اجتازت أفغانستان أمس الانتخابات الرئاسية الأولى التي تشهدها في تاريخها بسلام من دون تسجيل هجمات كبيرة توعدت حركة "طالبان" بشنها لتعطيل عمليات الاقتراع. وتحدى كثيرون من الأفغان البرد القارس وتهديدات "طالبان"، وبدأوا في الادلاء بأصواتهم بأعداد كبيرة منذ الصباح الباكر، فيما مددت عمليات الاقتراع ساعتين. لكن الانتخابات التي تعلق واشنطن آمالاً كبيرة على نجاحها، شهدت نكسة سياسية بعدما اتهم منافسو الرئيس حامد كارزاي، المدعوم أميركياً، السلطات بالتلاعب، وقرروا مقاطعة الانتخابات وأعلنوا رفضهم لنتائجها، مما يعني عملياً أن كارزاي خاض الانتخابات وحيداً. راجع ص8 وقال المرشح المنافس عبدالستار صراط بعد اجتماع ضم المرشحين أو ممثلين عنهم ان "انتخابات اليوم ليست شرعية لافتقادها الشفافية"، مشيراً الى ان 14 مرشحا من اصل 18 وافقوا على الانضمام الى المقاطعة. وكان اثنان من هؤلاء سحبوا ترشيحهم لمصلحة كارزاي الاسبوع الماضي. واتهم أكثر من مرشح السلطة باستخدام نوع من الحبر يمكن محوه لتمكين الناخب الواحد من التصويت أكثر من مرة، وباستخدام ثلاثة ملايين بطاقة هوية مزورة لترجيح موقف كارزاي. كما اتهم ممثلون للمرشحين في باكستان المسؤولين عن الانتخابات التابعين للمنظمة الدولية للهجرة بتشجيع الناخبين على إعطاء أصواتهم لكارزاي، وبالسماح لأطفال تحت سن الاقتراع بالادلاء بأصواتهم. وأكدت الامرأة الوحيدة المرشحة مسعودة جلال حصول عمليات تزوير، إلا انها لم تطالب بالغاء الانتخابات على الفور ودعت الى فتح تحقيق. لكن لجنة الانتخابات الافغانية أعلنت بعد دراسة سريعة لشكوى المعارضة ان الانتخابات ستمضي قدماً، فيما قال الرئيس الافغاني بعدما أدلى بصوته في مكتب للاقتراع في كابول ان "الوقت فات" لتعليق الانتخابات وتنظيم انتخابات جديدة، "بعدما تحدى ملايين الافغان المطر والثلج من اجل المشاركة في التصويت"، داعياً الى "احترام ارادة الشعب". ميدانياً، جرت عمليات الاقتراع في أجواء هادئة، عكرتها أحداث أمنية متفرقة، ووسط اجراءات مشددة شارك فيها 20 ألف شرطي و16 ألف جندي افغاني و18 ألف جندي من التحالف بقيادة اميركية وتسعة آلاف جندي بقيادة قوة "ايساف". وبدا ان الاهتمام انصب على عدد المقترعين لمعرفة مدى نسبة التحدي ل"طالبان" وعلى حصول كارزاي، الاوفر حظا، على نسبة الاصوات اللازمة وهي 51 في المئة لتجنب خوض دورة ثانية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وأعربت مصادر في فريق كارزاي عن الأمل بأن يدلي 60 في المئة على الاقل من الناخبين البالغ عددهم نحو 12 مليوناً بأصواتهم مما سيسهم بشكل كبير في اثبات ان الديموقراطية حققت بداية قوية في بلد غزته القوات التي قادتها الولاياتالمتحدة قبل ثلاثة أعوام ومازال يديره الى حد كبير امراء الحرب الاقليميون. كما يعلق الرئيس جورج بوش الذي يواجه انتخابات رئاسية الشهر المقبل أهمية كبيرة على الانتخابات الافغانية باعتبارها انتصاراً للديموقراطية ونجاحاً للسياسة الخارجية لادارته، وسابقة يمكن تطبيقها في العراق مطلع السنة المقبلة. وسيمر اسبوعان او ثلاثة على الاقل لمعرفة نتيجة الانتخابات، بعدما قررت اللجنة الانتخابية المكلفة تنظيم الاقتراع وتضم ممثلين عن السلطات الافغانية والامم المتحدة ان يتركز فرز الاصوات في ثمانية مراكز كبرى في البلاد هي كابول وقندهار جنوب وهراة غرب ومزار الشريف شمال وقندوز شمال وجلال اباد شرق وباميان وسط وغارديز جنوب شرق. وستخضع هذه المراكز لاجراءات امنية مشددة لتجنب شن هجمات عليها. ويفترض ان يتم نقل بطاقات الاقتراع الى هذه المراكز قبل فرزها، وهي عملية قد تستغرق أياماً عدة.