قام البرلمان الايراني المحافظ بخطوة تمثل تحدياً واضحاً للإدارة الأميركية وحلفائها الاوروبيين، اذ صادق بغالبية ساحقة على الخطوط العريضة لمشروع قانون "الحصول على التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية" والذي يهدف في حال المصادقة النهائية عليه الى الزام الحكومة الايرانية باستئناف عمليات تخصيب اليورانيوم وانتاج دورة الوقود النووي لمنشآت ايران النووية، وذلك خلافاً للموقف الاميركي -الاوروبي الذي يطالب ايران بوقف طويل المدى لعمليات تخصيب اليورانيوم. وسارعت الحكومة الايرانية الى تثمير قرار البرلمان لتطالب الاوروبيين بالتقدم باقتراحات عملية في جولة المفاوضات المقررة في باريس يوم الجمعة المقبل. وقال حميد رضا اصفي الناطق باسم الخارجية الايرانية: "ينبغي ان تكون التعهدات الاوروبية قطعية ودقيقة وواضحة وينبغي ان يوضحوا لنا الجدول الزمني لتجميد عمليات التخصيب التي قبلنا تجميدها طوعاً". وجاء في نص المشروع البرلماني ان "حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية ملزمة اتخاذ ما يجب لتتمتع بالتكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك توفير دورة الوقود النووي، وذلك من خلال الإفادة من العلماء والباحثين الايرانيين والامكانات الداخلية، وكذلك متابعة تنفيذ تعهدات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول التي تمتلك هذه التكنولوجيا ازاء الدول الاعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي" ان بي تي. وأوضحت مصادر برلمانية ايرانية ل"الحياة" ان "المشروع يحتاج الى قراءة ثانية ليصبح ملزماً ويطالب الحكومة بوضع تاريخ محدد لاستئناف عمليات التخصيب"، بمعنى انه "يفسح في المجال امام الحكومة لاتمام مفاوضاتها مع الاوروبيين للتوصل الى نتيجة ترضي الطرفين وتحول دون دخولهما في مواجهة غير محسوبة النتائج". وأضافت المصادر انه من المقرر ان يحال هذا المشروع الى لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية واللجان الفرعية وهي لجان الطاقة والصحة والتدريب والابحاث والزراعة والمياه والموارد الطبيعية، لدراسة تفاصيله تمهيداً للمصادقة عليه نهائياً في البرلمان". ووصف بعض النواب هذا القرار بأنه تاريخي، فيما قال حداد عادل رئيس البرلمان الايراني ان البرلمان اراد توجيه رسالتين واحدة للداخل والاخرى للخارج "فرسالة الداخل هي ان المجلس يدافع عن المصالح الوطنية والثورة وكذلك عن جهود ومساعي العلماء الشبان الايرانيين". اما الرسالة الموجهة للخارج فهي ان البرلمان "لن ينصاع للاجبار بل سيتعاطى بكل منطق في الدفاع عن حقوق ايران في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية وهذا موقفنا للعالم اجمع". وتحدثت الاوساط البرلمانية عن دعمها استمرار التفاوض وقال النائب حاج بابائي عضو هيئة رئاسة البرلمان: "نحن حاضرون للتفاوض البنّاء والاستمرار في التجميد الموقت لعمليات تخصيب اليورانيوم لكن الوقف الكامل لعمليات التخصيب هو خط احمر". ويمثل المشروع البرلماني إلزام الحكومة استئناف عمليات التخصيب، قمة تصعيد متبادل في المواقف بين ايران من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي من جهة اخرى، ويجعل المواجهة مفتوحة على احتمالين: إما التوصل الى اتفاق في الربع الساعة الاخير وهو امر ممكن، وإما رفع الملف الى مجلس الامن في الاجتماع المقبل لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر الجاري. ولا تمانع ايران في الاستمرار في هذا التجميد اذا جاء ضمن آلية تفضي الى وضع حلول نهائية للملف النووي الايراني. وكانت لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في المجلس صادقت على الخطوط العريضة للمشروع في 24 ايلول سبتمبر الماضي.