تخوض الممثلة اللبنانية الشابة ندى بو فرحات في مشاريع وأعمال متعددة حالياً. فبعد مشاركتها في بطولة الفيلم اللبناني "يا...را" الذي يعرض في الصالات اللبنانية، من تأليف رينيه غوش وإخراج غابي سعد، وهو الفيلم الذي نالت عنه جائزة افضل ممثلة في مهرجان تازة في المغرب، ها هي اليوم تحضّر لبطولة فيلمين سينمائيين احدهما انتاج مشترك لبناني - مغربي من اخراج غابي سعد وكتابة د.محمد المعزوز، والثاني إنتاج محلي من تأليف ريشار ميلان، فضلاً عن مسلسلين محليين واحد من تأليف شكري انيس فاخوري والثاني من تأليف ريشار ميلان ايضاً، اضافة الى مسرحية مغربية بالفصحى. النضج الذي اكتسبته ندى بو فرحات في السنوات الأخيرة يؤهلها اليوم لتجسيد مختلف الأدوار في السينما والمسرح والتلفزيون ويمنحها القدرة على صب موهبتها في اي نص ذكي او حوار مشوّق كما تقول. وتتابع: "بفضل مسرحية "غنوة" التي شاركت في إخراجها الى جانب جان صادق، كانت لي اسفار كثيرة الى الخارج حيث استمديت قوة وخبرة وأمل في المستقبل، فإن غابت الأدوار التي اطمح إليها في لبنان فهي موجودة حتماً في الخارج حيث تعرفت الى اناس مثقفين ينظرون الى الفن بشكل مغاير عما تعودنا عليه في لبنان. إذ للأسف عندنا لا مكان إلا للأعمال التجارية والفن بات يوازي التسلية في حين يوجد كثير من الشباب الذين يطمحون الى اكثر من ذلك بكثير. وفي الحقيقة، الأمل الذي استمديته من الخارج هو الذي شجعني على ان أتريث ولا أقبل كل ما يعرض عليّ. والفيلم المغربي - اللبناني الذي أشارك في بطولته قد يؤهلني لأقوم بعمل آخر فرنسي- مغربي هذه المرة. مافيات صغيرة والحديث عن الإنتاج المحلي اللبناني له نكهة مرّة على لسان ندى بو فرحات. إذ ان كل ما يعرض على الشاشة الصغيرة بات تجاري بامتياز كما تردد، وتقول: "للأسف اهل الفن في لبنان يكونون مافيات صغيرة لكل واحد، منها فريق عملها ومساعديها الدائمين. وفي النهاية الذي يكتب اكثر من غيره هو الذي يستعمل فريقه ويسوّقه على الشاشة، علماً ان كل ما نراه يسير بعقلية تجارية حتى لو توقف الدماغ عن العمل. فالتلفزيون اضحى لمجرد التسلية وهذا ليس خطأ. لكن من جهة اخرى، اتمنى لو انه يوجد في المقابل اشياء تحرّك ذكاء المشاهد الى جانب التسلية، حتى في الكوميديا، يجب ان نقدم الكوميديا الذكية لا الهزلية. من هنا اتساءل لماذا لا نقتدي بالدول المتطورة ونسير على خطاها فنقدم الاثنين معاً كما تفعل حيث نرى الأعمال المسلية والأعمال المثقفة جنباً الى جنب". وتعزو ندى بو فرحات السبب في ذلك الى الكتّاب الذين لا يفكرون إلا بالربح والمردود المادي. تقول: "الكتّاب هم المسؤولون الأساسيون في هذا الأمر، إذ عليهم تتوقف القصة وموضوعها. وهذا لا يعني انه لا يوجد عندنا كتّاب حقيقيون، على العكس لدينا المواهب إلا انها تخشى القيام بشيء جديد خوفاً من ألاّ تلقى ترحيب الجمهور والمعلنين معاً، وهنا يكمن جوهر الخطأ. فالجمهور في رأيي يطلب ما نعوّده عليه من هنا ما علينا إلا ان نقفز هذه القفزة وحتماً سيكون التغيير لمصلحة الجميع". فهل اخذت ندى بو فرحات حقها كممثلة شابة في ظل هذه الأجواء "المافياوية" كما وصفتها؟ "اعتبر ان تلفزيون لبنان وشكري انيس فاخوري تحديداً اعطياني حقي. ففي النهاية تلفزيون لبنان هو الذي ابرز موهبتي على الشاشة وأعطاني فرصة الظهور امام الناس، إلا انني بالتأكيد استطيع ان اعطي اكثر من ذلك بكثير وأجد نفسي في ادوار متنوعة. ومع هذا اقول دائماً ان على الممثل ان يعطي مجالاً لغيره فلا يحتكر الشاشة طوال الوقت إذ لكل شخص وقته". وتتابع قائلة: "الجوائز التي نلتها في الخارج اعطتني دفعاً كبيراً للإقدام حتى لو انني لم أكرّم في لبنان حيث النظرة للفن وضيعة، فهم لا وقت لديهم للتدقيق بمؤهلات الفنان وما اذا كان باستطاعته ان يعطي العمل ام لا. من هنا افضّل ان احصل على التنويه من اشخاص مثقفين محترمين لا من اشخاص تسيّرهم هذه العقلية التجارية". مرور الكرام النقد الذي طاول الأعمال المحلية لم يسلم منه الممثلون من ابناء جيلها، لذا تتردد ندى بو فرحات في البوح بأنها لا تجد اليوم على الشاشة ممثلاً واحداً يستحق التقدير. وتقول: "كل الذين نراهم اليوم على التلفزيون يمرّون مرور الكرام، فلا اجد ممثلة او ممثلاً قادراً على ان يحبس انفاسي وهنا اقصد الممثلين الجدد لا الممثلين الحقيقيين امثال كارمن لبّس ورولا حمادة. ولئلا اظلم الجميع أستطيع ان اقول ان جويل بحلق ملكة جمال لبنان السابقة شدّتني بقوة عندما شاهدتها في احد الأعمال التلفزيونية، إذ وجدت عندها الكاريزما في العينين والتركيز على الدور والصوت الرائع، كل هذا عدا عن جمالها الباهر. وأيضاً أذكر برناديت حديب فهي ممثلة رائعة". وعن دورها في "يا... را" تقول: "خضت في هذا العمل اول بطولة سينمائية لي وأعتقد انني نجحت في دوري والدليل على ذلك الجائزة التي نلتها كأفضل ممثلة. من جهة اخرى "يا...را" من الأفلام التي تجبر الجمهور على الانقسام حولها فإما ان تكوني معها او ان تكوني ضدها، فالقصة جديدة ولا يمكن وضعها في كادر الأفلام التجارية. والحقيقة لاقى هذا العمل اقبالاً جيداً عند الجمهور نسبة لكونه غريباً بعض الشيء عما ألفه الناس. وقد جسّدت فيه شخصية يارا، الفتاة التي يتملكها حب مرضي بالتمثيل حتى انها لا تتوانى عن عيش هذه الأدوار في الحياة الطبيعية، مرغمة زوجها الذي يهيم بحبها الى درجة الجنون على الدخول في هذه اللعبة والقبول بشروطها. وتكمن اهمية هذا العمل بالنسبة إليّ كوني لعبت اكثر من شخصية مرة واحدة الأمر الذي ابرز موهبتي وقدراتي، حتى انني في بعض الأحيان تقمصت الدور بالكامل ونسيت كل ما يجري في الخارج. ولا أنكر مدى التعب الذي تكبدته جراء هذا الدور إلا انني في الوقت نفسه شعرت بارتياح تام بالتعامل مع فريق عمل "يارا" خصوصاً الكاتبة رينيه غوش التي ساعدتني كثيراً لأسير كما تشتهي علماً انني تقبلت ملاحظاتها بصدر رحب. اما التمثيل الى جانب بيار داغر فكان يسوده الاحترام وبدوره احاطنا غابي سعد بجوّ مناسب لنتمكن من تقديم الأفضل". ويبقى ان نسأل: "هل تشارك ندى بو فرحات يارا في عشقها الجنوني للتمثيل"؟ "ابداً، تجيب ندى، الحب اولاً والعمل ثانياً".