خصصت صحيفة "واشنطن بوست" امس، افتتاحيتها المؤلفة من 1800 كلمة، لمبايعة جون كيري للرئاسة. ولم تكن مفاجأة من الصحيفة المحافظة اذ سبق ان بايعت آل غور عام 2000، لكن يمكن وصف مبايعتها لكيريي بالفاترة، إذا ما قورنت بنظيرتها الأولى في الولاياتالمتحدة: "نيويورك تايمز". كما أن "واشنطن بوست" تتعامل مع سجل بوش برأفة، متفادية لائحة الإدانة الطويلة التي فندتها ضده "نيويورك تايمز" على سبيل المثال. كما انها واكبت معسكر بوش في اتهامه لكيري بالتقلب إزاء العراق. ولا غرابة في هذا الموقف أيضاً، ذلك أن "واشنطن بوست" دعت بحماسة الى غزو العراق، على رغم اعترافها الذي نشرته على مضدد قبل أشهر، بأن شن الحرب ربما كان متسرعاً. وعبرت الصحيفة عن اختيارها لكيري، برصانة واتزان، مكتفية بعمومية الطرح في شرح الحكمة وراء اعتقادها بأن كيري أفضل. وعلى صفحة أعمدتها المتقابلة، فسر ديفيد برودر، الكاتب الليبرالي العريق، أن هذا الخيار "أقل من مثالي"، ذلك ان "خبرتنا مع بوش خلال الأعوام الأربعة، بينت قدرته على اتخاذ القرار والتمسك به على رغم معرفته بثغراته وما قد يشكله ذلك من خطر، في حين تعرفنا من خلال الحملة الانتخابية على مبالغة كيري في التقويم والنظر الى كل قضية من زوايا متعددة تجلب الضجر وقد تعطل القرار... لذا لا غرابة أن نرى السباق متقارباً في شكل لم نشهده من قبل". الى ذلك، كشفت "نيويورك تايمز" أن مصادرها الموثقة في كلا المعسكرين اكدت لها بأن المرشحين "سيخصصان جل طاقتيهما" وإمكانيتهما المالية للدعاية، والتنقل المرهق خلال الأيام الثمانية المقبلة بين الولايات ال11 المعروفة باسم ولايات المعارك الحاسمة. وأشارت الصحيفة إلى أنه في سبع من هذه الولايات على الأقل، يكاد يكون التنافس متساوياً في شكل كامل "مما يجعل التكهن مستحيلاً". وأضافت: "لذلك رأينا كيري يبتعد خلال اليومين الماضيين عن مهاجمة بوش شخصياً، وبدلاً من ذلك، حض سامعيه على الابتعاد عن مصيدة التخويف التي يستعملها بوش، والتفاؤل بالأمل الذي يطرحه هو". ولاحظت الصحيفة أن كيري ربما يكون استعار صفحة من حملة بيل كلينتون عام 1992 ضد بوش الأب. واتهمت ديانا ويست، صاحبة العمود الذي يشع يمينية ومحبة لشارون، وكرهاً لكل من يختلف مع اتجاه "واشنطن تايمز" المتطرف، الإعلام الأميركي خصوصاً المتلفز بالانحياز لكيري في شكل فاضح والتخلي عن الموضوعية المفترضة. ولذلك، نصحت ويست قراءها بأن "انتخاب بوش ليس فقط صوتاً رافضاً لكيري، ولكنه أيضاً صوت يرفض هيمنة الليبراليين: سي بي إس، سي إن إن ونيويورك تايمز". ويست التي لا تذكر على الإطلاق "فوكس نيوز"، شبكة الرأي اليميني الداعم لبوش المتنكرة كشبكة أخبار، تعود بنا إلى أيام حرب فيتنام لإثبات "عراقة الإعلام الليبرالي في مؤازرة أعداء أميركا"، وإلا "لماذا لا أحد يتكلم عن صور جون كيري على حائط متحف هانوي المخصص لهزيمة أميركا في فيتنام؟". وفي صحيفة "دالاس مورننغ نيوز" ولاية تكساس التي بايعت بوش وحذرت الناخبين من "نهاية العالم كما نعرفه" إذا انتخب كيري، اقترح مارك ديفس على بوش "لائحة واجبات" تبدأ في حض بوش على "إبراز كذب كيري أمام الناخب الأميركي في ما يتعلق بالحرب القائمة في العراق وعلى الإرهاب". وقالت: "كفى حضارة يا معسكر بوش في التعامل مع كيري، خصوصاً في ما يتعلق باستمراره في اتهام الرئيس بترك المجال أمام أسامة بن لادن للإفلات في تورا بورا". وثانياً، اقترح ديفيس على بوش، "إبراز أن الفضل يعود للرئيس" في عدم تكرار اعتداءات مثل 11 ايلول"، في اشارة مبطنة الى أنه لو كان كيري رئيساً لتكررت تلك الاعتداءات.