صادق أعضاء مجلس الأعيان الأفغاني لويه جركه بإجماع عبروا عنه وقوفاً أمس، على أول دستور لمرحلة ما بعد "طالبان". وجاء ذلك بعد اتفاق أدى إلى تذليل الخلافات بين ممثلي مختلف الأعراق، خصوصاً في ما يتعلق باللغات المعتمدة رسمياً، وصلاحيات الرئيس. وسمح الاتفاق للطاجيك والأوزبك وغيرهما باعتماد لغاتهم في مناطق سيطرتهم، إلى جانب لغتي الداري الفارسية والبشتونية المعتمدتين في أنحاء أفغانستان منذ عقود طويلة. وجاء الاتفاق بعد ثلاثة أسابيع من المفاوضات الصعبة التي تخللتها خلافات كادت تودي بال"لويه جركه" كمجلس تأسيسي كلّف العمل على اعتماد نظام للحكم بموجب اتفاق بون للسلام عام 2002. ويمهد ذلك لإجراء أول انتخابات ديموقراطية في البلاد الربيع المقبل. واعتبر الرئيس حميد كارزاي أن ال"لويه جركه" خرجت بصيغة "لا غالب ولا مغلوب" في الاتفاق، معتبراً أن ذلك "إنجاز لكل الأفغان"، فيما قال رئيس المجلس صبغة الله مجددي إن الشعب الأفغاني "تجاوز الانقسامات، ويأمل في الوقوف أمة واحدة، في مواجهة تحديات المستقبل". ووصف السفير الأميركي زلماي خليل زاد الدستور الأفغاني الجديد بأنه "أكثر الدساتير تنويراً في العالم الإسلامي". وكان مجددي وزع على المندوبين ال502 البنود ال160 للدستور الجديد، ثم طلب منهم الوقوف في حال موافقتهم عليها. ووقف المندوبون جميعاً لمدة 30 ثانية، علا بعدها التصفيق في القاعة. ونجح كارزاي البشتوني في إخماد الانتقادات من جانب تحالف الشمال الطاجيك والأوزبك للسلطات الواسعة التي منحه إياها الدستور الجديد، مشدداً على أنه خاضع للمحاسبة أمام البرلمان والأمة. وهدد بالعزوف عن ترشيح نفسه للرئاسة، في حال جرى الحد من صلاحياته أو أصر تحالف الشمال على اعتماد نظام برلماني. وجرى تجاوز هذه المشكلة باعتماد نائبين للرئيس يكونان من غير البشتون، سعياً الى توازن في القوى، كما اتفق على أن تكون المرجعية للبرلمان في القضايا الأساسية مثل التعديلات في نظام الحكم والتوازن في التمثيل والمشاركة. واعتبر الرئيس دستورياً، قائداً أعلى للقوات المسلحة. ولحظ الدستور الجديد دوراً أكبر للنساء من خلال توسيع مشاركتهن في البرلمان المقبل، كما تم التخلي عن فرض الشريعة، علماً بأن الدستور أقر بأن أفغانستان "جمهورية إسلامية". وعني الدستور الجديد بنواحٍ عدة مثل وضع ضوابط لحرية الإعلام، ونظام تعليمي متوازن، وإعادة دمج الميليشيات بالمجتمع. ونص على تشكيل لجنة لمتابعة دستورية القوانين. ولوحظ تململ لدى مندوبي المناطق الجنوبية والشرقية نظراً إلى أن لغتهم البشتونية لم تعد اللغة الأولى في البلاد كما كان الحال عليه في الدستور المعتمد منذ عام 1964. وحذر ديبلوماسيون أجانب من انعكاس ذلك على مدى تقبل تلك المناطق للصيغة الجديدة للحكم، خصوصاً أن "طالبان" وحلفاءها ما زالوا ينشطون في تلك المناطق المحاذية لباكستان. وقوبل إقرار الدستور الأفغاني الجديد بترحيب واسع إقليمياً ودولياً، واعتبرت عواصم غربية عدة أنه خطوة أساسية في اتجاه إعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحروب، داعية إلى دعم أكبر لأفغانستان من جانب المجتمع الدولي.