبهة التحرير الفلسطينية" أحمد جبريل، افتعل عرفات صداماً بين أنصار "فتح" وبين مسلحي منظمة أحمد جبريل. فنجم عن الاقتتال المفتعل، على شاكلة مئات الحوادث الآتية، جفاء أبعد "فتح" من الحليفين، وحال بين كثرة لجنتها المركزية وبين ضم يوسف عرابي ومنظمته اليها، وترئيسه على "قواتها" ومتسلليها ولم يلبث عرابي أن قتل في تبادل نار كانت مكاتب "فتح" بدمشق طرفاً فيه، ولكن عرفات لم يخض في الاشتباك هذا.
وكان حظ "فتح" وعملياتها في الضفة الغربية أوفر من حظها في لبنان، إذا جاز أن يسمى حظاً استدراج هجماتها على المستوطنات الاسرائيلية الحدودية رداً قاسياً في بلدة السموع، في أواخر 1966، قتل جراءه 21 جندياً أردنياً، وجرح 37، وهدم 118 منزلاً. ولم تتستر "فتح"، ولا تستر "أبطال العودة" نواة "الجبهة الشعبية" من بعدها، على قصد العمليات هذه حمل القوات الاسرائيلية على معالجة عسكرية رادعة تحرج الحكم الأردني أو اللبناني أو المصري أو السوري، إذا قدرت مهما صنع، وتؤدي الى زعزعته. فالانظمة والدول والمجتمعات المختلة والمضطربة هي أمنية فلسطينية وعربية عميقة. فالأردن هو "هدف العمليات" الأول، وليس الدولة العبرية.
وهذا منطق، أو جدل يتناسل ويتداعى. وهو تناسَل وتداعى، ولا ينفك من التناسل والتداعي. ورُدت "بضاعة" عرفات، وهي بضاعة أصحابه وخصومه ومعارضيه الفلسطينيين والعرب، إليه حين تعمدت "حماس" و"الجهاد" و"كتائب الأقصى"، منذ انتصاب رئيس السلطة الوطنية حاكماً على غزة والضفة الغربية، القيام بعمل "عسكري" عشية لقاء مزمع أو اتصال بين رئيس السلطة وبين سياسي اسرائيلي، أو عشية زيارة أميركية أو أوروبية يتوجس منها أصحاب العمل شراً على سياستهم وخططهم. فالعمل "العسكري"، وهو اختصر أكثر فأكثر الى قتل فتى أو شاب فلسطيني نفسه في وسط اسرائيليين، يقصد به عرفات، وسلطته وعلاقاته، فوق ما يقصد به القتلى.
وفي الاثناء لم يلم أحد الشعث الفلسطيني على سياسة توجب أعمالاً وهيئات وعلاقات ومعايير وقيماً، ولا تقتصر على الدفاع عن النفس من اجتياح كان السبب فيه "عملية" تقطع الطريق على ما قد يشبه اتفاقاً. ولا قدر أحد على جمع الفلسطينيين وجماعاتهم على "برنامج" مشترك. ولا أخمد أحد المنازعات الأهلية الفلسطينية المستعرة في ثنايا الجماعات وعصبياتها. ولا رعى أحد تطلعاً فلسطينياً شعبياً وغالباً يسعه الطلب الى القلة المعترضة الانصياع من غير التوسل بالقوة، أي بالاغتيال والقتل. ولم يجدد عرفات في الأمر. ولم ينحرف عنه، لتعس الفلسطينيين وتعسنا جميعاً.
* كاتب لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.