} تترقب الأوساط السياسية اللقاء الذي يعقد غداً بين رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود والنائب وليد جنبلاط، وهو الأول بينهما منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي، حين شارك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يومها في الاستشارات لتسمية رئيس الحكومة الجديدة، على رأس وفد كتلته النيابية. وتعتبر انه يشكل أول محاولة جدية لفتح حوار بينهما تأخر، بسبب الظروف والتطورات السياسية التي ترتبت عليها مواقف متباينة من القضايا المطروحة. اكدت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان النائب وليد جنبلاط سيزور الرئيس إميل لحود غداً الثلثاء. وقالت ل"الحياة" إن موعد الزيارة تقرر في اليومين الأخيرين بعد اتصالات تحضيرية أجريت على أكثر من صعيد. ولفتت الى عدم استباق نتائج اللقاء الذي يعقد في ظل اجواء تعكس وجود رغبة في الانفتاح. وعلمت "الحياة" من أوساط سياسية رسمية ان المسؤولين السوريين كانوا بدأوا يتحدثون، منذ أيام عن اجواء إيجابية تستعجل عقد اللقاء المنتظر بين لحود وجنبلاط. وأعربت الأوساط عن اعتقادها ان جواً من المصارحة سيغلب على اللقاء، على خلفية المواقف الصادرة عن جنبلاط، وإن كان بعضها لم يلق ارتياحاً لدى بعض كبار المسؤولين اللبنانيين. وتوقعت ان تمهد هذه الخطوة الطريق امام معاودة التواصل بين رئيس "التقدمي" ودمشق. وكشفت أن رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري ووزراء مقربين من "اللقاء الديموقراطي النيابي" كتلة جنبلاط شجعوا على ضرورة إنهاء القطيعة بين لحود وجنبلاط، وأثاروا الموضوع مع رئيس الجمهورية انطلاقاً من شعورهم ان هناك حاجة الى استيعاب رئيس "التقدمي"، على رغم عدم موافقتهم على مواقف اتخذها في مناسبات عدة. ورأت ان استرجاع جنبلاط الذي التقى ليل امس الحريري في حضور الوزير مروان حمادة، مهمة تبدو صعبة، لكنها ليست مستحيلة، خصوصاً أنها تسهم في تنفيس أجواء الاحتقان السياسي والطائفي، علماً أنه حرص على أن يميز موقفه عن الآخرين في تعاطيه مع ملف العلاقات اللبنانية - السورية، رافضاً الانضمام الى المطالبين بانسحاب الجيش السوري من لبنان وداعياً الى إعادة انتشاره، وآخذاً في الاعتبار الضرورات الاستراتيجية. وتابعت ان لقاء لحود وجنبلاط، وإن كان مهماً، لا يرتبط مباشرة بمسار علاقة الأخير بدمشق التي تتمنى في الوقت الحاضر على رئيس "التقدمي" مراعاة رئيس الجمهورية تمهيداً لإعادة تطبيع علاقته بالقيادة السورية. وأشارت الى "أن التحضيرات لفتح صفحة جديدة بين جنبلاط ودمشق قطعت شوطاً بعيداً"، مستبعدة "أن تكون هناك من مشكلة قد تؤدي الى إجهاض النتائج المرجوة لهذه الاتصالات". وأضافت ان صعوبة انضمام جنبلاط الى الحلف المناوئ للتجمع الذي يلتقي تحت عباءة البطريرك الماروني نصر الله صفير، لا تمنع من تحييده للحؤول دون لحاقه بهذا التجمع، شرط التعامل معه، منذ الآن، على أنه تغيير، ولا يمكن جنبلاط بمواقفه الراهنة ان يعود الى ما كان في السابق، انسجاماً مع بعض ما طرحه. وقالت الأوساط إن جنبلاط لن يتحول مناوئاً للدور السوري في لبنان، مهما حاول البعض الرهان على ذلك، استناداً الى رغبة هذا البعض في أن ينضم رئيس "التقدمي" الى الحلف الآخر الذي سيفقد غطاء سياسياً هو في حاجة إليه الآن، لمتابعة معركته ضد الوجود العسكري السوري. وعلى صعيد آخر، علمت "الحياة" من مصادر روحية، ان البطريرك صفير لم يحسم حتى الساعة قراره بالنسبة الى ذهابه الى دمشق اثناء زيارة البابا يوحنا بولس الثاني لها. وأكدت ان موقفين متعارضين يتجاذبان بكركي: الأول يشجع على الذهاب، والثاني لا يجد ضرورة له، بذريعة المواقف السلبية المنسوبة الى مصادر سورية في بعض وسائل الإعلام. واستناداً الى هذه المعلومات فإن بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس لحام كان تمنى على صفير التوجه الى سورية ليكون في عداد الوفد الفاتيكاني، معتبراً أن زيارته تسهم في بدء حوار هادئ بعيد من السجال الإعلامي الساخن الذي يفترض ان يتراجع تدريجاً. وفي هذا السياق، رأى نواب ووزراء يشجعون صفير على الزيارة، انها لا تحتاج الى دعوة رسمية، ويمكن الفاتيكان في حال موافقته ان يدرج اسمه في عداد الوفد، على غرار ما فعله يوم زار القاهرة ضمن الوفد البابوي، وتخلف عن مرافقة البابا في زيارته لفلسطين المحتلة. وأكد النواب والوزراء ان صفير سيلقى كل ترحيب من المسؤولين السوريين. وتوقعوا ان يلتقيه الرئيس بشار الأسد، مشيرين الى أن مجرد اللقاء سيوفر المناخ لانطلاق حوار هادئ، لا مكان فيه للتشنج أو لتبادل الضغوط.