قال قطب سياسي ان تأليف الحكومة الجديدة بات محكوماً بمعادلة لا بد من مراعاتها والتعاطي معها كأساس في المرحلة الراهنة وتنطلق من ان سورية ليست في وارد التخلي عن رئيس الجمهورية اميل لحود في مقابل تمسكها ببقاء رفيق الحريري رئيساً للحكومة مؤكداً ان الاتصالات السورية بالأخير ادت الى تطبيع العلاقة ولم يعد من مجال للتشكيك فيها. ولفت القطب الى ان الاعتقاد بأن تأخير تأليف الحكومة مرتبط بالقرار النهائي الذي سيصدر عن مجلس الأمن الدولي حول تنفيذ القرار 1559 يمكن ان يكون وارداً عند الذين لا يملكون اي تفسير آخر لتعليق المشاورات الرئاسية في شأن التحضير العملي للتغيير الوزاري. ولم يستبعد ان تعود حرارة المشاورات بين الرؤساء الثلاثة الى ذروتها مطلع الأسبوع المقبل بعد ان تكون المراسلات ولقاء لحود والحريري مساء مس بعيداً من الأضواء مهدت الأجواء لاستقالة الحكومة لتبدأ دورة جديدة من الاستشارات، لكن وفق الأصول الدستورية هذه المرة. واعترف القطب نفسه بأن لا بديل حتى إشعار آخر عن الحريري لتأليف الحكومة الجديدة مشيراً الى ان اللقاءات التي عقدت حتى الآن بين الرئيسين ادت الى تطرية الأجواء بعد انهاء القطيعة بينهما على رغم ان البعض يحاول من حين الى آخر الضغط لدفع الحريري الى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة الجديدة. الحريري وخياراته وأوضح القطب السياسي ان الحريري يبدي استعداداً للتعاون مع لحود وإنما مع التغيير في المنهج والأسلوب كاشفاً ان رئيس الحكومة كان صارح كبار المسؤولين السوريين بموقفه وأنه ماض في خياراته الاستراتيجية وبالتالي لا يجد مشكلة في البقاء خارج الحكومة مع الاستعداد لأي دور ترتأيه القيادة السورية طالما انه باق تحت مظلة الرئيس بشار الأسد. وفي هذا السياق اكد وزير بارز ل"الحياة" ان الحريري منفتح على لحود لكنه "لا يحبذ الاستمرار في الحكومة إذا استعيدت الأجواء نفسها التي خيمت على علاقتهما في السابق، خصوصاً انه يعتقد ان الوضع الدقيق الذي يمر فيه لبنان يستدعي توفير مناخ مريح يتيح للحكومة الجديدة التصدي للمشكلات العالقة". وكشف الوزير عن ان العلاقة بين دمشق ورئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" وليد جنبلاط وإن كان يخيم عليها الفتور، "فإن الجهود ناشطة لدفعها الى التهدئة من جهة ولفتح ثغرة تتيح استئناف الاتصالات من جهة اخرى، على رغم ان الأمر يحتاج الى وقت". وأضاف: "ان الخطاب الأخير للرئيس الأسد وإن كان اظهر فيه العين الحمراء إزاء جنبلاط للتعبير عن عدم الارتياح الى موقفه، فإن الأبواب لم تقفل كلياً في وجه مساعي التهدئة، خصوصاً ان رئيس التقدمي ليس في وارد الرد على الرئيس السوري وهذا ما أبلغه للحريري عندما التقاه مرتين في الأيام الماضية". وإذ اعترف الوزير بعدم ارتياح دمشق للمواقف التي اتخذها جنبلاط منذ التمديد للرئيس لحود "وصولاً الى انزعاجها منه"، قال في المقابل ان مسؤولين سوريين اخذوا في الأيام الأخيرة ينصحون بعدم الابتعاد عنه والبقاء الى جانبه". وتابع: "ان علاقة جنبلاط بدمشق عمرها اكثر من ربع قرن ويربطه بها تاريخ طويل من النضال المشترك والقطيعة القائمة بينهما حالياً لا يجوز ان تستمر، لكن الأمر متروك لعامل الوقت لمعرفة ما اذا كانت جهود التهدئة ستتطور تدريجاً لمصلحة العودة بها الى مجراها الطبيعي". وأوضح ان الحريري سيتواصل مع جنبلاط بعد تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة، اضافة الى انه لن يقطع اتصالاته بالبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير لافتاً الى ان المحاولات مستمرة من اجل التهدئة بصرف النظر عن مشاركة "اللقاء الديموقراطي" في الحكومة، مع ان مشاركته من جهة ومباركة بكركي من جهة ثانية للحكومة ستعززان الاعتقاد السائد بأن الفرصة لا تزال مواتية لقيام حكومة اتحاد وطني. وفي هذا الصدد اشار الوزير الى جانب من الحوار الذي دار بين السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعدد من اركان "لقاء قرنة شهوان" المعارض، إذ رحب بتأليف حكومة وفاق وطني مشيراً الى ان التمديد للحود "اصبح وراءنا". وقال ان فيلتمان ابلغ محدثيه ان لا يتوقع اي فريق موقفاً داعماً من الإدارة الأميركية في حال قرر خوض معركة لإسقاط لحود او الطعن برئاسته. وعزا السبب - بحسب الوزير - الى ان واشنطن تتحرك تحت سقف القرار 1559 وبالتالي ليست مستعدة لتوفير الغطاء لمن يطالب بإسقاط رئيس الجمهورية. واعتبر الوزير ان كلام السفير الأميركي قد يشجع "لقاء القرنة" والآخرين على فرملة مواقفهم ويدفعهم الى مراجعة حساباتهم من اجل التكيف مع الوضع الراهن، خصوصاً ان صدى كلامه وصل الى البطريرك صفير، الذي يمكنه الدخول على خط الاتصالات لإحياء فكرة تشكيل حكومة وفاق وطني وهذا ما يبرر رغبة الحريري في الالتفات مجدداً الى بكركي وجنبلاط ولو من باب القيام بمحاولة اخيرة من زاوية إشراك الجميع في المشاورات، وبعدها لا مشكلة في العدد اذا كان يضمن حكومة مريحة للبنانيين.