خصصت "نيويورك تايمز" الصحيفة الأميركية الأهم بين الأوساط السياسية والأكاديمية، افتتاحيتها الرئيسة امس، لإعلان مبايعتها للمرشح الديموقراطي جون كيري وضد الرئيس جورج بوش. وليس هنالك جديد في ذلك. فإن تأييد أحد المرشحين للرئاسة وحتى الشؤون الانتخابية الأخرى، تقليد صحافي قديم في الولاياتالمتحدة، ونيويورك تايمز تمنح تأييدها للمرشح الديموقراطي في كل دورة انتخابية. الجديد في الأمر، أن المبايعة جاءت هذه المرة مبكرة: سبعة عشر يوماً قبل الانتخابات. وثانياً التفاصيل التي تطرحها الافتتاحية في سياق شرحها للأسباب التي دفعتها لتأييد كيري، من تمكن المرشح الديموقراطي من القضايا المهمة التي تشغل بال الأميركيين وثقتها في قدرته على قيادة الأمة في ظروف عالم اليوم الحرجة، وإلى مآخذها على إدارة بوش من وضع مصير الدستور الأميركي بين يدي وزير العدل جون آشكروفت القادم من "الهامش اليميني المتطرف جداً"، وخداع الشعب الأميركي مع سبق الإصرار والترصد، لشن حرب غير مبررة على العراق "اعتماداً على أدلة ملفقة". وحذرت الصحيفة من خطورة إعادة بوش إلى البيت الأبيض لدورة ثانية، على الولاياتالمتحدة وعلى العالم. واتخذ توماس فريدمان من عموده في الصحيفة ذاتها امس، ليحذر من أن "الرئيس المقبل سيواجه ثلاثة تحديات رئيسة: الأولى، الضمان الاجتماعي، والثانية منافسة الأجيال الجديدة في الصين والهند لنظرائهم من الأميركيين والتفوق عليهم تقنياً"، وذلك بسبب معانات الأجيال الأميركية الجديدة من التراجع العلمي والمهني". أما التحدي الثالث، ف"إنه آت من العرب". يشرح فريدمان أن العالم العربي يحتفظ بأعلى نسبة تكاثر سكاني في العالم، وأن "ثلث العرب هم دون سن الخامسة عشرة"، وأنه في غياب التقدم والازدهار وتوسيع هامش الحرية والإصلاح في المنطقة العربية سيتحول هذا التكاثر إلى "سلاح إرهابي يهدد الولاياتالمتحدة". لذا قال فريدمان: "كنت متحمساً لشن الحرب على العراق لعل تخليصها من نظام صدام" سيجعل منها شريكة في بسط الحرية والديموقراطية في العالم العربي. في غضون ذلك، اختارت "واشنطن بوست" الإبادة الجماعية في السودان موضوعاً لافتتاحيتها. واشارت بكلمات حادة إلى أن "الذبح" لا يزال قائماً في السودان على رغم "مرور خمسة أسابيع منذ أن وصفه وزير الخارجية باول بالقتل الجماعي". وطرحت بالأرقام تحدي الحكومة السودانية لقرارات الأممالمتحدة: منذ الرابع من تشرين الاول أكتوبر الجاري 220 الفاً شردوا من بيوتهم. وتجاوز عدد القتلى منذ شهر آذار مارس الماضي أكثر من 70 الفاً. وتساءلت أين العالم ولماذا غابت السودان عن الحوار الانتخابي الأميركي؟ وأعطت الصحف الأميركية حيزاً لا بأس به لجريمة تدمير الكنائس العراقية اول من امس. واشارت "واشنطن تايمز" الى أن الانفجار الذي دمر الكنائس الخمس "حدث في ثاني أيام رمضان". ولاحظت ان آلاف المسيحيين هربوا من العراق بعد الاجتياح. وحذرت من أن الجالية العراقية المسيحية التي تضاءل عددها إلى أن أصبح أقل من 700 ألف تشعر بالتهديد والاستهداف من العناصر المتطرفة وتسعى للهجرة من موطنها التاريخي. وكانت "اللجنة الأميركية للحقوق المدنية" أصدرت تقريرها في الثامن من الشهر الجاري، والذي يندد بسجل إدارة الرئيس بوش في الحفاظ على الحقوق المدنية الأميركية. "هراء" تقول "واشنطن تايمز"، فإن ذلك ليس أكثر من محاولات لدمغ إدارة الرئيس "بغياب الحساسية المطلوبة تجاه القضايا". وحذرت الصحيفة في افتتاحيتها أن ذلك ينذر بأن المتطرفين من الناشطين الأميركيين الأفارقة مثل القس جيسي جاكسون سيحاولون استغلال ذلك لاتهام إدارة بوش بالعنصرية ومحاولة سرقة الانتخابات التي ادعاها جاكسون في انتخابات 2000 في ولاية فلوريدا التي يبدو أنها تذهب باتجاه بوش. ولكن إميل غييرمو كتب في عموده في صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل" ان هناك غياباً لسجل بوش "المظلم" في قضايا الحقوق المدنية، السجل الذي يعتبره الكاتب "عودة إلى الوراء ولأيام التفرقة العنصرية الواضحة". ولذلك يعتقد غييرمو ان الصحافة الأميركية "لم تحاسب بوش على سجله المخزي في هذا الميدان"، علماً انه "صنف الأميركيين العرب والمسلمين كطبقة خطرة".