ستة أيام قبل تدفق المواطنين الأميركيين إلى صناديق الاقتراع من شمال ولاية ألاسكا المتجمد وحتى جنوب ولاية ألاباما شبه الاستوائية، ومن جزر هاواي في الباسفيك وحتى أطراف ولاية ماين التي تقارع أمواج المحيط الأطلسي، تشير آخر التوقعات إلى احتمال انزلاق ولاية أوهايو، ولاية المعركة الانتخابية الحاسمة لهذا العام، إلى فوضى الشجار والمحاكم كما رأيناه في فلوريدا عام 2000، واضعة إلى الأبد شرعية رئاسة بوش قيد التساؤل. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" قراءها الثلثاء بأن استعار الاتهامات المتبادلة بالتزوير والتلاعب بين الجمهوريين والديموقراطيين، ما هو إلا "نموذجاً مصغراً عما قد نراه في الأيام، وربما الأسابيع التي ستلي الانتخابات". وتساءلت "واشنطن بوست" عما اذا كانت أوهايو التي لم يصل جمهوري الى الرئاسة من دون الفوز بها منذ انتخابات عام 1956، ستتحول فلوريدا عام 2004؟ المرشحان في تطاحن متساو والمعركة حتى كسر العظم. ورفع الحزب الجمهوري في الولاية 35 ألف طعن في أساليب الديموقراطيين في تسجيل الناخبين بسبب القسائم المزدوجة لأكثر من 120 ألف ناخب، فيما توجه الديموقراطيون إلى المحاكم احتجاجاً على عدم توافر الطواقم المطلوبة لضمان "عد كل صوت". وشأنها شأن الغالبية الساحقة من الصحف الأميركية، اطلت "واشنطن بوست" بصورة بيل كلينتون، شاحب الوجه فاقد الوزن، وجمهوره يرقص على أنغام كلماته كما يرقص المراهقون على أنغام نجوم البوب. وكي لا ننسى قدرة الرجل على حقن قاعدته بنشوة الجمهور، فعلى رغم تأخر انضمامه إلى فريق كيري، تدل الاستطلاعات الى أنه أعطى الحملة الديموقراطية دفعة هي في أمس الحاجة اليها في ولاية بنسلفانيا الحاسمة أيضاً. واظهر الاستطلاع اليومي للصحيفة امس، أن كيري يحظى في بنسلفانيا بنسبة تأييد قدرها 49 في المئة في مقابل 48 في المئة لبوش، أي تماماً عكس ما كانت عليه الأمور الاثنين قبل سحر كلينتون. من جهتها خصصت صحيفة اليمين المسيحي المتطرف "واشنطن تايمز" التي تخلت عن كل القضايا في هذه الحملة الانتخابية، حيزاً كبيراً لمصلحة التهويل في حرب بوش ضد الإرهاب و"ضعف كيري في قدرته على توفير الأمن للأميركيين" واعتبرت ذلك "قضية بوش الرابحة". واتهمت "واشنطن تايمز" كيري ب"الكذب في شأن الظروف التي أدت به لمؤازرة بوش، ومنحه صلاحية شن الحرب على العراق وغزوه واحتلاله". وقالت ان كيري "يدعي أنه ذهب للقاء مسؤولي الأمن القومي في إدارة بوش" قبل إدلائه بصوته في خريف عام 2002 ولكن هؤلاء لم يوفروا له "ما احتاجه من معلومات حول خطورة صدام". وجزمت الصحيفة ان الاجتماع لم يحدث وكيري يكذب. ولكن يبدو أن الصحيفة لم تدقق في حقيقة انعقاد اجتماعات كيري مع أعضاء مجلس الأمن القومي في واشنطنونيويورك، ذلك أن السجلات التي أفصح عنها من قبل إدارة بوش صباح الثلثاء، ساعات قليلة بعد كتابة الصحيفة لافتتاحيتها، تثبت صدق كيري. الى ذلك، انتقدت صحيفة "يو أس أي توداي" في افتتاحيتها الرئيسة الثلثاء كلاً من كيري وبوش و"جيوش حملاتهما الانتخابية" باللجوء إلى استغلال عامل الخوف لكسب الأصوات وحض الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع في استغلال سافر لمأساة 11 أيلول من جهة، وحلكة الأوضاع الاقتصادية، أو عزم بوش على خصخصة الضمان الاجتماعي من جهة أخرى. وطمأنت الصحيفة الوطنية الوحيدة في الولاياتالمتحدة تصدر في كل مكان قراءها الى ان "الحقيقة هي أن الرجلين ليسا بالخطيرين كما يصور أحدهما الآخر". وفسرت للناخبين ان "الحذر جيد ولكن المبالغة في القلق والخطر سيئة". وقالت: "تذكر أيها الناخب أن أسلوب التهديد من الخطر هو أحد التقاليد الانتخابية العريقة في تاريخ الولاياتالمتحدة". وفي صحيفة "نيويورك تايمز"، كتب المحامي ثيودور أولسون الذي أقنع المحكمة العليا بوضع بوش في البيت الأبيض عام 2000 وكافأه بوش بمقعد وزاري ولكنه استقال بعد فقدان زوجته في 11 أيلول، محذراً من ان في ظل "انتخابات بهذا القرب، على الأرجح أن نرى إعادة لما جرى عام 2000، ونرى الانتخابات تمتد طويلاً بعد الثاني من تشرين الثاني". قرب الأرقام، يقول أولسون، يخدم المتحدي كيري، ويضعه في موقع مغر للمحاربة في المحاكم.